قـائـمـة تـحـتـوي عـلى 164 مـقـالاً نـشـرت في مـدونـة “بـيـن دجـلـة والـفـرات” بـيـن آذار (مـارس) 2015 وآذار (مـارس) 2024.
وقـد رتّـبـت تـرتـيـبـاً زمـنـيـاً حـسـب مـواضـيـعـهـا مـن الأكـثـر حـداثـة وإلى الأقـدم تـاريـخـيـاً. وتـجـدون في بـدايـة كـلّ تـلـخـيـص لـلـمـوضـوع عـنـوان الـمـقـال وقـد خـطّ تـحـتـه خـطّ بـالـلـون الأسـود الـثّـخـيـن. ويـمـكـنـكـم الـضّـغـط عـلى الـعـنـوان لـقـراءة الـمـقـال بـكـامـلـه، فـالـعـنـوان هـو الـرّابـط الّـذي يـوصـل إلى الـمـقـال الأصـلي :
تـمـثـالان لآشـوربـانـيـبـال وجـلـجـامـش في سـان فـرانـسـيـسـكـو وسـيـدني
نـصـب تـمـثـال آشـوربـانـيـبـال في سـان فـرانـسـيـسـكـو، كـالـيـفـورنـيـا (الـولايـات الـمـتّـحـدة الأمـريـكـيـة) عـام 1988، وتـمـثـال “جـلـجـامـش” في جـانـب مـن حـديـقـة جـامـعـة سـيـدني في أسـتـرالـيـا عـام 2000. ولـكـن هـل هـمـا يـمـثّـلان حـقّـاً آشـوربـانـيـبـال وجـلـجـامـش ؟
طـبـعـات الأكـفّ والأجـسـاد الـمُـفـرغـة والـمـلـيـئـة في الـفـنّ الـحـديـث
نـجـد عـلى جـدران كـهـوف مـا قـبـل الـتّـاريـخ طـبـعـات أكـفّ مـفـرغـة ومـلـيـئـة. وقـد أدخـل عـدد مـن فـنّـاني الـفـتـرات الـحـديـثـة (مـنـذ الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر وإلى أيّـامـنـا هـذه) هـذه الـتّـقـنـيـات في أعـمـالـهـم الـفـنّـيـة. وقـد اخـتـرت لـكـم تـجـربـتـيـن إحـداهـمـا لـفـنّـان فـرنـسي مـن مـنـتـصـف الـقـرن الـمـاضي : إيـف كـلان، والأخـرى لـفـنّـان عـراقي مـن الـنّـصـف الـثّـاني لـذلـك الـقـرن وبـدايـة قـرنـنـا هـذا : رافـع الـنّـاصـري …
خـمـسـة فـنّـانـيـن عـراقـيـيـن في سـاو بـاولـو
شـارك خـمــسـة فـنّـانــيـن عـراقـيـيـن : ضـيـاء الـعـزّاوي، رافـع الـنّـاصـري، نـوري الـرّاوي، عـامـر الـعـبـيـدي وشـاكـر حـسـن آل سـعـيـد، في “الـبـيـنـالي الـعـالـمي الـخـامـس عـشـر” الّـذي أقـيـم في مـديـنـة سـاو بـاولـو في الـبـرازيـل، مـن 3 تـشـريـن الأوّل إلى 9 كـانـون الأوّل عـام 1979، ونـجـد في الـدّلـيـل الّـذي نـشـر عـنـه جـزءاً مـخـصـصـاً لـلـفـنّـانـيـن الـعـراقـيـيـن الـخـمـسـة الّـذيـن عـرضـت لـهـم 22 لـوحـة.
