“تـان تـان” والـمـلـك فـيـصـل الـثّـاني

الـدّكـتـور صـبـاح الـنّـاصـري

في أواخـر خـمـسـيـنـيـات الـقـرن الـمـاضي، كـان أخي الأكـبـر مـنّي، خـالـد، يـذهـب كـلّ أسـبـوع لـيـشـتـري عـنـد بـائـع الـجـرائـد الـقـريـب مـن حـيّـنـا في بـغـداد الـعـدد الأخـيـر مـن “سـمـيـر، مـجـلّـة الأولاد” الـقـاهـريـة. (1)

samir

وكـنـت أصـاحـبـه مـع أخي الأصـغـر مـنّي، طـلال، أو كـنّـا نـنـتـظـره في الـدّار. وكـنّـا نـنـتـظـر بـعـد ذلـك بـنـفـاد صـبـر أن يـنـتـهي مـن قـراءتـهـا لـنـرتـمي عـلـيـهـا ونـلـتـهـم مـا فـيـهـا بـأسـرع مـا يـمـكـن، عـلى شـرفـة دارنـا الـمـطـلّـة عـلى دجـلـة، أو في حـديـقـتـنـا تـحـت ظـلال أشـجـار الـنّـارنـج.

وقـد اكـتـشـفـنـا في هـذه الـمـجـلّـة، إلى جـانـب مـغـامـرات “تـهـتـه وسـمـيـر”

samir-2

و “بـعـجـر” و “بـاسـل الـكـشّـاف الـشّـجـاع”، مـغـامـرات أخـرى كـتـبـهـا ورسـمـهـا الـبـلـجـيـكي هـيـرجـيـه : “مـغـامـرات تـان تـان”.

مـغـامـرات تـان تـان :

نـجـد في مـكـتـبـات الـغـرب أعـداداً هـائـلـة مـن ألـبـومـات لـنـصـوص سـرديـة مـرسـومـة، يـسـمـيـهـا الأمـريـكـان بـالـكـومـيـكـس  Comics والـفـرنـسـيـون بـالـ Bandes dessinées   أي الـشّـرائـط الـمـرسـومـة.

وكـانـت هـذه الألـبـومـات تـتـوجّـه في الأصـل لـلـنّـاشـئـة ولـكـنّـهـا تـتـوجـه الآن لـكـلّ الـنّـاس مـن كـلّ الأعـمـار.

وقـد ادّعى الـرّسّـام الـبـلـجـيـكي جـورج ريـمي (1907ـ 1983) والـمـعـروف بـاسـم هـيـرجـيـه  Hergé (الـنّـاطـق بـالـلـغـة الـفـرنـسـيـة) بـأنّ أعـمـار قـرّاء ألـبـومـاتـه تـان تـان Tintin (أسـمـاهـا بـاسـم بـطـلـهـا الـشّـاب) تـتـراوح بـيـن سـبـعـة وسـبـعـة وسـبـعـيـن عـامـاً. وصـارت جـمـلـة :  “مـن سـبـعـة إلى سـبـعـة وسـبـعـيـن”  شـعـاراً دعـائـيـاً لـه يـردده الـجـمـيـع حـالـمـا يُـذكـر اسـم تـان تـان. (2)

ويـقـال إنّ الـجـنـرال ديـغـول أجـاب صـحـفـيـاً ذكـر لـه أنّـه كـان أشـهـر شـخـصـيـة فـرنـسـيـة في الـعـالـم : “تـان تـان أشـهـر مـنّي !”.

وقـد نـشـر هـيـرجـيـه أوّل ألـبـومـات “تـان تـان” سـنـة 1929.

%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d9%88%d9%85%d9%8a%d9%84%d9%88

 

وتـأتي أهـمـيـة هـيـرجـيـه مـن أنّـه خـلـق أسـلـوبـاً جـديـداً في رسـم قـصـصـه عُـرف بـأسـلـوب “الـخـطـوط الـواضـحـة”، فـهـو قـد تـخـلـص في رسـومـه مـن كـلّ الـتّـفـاصـيـل الـثّـانـويـة الّـتي كـانـت تـثـقـلـهـا، ولـم يُـبـقِ إلّا الـخـطـوط الـرّئـيـسـيـة الـبـالـغـة الـوضـوح والـنّـقـاء لـلأشـخـاص والأمـاكـن والأشـيـاء الّـتي يـمـلأهـا بـألـوان زاهـيـة صـافـيـة.

