صـور قـديـمـة لـبـغـداد في كـتـاب حـبـيـب أفـنـدي شـيـحـة

الـدّكـتـور صـبـاح الـنّـاصـري

La Province de Bagdad

يـذكـر الـهـولـنـدي آيـنـهـولـت الّـذي زار بـغـداد في 1866ــ 1867 أنّـه الـتـقى بـحـبـيـب شـيـحـة (أو شـيـحـا كـمـا يـكـتـبـه الـبـعـض) الّـذي كـان يـعـمـل كـاتـبـاً عـنـد تـاجـر سـويـسـري مـقـيـم في بـغـداد اسـمـه مـسـيـو ويـبـر.(1)

وكـان حـبـيـب شـيـحـة هـذا سـوريـاً عـثـمـاني الـجـنـسـيـة يـتـقـن الـلـغـة الـفـرنـسـيـة. وقـد نـشـر في الـقـاهـرة عـام 1908 كـتـابـاً شـهـيـراً عـن بـغـداد بـصـيـغـتـيـن : واحـدة بـالـلـغـة الـعـربـيـة تـحـت عـنـوان “ولايـة بـغـداد”. وهـو يـذكـر في مـقـدمـة كـتـابـه  أنّـه كـان قـد عـاش في بـغـداد أربـعـيـن سـنـة، أي أنّـه جـاء إلـيـهـا في حـدود عـام 1866ــ 1867، وهـو الـعـام اّلـذي قـابـلـه فـيـه الـهـولـنـدي آيـنـهـولـت في بـغـداد.

ولـم أسـتـطـع الـحـصـول عـلى الـصّـيـغـة الـعـربـيـة مـن الـكـتـاب، ولـكّـني وجـدت تـعـلـيـقـاً عـلـيـه في مـجـلـة الـمـقـتـبـس الـقـاهـريـة، الـعـدد 47 الـصّـادر في 1 ـ 1 ـ  1908 هـذا نـصّـه :

” (ولايـة بـغـداد) كـتـاب في 338 صـفـحـة طـبـعـه بـالـعـربـيـة حـبـيـب أفـنـدي شـيـحـة، وفـيـه وصـف هـذه الـولايـة ومـاضـيـهـا وتـاريـخـهـا ووصـف سـكـة بـغـداد الـحـديـديـة وبـحـث في الـقـبـائـل الـبـاديـة (!) بـيـن الـنّـهـريـن”. (2)

أمّـا الـصّـيـغـة الـثّـانـيـة فـهي بـالـلـغـة الـفـرنـسـيـة ونـشـرهـا أيـضـاً في الـقـاهـرة، مـطـبـعـة الـمـعـارف. وكـتـب اسـمـه : Habîb K.CHIHA . وعـنـوان الـكـتـاب بـكـامـلـه :

La Province de Bagdad, son passé, son avenir, contenant aussi des notes sur le chemin de fer de Bagdad et une étude inédite sur les tribus nomades de la Mésopotamie. Le Caire, impr. Al-Maaref, Neguib MITRI 1908.

وتـرجـمـتـه : ولايـة بـغـداد، تـاريـخـهـا ومـسـتـقـبـلـهـا، ويـحـتـوي أيـضـاً عـلى مـعـلـومـات عـن سـكـة بـغـداد الـحـديـديـة ودراسـة لـم يـسـبـق نـشـرهـا عـن قـبـائـل الأعـراب الـرُّحّـل في بـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن. الـقـاهـرة، مـطـبـعـة الـمـعـارف، نـجـيـب مـتـري 1908.

حبيب أفندي 2

ووجـدت في مـجـلّـة الـهـلال الـقـاهـريـة، الـعـدد 17 الـصّـادر في 1909 الـتّـعـلـيـق الـتّـالي :

” كـتـاب ولايـة بـغـداد ألـفـه في الـفـرنـسـاويـة حـبـيـب أفـنـدي شـيـحـا وضـمـنـه مـلاحـظـات عـلى الـسـكـة الـحـديـديـة هـنـاك وعـن قـبـائـل الـبـاديـة في مـا بـيـن الـنـهـريـن ويـطـلـب مـن مـكـتـبـة الـتّـألـيـف بـشـارع عـبـد الـعـزيـز”.