ويـحـتـوي الـدّلـيـل عـلى سـيـرة قـصـيـرة لـكـلّ واحـد مـنـهـم، وعـلى قـائـمـة بـلـوحـاتـه الـمـعـروضـة. ونـجـد في قـسـمـه الأخـيـر صـورة فـوتـوغـرافـيـة بـالأبـيـض والأسـود لـلـوحـة اخـتـيـرت مـن بـيـن الأعـمـال الـمـعـروضـة لـكـل فـنّـان مـنـهـم …
ديـوك إلـيـنـغـتـون في بـغـداد عـام 1963
مـرّ ديـوك إلـيـنـغـتـون بـبـغـداد عـام 1963، وأقـام حـفـلـة “مـوسـيـقى جـاز” مـع فـرقـتـه في قـاعـة الـخـلـد، يـوم 12 تـشـريـن الـثّـاني. وكـانـت مـحـطـة تـلـفـزيـون بـغـداد قـد اسـتـعـدّت لـنـقـل جـزء مـن الأمـسـيـة، ولـكـنّـهـا قـررت بـعـد ذلـك تـغـيـيـر بـرامـجـهـا وبـث الأمـسـيـة بـكـامـلـهـا ابـتـداءً مـن الـسّـاعـة الـسّـابـعـة والـنّـصـف مـسـاءً. وفي الـيـوم الـتّـالي، حـدثـت اضـطـرابـات سـيـاسـيـة في بـغـداد، وطـلـبـت سـكـرتـاريـة الـدّولـة لـلـشـؤون الـخـارجـيـة، أي وزارة الـخـارجـيـة الأمـريـكـيـة، مـن ديـوك إلـيـنـغـتـون وفـرقـتـه أن يـتـركـوا بـغـداد بـأسـرع مـا يـمـكـنـهـم. وألـغـيـت الـحـفـلـة الـمـوسـيـقـيـة الـثّـانـيـة الّـتي كـان يـنـبـغي أن تـقـام في مـسـاء يـوم 13 تـشـريـن الـثّـاني …
يـوم مـع عـبـد الـكـريـم قـاسـم
أرسـلـت مـجـلّـة لايـف الأمـريـكـيـة Life magazine الـصـحـفي دونـالـد بـرك Donald Burk و الـمـصـور الـفـوتـوغـرافي James Burke إلى بـغـداد في كـانـون الـثّـاني 1959. وقـد اسـتـطـاعـا الـحـصـول مـن رئـيـس الـوزراء عـبـد الـكـريـم قـاسـم، عـلى مـوافـقـة لإجـراء لـقـاء مـصـور مـعـه في أواخـر شـهـر شـبـاط، وقـضـاء يـوم كـامـل يـتـابـعـونـه فـيـه في مـكـتـبـه وكـذلـك في تـنـقـلاتـه.
وقـد نـشـرت مـجـلّـة لايـف الأمـريـكـيـة بـعـد ذلـك في عـددهـا الـصّـادر في 23 آذار 1959 مـقـالاً قـصـيـراً عـن هـذا الـلـقـاء، كـمـا أن لـديـنـا مـجـمـوعـة كـبـيـرة مـن الـصّـور الّـتي الـتـقـطـهـا James Burke لـعـبـد الـكـريـم قـاسـم في بـدايـة عـام 1959 مـا زالـت مـجـلّـة لايـف الأمـريـكـيـة تـحـتـفـظ بـهـا …
الـسّـنـوات الـبـغـداديـة لـمـارغـو كـيـرتـيـكـار
نـشـرت مـارغـو كـيـرتـيـكـار عـام 2011، كـتـاب ذكـريـات بـالـلـغـة الإنـكـلـيـزيـة عـن “بـغـداد في الـمـاضي، عـقـداهـا الـذّهـبـيـان في أربـعـيـنـات [الـقـرن الـمـاضي] وخـمـسـيـنـاتـه”. ويـبـدأ الـكـتـاب في ربـيـع 1959 عـنـدمـا كـانـت مـارغـو تـسـتـعـد لـمـغـادرة بـغـداد لـلـدّراسـة… ولـكـنّ عـاصـفـة عـجـاج عـاقـت الـطّـائـرة عـن الإقـلاع، وعـادت مـارغـو مـع أهـلـهـا إلى الـدّار. ثـمّ تـتـكـلّـم عـن “كـيـف جـاءت الأقـدار بـالـحـبّ في ربـيـع 1939” عـنـدمـا الـتـقى أبـوهـا الـهـنـدي، الّـذي كـان قـد اسـتـقـرّ في بـغـداد بـعـد أسـفـار طـويـلـة بـأمّـهـا الـسّـوريـة … وتـسـتـمـرّ مـارغـو في ذكـريـاتـهـا عـن بـغـداد وحـيـاتـهـا الـسّـعـيـدة فـيـهـا …
الـسّـنـوات الـبـغـداديـة في مـسـيـرة رومـان أرتِـمـوفـسـكي الـفـنّـيـة
أقـام الـفـنّـان الـبـولـنـدي رومـان أرتِـمـوفـسـكي أو أرتـيـمـوفـسـكي Roman Artymowski في بـغـداد عـدّة فـتـرات طـويـلـة بـيـن عـامَي 1959 و 1979، ودرّس في مـعـهـد الـفـنـون الـجـمـيـلـة ثـمّ في أكـاديـمـيـة الـفـنـون الـجـمـيـلـة.