وقـد حـسّـن أسـلـوبـه شـيـئـاً فـشـيـئـاً إلى أن بـلـغ بـه درجـة عـالـيـة مـن الـجـمـالـيـة. وتـبـعـه في ذلـك عـدد كـبـيـر مـن الـرّسّـامـيـن حـتّى أصـبـح أسـلـوب “الـخـطـوط الـواضـحـة” مـدرسـة فـنّـيـة اكـتـسـبـت نـفـس أهـمـيـة الـمـدارس الـفـنّـيـة الأخـرى.

وقـد خُـصـص لـلـرّسّـام هـيـرجـيـه ولـشـخـصـيـتـه الـمـرسـومـة “تـان تـان” مـتـحـف في مـديـنـة بـروكـسـل، عـاصـمـة بـلـجـيـكـا. كـمـا تـقـام لـه مـعـارض فـنّـيـة مـهـمّـة في الـمـتـاحـف وقـاعـات الـعـرض مـثـل الـمـعـرض الّـذي أقـيـم في بـاريـس هـذا الـعـام.

تـان تـان في بـلاد الـذّهـب الأسـود :

نـشـر هـيـرجـيـه بـيـن أيـلـول 1939 وأيّـار 1940 قـصّـة سـرديّـة بـرسـوم في خـانـات مـتـتـابـعـة في مـجـلّـة “صـغـيـر الـقـرن الـعـشـريـنLe petit Vingtième ” الـبـلـجـيـكـيـة  تـحـت عـنـوان : “تـان تـان في بـلاد الـذّهـب الأسـود”. وكـانـت رسـومـهـا بـالأبـيـض والأسـود.

%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d8%b5%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b4%d8%b1%d9%8a%d9%86

ثـمّ أعـاد نـشـرهـا في مـجـلّـة “تـان تـان” ولـكـن بـالألـوان هـذا الـمـرّة بـيـن 1948 و1950. ونـشـر قـصّـتـه الـمـرسـومـة هـذه بـالألـوان في ألـبـوم عـام 1950.

%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d8%ba%d9%84%d8%a7%d9%81-3

وقـد نـشـر هـيـرجـيـه قـصـتـه هـذه، كـمـا ذكـرنـا في بـدايـة الـحـرب الـعـالـمـيـة الـثّـانـيـة. وهي قـصـة خـيـالـيـة لـهـا عـلاقـة بـالـصّـراع بـيـن الـمـعـسـكـريـن الـمـتـحـاربـيـن : الـحـلـفـاء والـمـحـور، رغـم أنّـه رسـمـهـا قـبـل انـدلاع الـحـرب.

ويـنـبـغي أنّ أشـيـر هـنـا إلى أنّ مـجـلّـة  “صـغـيـر الـقـرن الـعـشـريـن  Le petit Vingtième”  الّـتي نـشـرهـا فـيـهـا أوّل مـرّة كـانـت مـجـلّـة يـمـيـنـيـة تـروّج لـلأفـكـار الإسـتـعـمـاريـة الإسـتـعـلائـيـة، وتـلـقي عـلى “الـشّـعـوب الـمـتـخـلّـفـة” نـظـرة فـيـهـا كـثـيـر مـن الـسّـخـريـة الإحـتـقـاريـة.

قـصّـة الألـبـوم :

tintin-couverture

تـبـدأ الـقـصّـة بـتـوصّـل مـجـمـوعـات إجـرامـيـة إلى تـسـويـق وقـود “بـنـزيـن” مـغـشـوش أدّى إلى انـفـجـار عـدّة سـيّـارات، ولـهـذا قـررّ الـصّـحـفي الـشّـاب تـان تـان الـسّـفـر إلى الـشّـرق الأدنى لـيـحـقـق في الأمـر.

%d8%a8%d8%af%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d8%aa%d8%a7%d9%86

وصـاحـبـه في مـغـامـرتـه هـذه، مـثـلـمـا في كـلّ الـمـغـامـرات الأخـرى كـلـبـه الأبـيـض الـصّـغـيـر “مـيـلـو”، ورفـيـقـه الـطّـيـب الـقـلـب الـسّـكّـيـر الـمـعـربـد الـقـبـطـان هـادوك.