ويـحـتـوي الـكـتـاب عـلى 12 صورة فـوتـوغـرافـيـة لا بـد أنّـهـا كـانـت قـد الـتـقـطـت قـبـل عـام 1908، رقّـمـهـا الـمـؤلّـف مـن 1 إلى 12، وكـتـب تـحـت كـلّ واحـدة تـعـلـيـقـاً سـأتـرجـمـه خـلال عـرضي الـسّـريـع لـلـكـتـاب كـمـا كـتـبـه الـمـؤلّـف.  ويـلاحـظ الـقـارئ سـوء نـوعـيـة الـصّـور، وهـو مـا يـعـود إلى سـوء نـوعـيـة طـبـاعـة الـكـتـاب في الأصـل وإلى أنّـهـا اسـودّت بـمـرور الـزّمـن.

ويـذكـر حـبـيـب أفـنـدي شـيـحـة في مـقـدمـة كـتـابـه : “ولأنـنـا (يـتـكـلّـم عـن نـفـسـه بـصـيـغـة الـجـمـع) سـكـنّـا ولايـة بـغـداد مـدّة أربـعـيـن سـنّـة، نـعـتـقـد أنّـه يـمـكـنـنـا، بـفـضـل تـجـربـتـنـا الـطّـويـلـة، الـكـلام عـن هـذه الـولايـة الّـتي لا يـعـرف الـقـارئ عـنـهـا الـكـثـيـر”.

وقـد قـسّـم شـيـحـة كـتـابـه إلى قـسـمـيـن خـصـص الأوّل لـتـاريـخ بـغـداد، والـثّـاني لـولايـة بـغـداد “الـحـالـيـة” أي في زمـنـه : الـنّـصـف الـثّـاني مـن الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر وبـدايـة الـقـرن الـعـشـريـن.

ونـجـد في الـقـسـم الأوّل فـصـلـيـن، أوّلـهـمـا عـن تـأسـيـس الـمـديـنـة وعـن أسـوارهـا وأبـوابـهـا الأربـعـة، وعـن الـخـلـفـاء الـعـبـاسـيـيـن.

وفي كـلامـه عـن هـرون الـرّشـيـد يـضـع الـصّـورة الأولى :

La Province de Bagdad

ونـقـرأ تـحـتـهـا : ” قـبـر الأمـيـرة زبـيـدة (زوجـة هـرون الـرّشـيـد)”. ولا أعـتـقـد أنـني أحـتـاج إلى أن أذكّـر الـقـارئ بـأنّ مـا يـسـمـيـه الـبـغـداديـون قـبـر الـسّـيـدة زبـيـدة هـو في الـحـقـيـقـة قـبـر زمـرد خـاتـون زوجـة الـمـسـتـضئ بـالله ووالـدة الـخـلـيـفـة الـنّـاصـر لـديـن الله، ولـكـنّ الـمـؤلّـف أخـطـأ فـالـصّـورة لا تـمـثّـل قـبـر زبـيـدة (زمـرد خـاتـون) وإنّـمـا مـرقـد الـشّـيـخ عـمـر الـسّـهـروردي و قـبّـتـه الـمـخـروطـيـة بـقـاعـدتـهـا الـمـربّـعـة. (3)

ويـتـكـلّـم في الـفـصـل الـثّـاني عـن فـيـضـانـات دجـلـة وعـن الـمـرّات الّـتي احـتـرقـت فـيـهـا الـمـديـنـة، وعـن الـهـزّات الأرضـيـة الّـتي هـدّمـت أجـزاء مـنـهـا. ثـمّ يـتـكـلّـم عـن حـكـم الـتـتـر وعـن سـيـطـرة تـيـمـور الأعـرج (تـيـمـور لـنـك) عـلى الـبـلاد، ثـمّ سـيـطـرة الـفـرس عـلـيـهـا و”تـحـريـر” الـسّـلـطـان الـعـثـمـاني مـراد الـرّابـع لـهـا.

ويـضـع الـصـورة الـثّـانـيـة :

La Province de Bagdad

ونـقـرأ تـحـتـهـا : “الأبـواب الـقـديـمـة (في الـنّـصّ : الـحـصـون) والأسـوار”

والـصّـورة الـثّـالـثـة :

La Province de Bagdad

ونـقـرأ تـحـتـهـا : “جـامـع الإمـام مـوسى الـكـاظـم”. وقـد أخـطـأ الـمـؤلّـف هـنـا أيـضـاً فـالـصّـورة لـمـرقـد الإمـام الـحـسـيـن. (3)

ويـتـكـلّـم في الـفـصـل الـثّـالـث، عـن ولاة بـغـداد الـعـثـمـانـيـيـن ويـضـع لـهـم قـوائـم مـفـصّـلـة يـذكـر فـيـهـا سـنـوات حـكـمـهـم حـتّى زمـنـه، ويـفـصّـل الـكـلام عـن بـعـضـهـم لأهـمـيـتـهـم.