وقـد صـل رومـان أرتِـمـوفـسـكي في شـهـر حـزيـران مـن عـام 1959، إلى بـغـداد لـيـنـظّـم فـيـهـا مـعـرضـاً عـن الـفـنّ الـبـولـنـدي الـمـعـاصـر. وفي بـغـداد، تـعـاقـد مـعـه مـعـهـد الـفـنـون الـجـمـيـلـة لـيـدرّس فـنّ الـغـرافـيـك (الـحـفـر والـطّـبـاعـة) …
خـطـيـبـة الـمـلـك فـيـصـل الـثّـاني
نـشـرت مـجـلّـة “بـاري مـاتـش” الـبـاريـسـيـة في عـددهـا الّـذي صـدر بـعـد اثـني عـشـر يـومـاً عـلى ثـورة 14 تـمّـوز 1958 في الـعـراق مـقـالاً عـنـونـتـه : “بـيـروت، عـمّـان، بـغـداد، مـراسـلـونـا عـلى جـبـهـة الـشّـرق الأوسـط”، ثـمّ تـحـتـه بـحـروف بـيـضـاء عـلى خـلـفـيـة سـوداء : “كـان يـنـبـغي أن تـتـزوّج الأمـيـرة الـصّـغـيـرة فـاضـلـة Fazilet بـفـيـصـل، مـلـك الـعـراق في شـهـر تـشـريـن الأوّل، ولـكـنّـهـم أُخـبـروهـا بـمـوتـه في غـرفـتـهـا في الـمـعـهـد الإنـكـلـيـزي الّـذي تـدرس فـيـه. وعـلى جـدار الـغـرفـة صـورة خـطـيـبـهـا”. ونـقـرأ في الـصـفـحـتـيـن 12 و 13 مـقـالاً عـنـوانـه : “في الـقـسـم الـدّاخـلي لـمـعـهـد أسـكـوت Ascot، فـاضـلـة الـرّائـعـة الـجـمـال تـبـكي خـطـيـبـهـا الـمـقـتـول” …
الـخـزّاف الـبـريـطـاني إيـان أولـد في بـغـداد
وصـل الـفـنّـان الـبـريـطـاني إيـان أولـد إلى بـغـداد في عـام 1954. وتـعـاقـد مـع مـعـهـد الـفـنـون الـجـمـيـلـة لـيـدرّس فـيـه. وفـتـح فـرعـاً لـلـفـخـار/ الـخـزف (الـسّـيـرامـيـك) تـرأسـه مـن عـام 1955 إلى عـام 1957.
وكـان إيـان أولـد مـن روّاد الـعـمـل الـفـنّي الـيـدوي، واسـتـعـمـل طـريـقـة الـسّـلاب slab-building technique ، أي تـقـنـيـة تـركـيـب الـشّـرائـح، لإنـتـاج أعـمـال فـنّـيـة فـريـدة (أي بـنـسـخـة واحـدة) مـن الـقـنـاني والأواني والـصـحـون …
مـلـعـب لـو كـوربـوزيـيـه الـرّيـاضي في بـغـداد
بـعـد أن أنـشئ “مـجـلـس الإعـمـار” في بـغـداد عـام 1950، تـبـنّـت الـحـكـومـة الـعـراقـيـة في 1955 مـشـروع تـوسـيـع مـديـنـة بـغـداد وتـحـديـثـهـا. وقـد طـلـبـت مـن أهـمّ الـمـعـمـاريـيـن الـعـالـمـيـيـن وأشـهـرهـم في تـلـك الـفـتـرة الـمـشـاركـة فـيـه. وهـكـذا رسـم الـمـعـمـاري الأمـريـكي فـرانـك لـويـد رايـت مـخـطـطـاً عـامـاً لـمـركـز الـمـديـنـة، كـمـا صـمـم دار أوبـرا، وصـمـم الـمـعـمـاري الألـمـاني فـالـتـيـر غـروبـيـوس، مـؤسـس الـبـاوهـاوس، مـديـنـة جـامـعـيـة شـاسـعـة … أمّـا الـمـعـمـاري الـسّـويـسـري الـمـشـهـور بـاسـم لـو كـوربـوزيـيـه فـقـد عـهـد إلـيـه بـتـصـمـيـم