%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d9%88%d8%a3%d8%b5%d8%ad%d8%a7%d8%a8%d9%87

وعـنـدمـا وصـل تـان تـان إلى إمـارة خـمـيـد Khmed    وجـد أنّ شـركـتـيـن مـنـتـجـتـيـن لـلـنّـفـط  : الأرابـكـس    l’Arebex   والـسـكـويـل بـيـتـرولـيـوم  la Skoil Petroleum  كـانـتـا قـد أشـعـلـتـا صـراعـاً عـلى الـسّـلـطـة بـيـن الأمـيـر مـحـمّـد بـن كـالـيـش الـزّاب  l’émir Mohammed Ben Kalish Ezab

%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d9%8a%d8%b1

والـشّـيـخ بـاب الإحـر  Bab El Ehr.

%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ad%d8%b1

ونـرى طـائـرات الأمـيـر تـلقي عـلى مـضـارب الـشّـيـخ بـأوراق هـجـمـات دعـائـيـة ضـدّه، ونـرى الـشّـيـخ يـسـبّ ويـلـعـن بـالـلـغـة الـعـربـيـة في الـنّـصّ، و”مـيـلـو”، كـلـب تـاتـان الأبـيـض الـصّـغـيـر يـطـلـب مـنـه بـالـفـرنـسـيـة : “لا تـسـتـمـع إلـيـه، فـلابـد أنّ مـا يـقـولـه شـديـد الـبـذاءة”.

tintin-au-paysواكـتـشـف تـان تـان أيـضـاً أنّ الألـمـاني دكـتـور مـيـلـر docteur Müller  الـذّي انـتـحـل شـخـصـيـة عـالـم آثـار، كـان يـمـثّـل شـركـة سـكـويـل،  وأنّـه كـان عـمـيـلاً سـريّـاً لـ “قـوّة أجـنـبـيـة” تـريـد الـسّـيـطـرة عـلى آبـار الـنّـفـط وعـلى مـخـزونـه في الـعـالـم لـتـسـتـطـيـع احـتـكـاره في حـالـة انـدلاع حـرب وإفـسـاد مـا يـسـتـطـيـع الأعـداء الـحـصـول عـلـيـه. ويـقـصـد بـالـقـوّة الأجـنـبـيـة ألـمـانـيـا الّـتي كـانـت تـسـتـعـد لـدخـول الـحـرب ضـدّ الـحـلـفـاء ومـن بـيـنـهـم فـرنـسـا وتـابـعـتـهـا بـلـجـيـكـا.

وفي الـصّـيـغـة الأولى الّـتي نـشـرت في 1939، أثـار تـان تـان الـشّـكـوك بـأنّـه كـان يـتـاجـر بـالـمـخـدرات، وقـبـض عـلـيـه. وخـلال نـقـلـه إلى الـسّـجـن اسـتـطـاع بـعـض أعـضـاء مـنـظـمـة الأرغـون الـصّـهـيـونـيـة الإرهـابـيـة خـطـفـه مـن بـيـن أيـدي رجـال الـشّـرطـة مـعـتـقـديـن أنّـه كـان زمـيـلـهـم سـالـمـون غـولـدشـتـايـن، فـقـد كـان الـشّـبـه بـيـنـهـمـا كـبـيـراً. ولـكـن رجـال الـشّـيـخ بـاب الإحـر تـابـعـوهـم مـعـتـقـديـن هـم أيـضـاً أنّـه غـولـدشـتـايـن وقـبـضـوا عـلـيـه. وبـعـد أن اكـتـشـفـوا الـحـقـيـقـة تـركـوه وحـده وسـط الـصّـحـراء حـتّى أغـمي عـلـيـه مـن الـعـطـش!

ولـكـن هـذا الـجـزء مـن الـقـصّـة حـذف في صـيـغـة 1948، أي بـعـد إنـشـاء دولـة إسـرائـيـل، ومـحـو دور الـمـنـظـمـات الإرهـابـيـة في إنـشـائـهـا مـن مـقـالات الـصّـحـافـة وكـتـب الـتّـاريـخ في الـغـرب. وتـغـيّـر الـسّـيـنـاريـو. وقـد أثّـار تـان تـان في الـسّـيـنـاريـو الـجـديـد الـشّـكـوك بـأنّـه كـان يـمـدّ الـشّـيـخ بـاب الإحـر بـالـسّـلاح، فـقـبـض عـلـيـه رجـال الأمـيـر مـحـمّـد بـن كـالـيـش الـزّاب.

وقـد اسـتـطـاع الـشّـيـخ بـاب الإحـر خـطـفـه مـن قـصـر الأمـيـر. ولـكـنّـه أدرك خـطـأه بـعـد ذلـك فـ “تـان تـان” لا يـتـاجـر بـالأسـلـحـة، ولـهـذا اصـطـحـبـه رجـالـه إلى الـصّـحـراء وتـركـوه وحـده بـلا مـاء.