ويـضـع الـصّـورة الـرّابـعـة:

La Province de Bagdad

ونـقـرأ تـحـتـهـا : “شـارع الـقـشـلـة في بـغـداد”.

ويـبـدأ الـفـصـل الأوّل مـن الـقـسـم الـثّـاني مـن الـكـتـاب بـالـتّـقـسـيـم الإداري لـلـولايـة، وبـذكـر الأنـهـار والـقـنـوات، وفـتـرات فـيـضـانـاتـهـا، وطـرق الـرّي. ثـمّ يـتـكـلّـم عـن الـطـقـس وعـن “حـبّـة بـغـداد”. ويـذكـر مـا تـنـتـجـه الـولايـة. ثـمّ يـفـصـل الـحـديـث عـن سـكـانـهـا الّـذيـن قـدّرهـم بـ 850 ألـف نـسـمـة (400 ألـف مـنـهـم في بـغـداد ومـا حـولـهـا، و250 ألـف في الـحـلّـة ومـا حـولـهـا، و200 ألـف في كـربـلاء ومـا حـولـهـا)، وعـن أديـانـهـم : الـسّـنـة والـشّـيـعـة والـمـسـيـحـيـيـن والـيـهـود، وعـن لـغـاتـهـم ومـدارسـهـم. كـمـا تـكـلّـم عـن عـادات أهـل الـولايـة وتـقـالـيـدهـم.

ويـضـع الـصّـورة الـخـامـسـة :

La Province de Bagdad

ونـقـرأ تـحـتـهـا :  “الـجـسـر الـجـديـد عـلى دجـلـة”.

ويـخـصـص الـفـصـل الـثّـاني لـلـكـلام عـن سـنـجـقـيـن ضـمـن ولايـة بـغـداد : سـنـجـق الـدّيـوانـيـة وسـنـجـق كـربـلاء.

ويـضـع الـصّـورة الـسّـادسـة :

La Province de Bagdad

ونـقـرأ تـحـتـهـا : “جـامـع سـيّـد سـلـطـان عـلي”.

ويـتـكـلّـم في الـفـصـل الـثّـالـث عـن صـنـاعـات بـغـداد وتـجـارتـهـا، وعـن الإسـتـيـراد والـتّـصـديـر، وعـن الـزّراعـة وتـجـارة الـبـهـائـم، وتـربـيـة الـحـيـوانـات وتـجـارة الأبـل، وعـن الـطّـيـور والأسـمـاك، وعـن تـجـارة الـلـؤلـؤ، ثـمّ يـتـكـلّـم عـن الـحـشـرات وعـن الـمـنـاجـم وجـمـع الـمـلـح.

ويـضـع الـصّـورة الـسّـابـعـة :

La Province de Bagdad

ونـقـرأ تـحـتـهـا : “مـنـارة سـوق الـغـزل شـيّـدت خـلال حـكـم الـخـلـيـفـة الـمـسـتـعـصـم بـالله”.

والـصّـحـيـح أنّ هـذه الـمـنـارة هي كـلّ مـا تـبـقى مـن جـامـع الـقـصـر أو جـامـع الـخـلـيـفـة الّـذي أمـر بـتـشـيـيـده الـمـكـتـفي بـالله (901 ــ 907 م.)، أي أنّـه أقـدم بـكـثـيـر مـن فـتـرة حـكـم الـخـلـيـفـة الـمـسـتـعـصـم بـالله (1213 ــ 1258 م.).

ويـتـكـلّـم في الـفـصـل الـرّابـع عـن الآثـار والـتّـنـقـيـبـات الأثـريـة، ويـوجـز الـكـلام عـن عـلـم الآشـوريـات، ثـمّ يـعـود لـذكـر الـحـفـريـات الّـتي أجـريـت في ولايـة بـغـداد.

ثـمّ يـخـصـص الـفـصـل الـتّـالي لـمـديـنـة بـغـداد في زمـنـه ولـسـكـانـهـا وعـاداتـهـم وتـقـالـيـدهـم، وعـن مـعـالـم الـمـديـنـة ومـسـاجـدهـا.

ويـضـع الـصّـورة الـثّـامـنـة :

La Province de Bagdad

ونـقـرأ تـحـتـهـا : “الـبـاب الـمـرقـوم الـمـسـمى بـاب الـطّـلـسـم”.

ويـتـكـلّـم حـبـيـب أفـنـدي شـيـحـة في الـفـصـل الـخـامـس مـن كـتـابـه عـن مـزارات الـمـسـلـمـيـن والـيـهـود، ويـصـف أمـاكـنـهـم الـمـقـدّسـة، وعـن قـوافـل الـحـجـاج وعـن الإجـراءات الـصّـحـيـة لـتـفـادي تـفـشي الأمـراض بـيـنـهـم.

ويـضـع الـصّـورة الـتّـاسـعـة :

La Province de Bagdad

ونـقـرأ تـحـتـهـا : “جـامـع الـنّـجـف (مـشـهـد عـلي)”.

ويـعـود الـمـؤلّـف في الـفـصـل الـتّـالي إلى بـعـض الـعـادات والـتّـقـالـيـد واحـتـفـالات الـزّواج ومـراسـيـم دفـن الـمـوتي عـنـد الـمـسـلـمـيـن والـمـسـيـحـيـيـن.

ويـتـكـلّـم في الـفـصـل الـثّـامـن عـن وسـائـل الـنّـقـل والـقـوافـل، وعـن طـرق الـمـواصـلات بـيـن بـغـداد وحـلـب ودمـشـق، وخـاصـة طـريـق الـبـاديـة. كـمـا يـتـكـلّـم عـن طـرق الـنّـقـل الـنّـهـريـة وعـن بـواخـر الـشّـركـتـيـن الـعـثـمـانـيـة والإنـكـلـيـزيـة. كـمـا يـروي كـيـف تـجـري سـفـرة بـيـن بـغـداد والـبـصـرة عـن طـريـق دجـلـة. ويـصـف لـلـقـارئ الـسّـفـن الـشّـراعـيـة والأكـلاك.

ويـضـع الـصّـورة الـعـاشـرة :

La Province de Bagdad

ونـقـرأ تـحـتـهـا : “الـجـسـر الـقـديـم في بـغـداد”.

ويـخـصـص الـفـصـل الـتّـاسـع لـسـكـة بـغـداد الـحـديـديـة، والـعـاشـر لـلـجـالـيـات والـقـنـصـلـيـات الأجـنـبـيـة : الإنـكـلـيـزيـة والـفـارسـيـة والـفـرنـسـيـة والألـمـانـيـة والـرّوسـيـة، وعـن قـنـصـلـيـتي الـنّـمـسـا والـولايـات الـمـتّـحـدة الأمـريـكـيـة.

ويـضـع الـصّـورة الـحـاديـة عـشـرة :

La Province de Bagdad

ونـقـرأ تـحـتـهـا : “الـقـنـصـلـيـة الـفـرنـسـيـة والـقـنـصـلـيـة الـرّوسـيـة في بـغـداد”.

ثـمّ يـتـكـلّـم عـن قـبـائـل الـبـاديـة في مـا بـيـن الـنـهـريـن.

ويـضـع الـصـورة الـثّـانـيـة عـشـرة وهي الّـتي تـتـصـدّر هـذا الـمـقـال :

La Province de Bagdad

ونـقـرأ تـحـتـهـا : “مـقـهى قـرب بـغـداد”. ونـلاحـظ عـلى الـيـمـيـن جـدار الـمـقـهى الـمـغـطى بـالـرّسـوم (بـطـل الـمـشـهـد رجـل مـلـتـحي يـمـسـك بـقـرن حـيـوان خـرافي (عـفـريـت) وعـلى يـمـيـنـه أسـد).

ــــــــــــــــــــــــــ

(1)  “رحـلـة أيـنـهـولـت الـهـولـنـدي إلى الـعـراق سـنـة 1866ــ1867″، تـرجـمـة مـيـر بـصـري. (2)  والـجـمـلـة الأخـيـرة مـضـطـربـة الـتّـركـيـب، ولا شـكّ في أنّ كـاتـبـهـا يـريـد أن يـقـول : ” قـبـائـل الـبـاديـة في مـا بـيـن الـنـهـريـن “.  (3)  أشـكـر الأسـتـاذ أحـمـد إبـراهـيـم عـلى هـذه الـتّـوضـيـحـات الّـتي بـعـثـهـا لي.

 

©    حـقـوق الـنّـشـر مـحـفـوظـة لـلـدّكـتـور صـبـاح كـامـل الـنّـاصـري

يـرجى طـلـب الإذن مـن الـكـاتـب قـبـل إعـادة نـشـر هـذا الـمـقـال.

نُشرت بواسطة

alnasserys

صـبـاح الـنّـاصـري، دكـتـور في الآداب، مـقـيـم في مـنـطـقـة الـنّـورمـانـدي في فـرنـسـا

أضف تعليق