%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d8%aa%d8%a7%d9%86

ولـكـنّ تـان تـان بـعـد أن غـشي عـلـيـه اسـتـعـاد وعـيـه، وأبـصـر بـالـدّكـتـور مـيـلـر وهـو يـخـرب أنـابـيـب الـنّـفـط.

وبـعـد ذلـك وصـل رجـلا الـشّـرطـة الـمـدنـيـيـن دوبـونـت و دوبـونـد (وهـمـا شـخـصـان مـضـحـكـان)

%d8%af%d9%88%d8%a8%d9%88%d9%86%d8%aa-%d9%88%d8%af%d9%88%d8%a8%d9%88%d9%86%d8%af-2

وكـانـا يـحـقـقـان في نـفـس الـقـضّـيـة. وأنـقـذاه وأعـاداه إلى الـمـديـنـة الّـتي فـيـهـا قـصـر الأمـيـر مـحـمّـد بـن كـالـيـش الـزّاب.

وفي نـفـس الـوقـت، تـوصّـل الـدّكـتـور مـيـلـر إلى خـطـف عـبـد الله، إبـن الأمـيـر، لـيـجـبـر والـده الأمـيـر عـلى طـرد شـركـة الأرابـكـس مـن أراضـيـه ولـيـتـرك إنـتـاج الـنّـفـط لـشـركـة الـسـكـويـل بـيـتـرولـيـوم. واتّـهـم الـدّكـتـور مـيـلـر الـشّـيـخ بـاب الإحـر بـخـطـف ابـن الأمـيـر لـكي يـبـعـد عـنـه الـشّـكـوك.

%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d8%aa%d8%a7%d9%86-40

واسـتـلـم الأمـيـر رسـالـة الـدّكـتـور مـيـلـر الّـتي وقّـعـهـا بـاسـم الـشّـيـخ

%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d8%aa%d8%a7%d9%86-005

ونـلاحـظ أنّ الّـذي كـتـبـهـا بـالـلـغـة الـعـربـيـة في الـنّـصّ الأصـلي، والّـذي لـم أجـد عـنـه أيّـة مـعـلـومـات، كـتـب “مـحـمـد بـن خـلـيـل” بـدلاً مـن ” l’émir Mohammed Ben Kalish Ezab “، وكـتـب “بـاب الأمـيـر”  بـدلاً مـن “Bab El Ehr”.  ولا بـدّ أنّـه فـعـل ذلـك لأنّ الأسـمـاء الـغـريـبـة الـمـضـحـكـة الّـتي اخـتـلـقـهـا الـرّسّـام هـيـرجـيـه لـشـخـصـيـاتـه لـيـس لـهـا عـلاقـة بـالأسـمـاء الـعـربـيـة، ولـم تـقـنـع الـذّي تـرجـمـهـا لـه والّـذي كـان ولا شـكّ مـن أصـل عـربي.

وقـد أرى الأمـيـر الـرّسـالـة لـتـان تـان، وأراه أيـضـاً لـوحـة تـصـوّر ابـنـه عـبـد الله الـمـخـتـطـف.

%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a8%d9%84%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b0%d9%87%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%a2%d8%b3%d9%88%d8%af

ونـفـتـح أعـيـنـنـا عـلى سـعـتـهـا دهـشـة، فـصـورة الـطّـفـل مـنـقـولـة بـتـفـاصـيـلـهـا وجـزئـيـاتـهـا عـن صـورة فـوتـوغـرافـيـة لـفـيـصـل بـن غـازي، الّـذي تـوّج بـعـد ذلـك تـحـت اسـم فـيـصـل الـثّـاني، مـلـك الـعـراق.

وكـانـت الـصّـورة قـد الـتـقـطـت عـام 1940، عـنـدمـا كـان فـيـصـل طـفـلاً في الـخـامـسـة مـن عـمـره.

%d9%81%d9%8a%d8%b5%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d8%a7%d9%86%d9%8a-%d8%b7%d9%81%d9%84%d8%a7%d9%8b-2

 

ولـنـتـفـحـصّ الـصّـورة والـرّسـم الـمـنـقـول عـنـهـا، ولـنـدقـق في الـتّـفـاصـيـل … لـيـس هـنـاك مـن شـكّ : رسـم هـيـرجـيـه نـسـخـة مـن صـورة فـيـصـل طـفـلاً، بـعـد أن غـيّـر الـرّسّـام مـلامـح الـمـلـك الـصّـغـيـر الـعـذبـة الـوديـعـة وحـوّلـهـا إلى مـلامـح وقـاحـة وعـنـاد لـيـخـلـق شـخـصـيـة الـولـد الـشّـقي، وحـوّل بـشـرتـه الـبـيـضـاء إلى بـشـرة غـامـقـة الـلـون !

وقـد أدرك تـان تـان خـطّـة الـدّكـتـور مـيـلـر واسـتـطـاع إيـجـاد عـبـد الله، إبـن الأمـيـر الـمـدلـل الّـذي كـان سـعـيـداً في الـمـكـان الّـذي وضـعـه فـيـه خـاطـفـه الّـذي أعـطـاه كـثـيـراً مـن الـلـعـب. وكـان عـبـد الله مـنـهـمـكـاً في إثـارة أعـصـاب تـان تـان بـشـقـاوتـه ولـم يـكـن يـريـد تـرك هـذا الـمـكـان الـمـمـتـع. وقـد اسـتـطـاع تـان تـان بـعـد صـعـوبـات بـالـغـة أن يـرجـعـه إلى قـصـر أبـيـه.

وقـد اسـتـطـاع تـان تـان أيـضـاً، بـمـسـاعـدة صـديـقـه الـكـابـتـن هـادوك الـقـبـض عـلى الـدّكـتـور مـيـلـر،

%d8%af%d9%83%d8%aa%d9%88%d8%b1-%d9%85%d9%8a%d9%84%d8%b1

وعـثـر عـلى الـمـادة الـخـطـرة الّـتي كـانـت تـوضـع في وقـود “الـبـنـزيـن” لـتـفـجـيـر الـسّـيّـارات. وقـد بـعـثـاهـا إلى الـبـروفـسـور تـورنـسـول الّـذي وجـد لـهـا مـادّة مـضـادة لـيـنـقـذ أرواح الآلاف مـن سـوّاق الـسّـيّـارات !

ورغـم سـذاجـة الـقـصّـة والأسـمـاء الـغـريـبـة الّـتي اخـتـلـقـهـا هـيـرجـيـه لـشّـيـوخ الـنّـفـط فـمـا زال الألـبـوم يـطـبـع ويـعـاد طـبـعـه وتـبـاع مـنـه آلاف الـنّـسـخ …

ومـا زال الـصّـغـار والـكـبـار يـتـأمّـلـون صـورة الـطّـفـل الـمـدلـل الـشّـقي عـبـد الله، إبـن الأمـيـر مـحـمّـد بـن كـالـيـش الـزّاب، وهـم لا يـعـرفـون أنّـهـا نـسـخـت مـن صـورة الـطّـفـل فـيـصـل الـثّـاني، إبـن مـلـك الـعـراق غـازي، وحـفـيـد الـمـلـك فـيـصـل الأوّل.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  كـانـت الـمـجـلّـة تـصـدر عـن دار الـهـلال. (صـدر عـددهـا الأوّل في أبـريـل/ نـيـسـان 1956).

(2)  أخـذت مـجـلّـة سـمـيـر الـقـاهـريـة هـذا الـشّـعـار الـدّعـائي وحـولـتـه إلى : “مـن 8 إلى 88”.

©  حـقـوق الـنّـشـر مـحـفـوظـة لـلـدّكـتـور صـبـاح كـامـل الـنّـاصـري.

يـرجى طـلـب الإذن مـن الـكـاتـب قـبـل إعـادة نـشـر هـذا الـمـقـال.

نُشرت بواسطة

alnasserys

صـبـاح الـنّـاصـري، دكـتـور في الآداب، مـقـيـم في مـنـطـقـة الـنّـورمـانـدي في فـرنـسـا

رأيان حول ““تـان تـان” والـمـلـك فـيـصـل الـثّـاني”

  1. الأخ الدكتور صباح…لم أتوقع هذا الربط بين صورة المغفور له الملك فيصل الثاني وقصص تن تن, بالرغم من أني كنت من قراء كل مجلات سمير وميكي المواضبين ولسنوات…وغيرها. ربط جميل وواقعي لم يخطر على بالي أبدا.
    للأسف لم أحتفظ بأي من هذه المجلات…ولكني أحتفظ بكمية لا بأس بها من كتب الهلال. وأنا أحاول أن أجد مكتبة تقدرها لكي أهديها لهم.

    Liked by 1 person

اترك رداً على THE OWL - JACOB CRIMINOLOGY إلغاء الرد