مـديـنـة أولـمـبـيـة في بـغـداد تـضـمّ مـلـعـبـاً ريـاضـيـاً مـفـتـوحـاً ومـلـعـبـاً مـغـلـقـاً (أي مـسـقّـفـاً) وهـو مـايـسـمى بـالـجـمـنـازيـوم ومـسـبـحـاً أولـمـبـيـاً لـخـمـسـة آلاف مـشـاهـد … ولـم يـشـيّـد الـمـلـعـب الـرّيـاضي الّـذي صـمـمـه لـوكـوربـوزيـيـه لـبـغـداد إلّا بـعـد خـمـسـة وعـشـريـن عـامـاً، أي في عـام 1980 ! …
فـيـصـل الـثّـاني في أمـريـكـا ــ الـقـسـم الأوّل
نـشـرت مـجـلّـة لايـف الأمـريـكـيـة مـقـالاً في عـددهـا الـصّـادر في 25 آب 1952 عـن زيـارة الـمـلـك الـشّـاب فـيـصـل الـثّـاني (الّـذي كـان في الـسّـابـعـة عـشـرة مـن عـمـره). وقـد تـبـعـه كـاتـب الـمـقـال ومـصـوّر الـمـجـلّـة الـفـوتـوغـرافي في جـولـتـه، وخـاصـة في نـيـويـورك …
فـيـصـل الـثّـاني في أمـريـكـا ــ الـقـسـم الـثّـاني
دامـت زيـارة الـمـلـك فـيـصـل الـثّـاني لـلـولايـات الـمـتّـحـدة الأمـريـكـيـة خـمـسـة أسـابـيـع، مـن 12 آب إلى 8 أيـلـول 1952. وقـد وصـل فـيـصـل الـثّـاني ومـرافـقـوه إلى نـيـويـورك في يـوم الـثّـلاثـاء 12 آب. وفي الـيـوم الـتّـالي، أي الأربـعـاء 13 آب، جـرى حـفـل اسـتـقـبـالـه في بـلـديـة نـيـويـورك، ثمّ حـضـر مـبـاراة كـرة الــبـيـسـبـول في مـلـعـب في بـروكـلـيـن. وبـعـد أن زار مـعـالـم نـيـويـورك ذهـب إلى واشـنـطـن لـيـلـتـقي بـمـضـيّـفـه الـرّئـيـس الأمـريـكي هـاري تـرومـان. ثـمّ شـرع في جـولـة حـول الـولايـات الـمـتّـحـدة الأمـريـكـيـة …
شـاكـر حـسـن آل سـعـيـد و »جـمـاعـة بـغـداد لـلـفـنّ الـحـديـث »
كـتـب شـاكـر حـسـن آل سـعـيـد مـقـالاً في غـايـة الأهـمّـيـة بـعـنـوان : “بـمـنـاسـبـة مـرور ربـع قـرن عـلى ظـهـور جـمـاعـة بـغـداد لـلـفـنّ الـحـديـث”، ونـشـره في مـجـلّـة “آفـاق عـربـيـة” الـعـراقـيـة، الـعـدد الـثّـاني، 1978، يـروي فـيـه بـسـرد مـمـتـع بـدايـة إنـشـاء الـجـمـعـيـة ثـمّ نـمـوّهـا، ويـتـكـلّـم عـن الـفـنّـانـيـن الّـذيـن انـضـمّـوا إلـيـهـا ومـعـارضـهـا الّـتي شـاركـوا فـيـهـا …
ثـلاثـة بـريـطـانـيـيـن في أهـوار جـنـوب الـعـراق
وصـل الـبـريـطـاني ولـفـريـد ثـيـسـجـر إلى الأهـوار في أواخـر عـام 1951، وسـقـط حـالاً في دائـرة سـحـرهـا، وأقـام فـيـهـا عـدّة مـرّات ولـمـدة أشـهـر طـويـلـة حـتّى حـزيـران 1958. وفي بـدايـة 1952، إلـتـقى بـغـافـن يـونـغ الّـذي كـان بـريـطـانـيـاً هـو الآخـر، ويـعـمـل في شـركـة في الـبـصـرة، وتـحـدّث لـه عـن الأهـوار، فـذهـب إلـيـهـا يـونـغ مـعـه. ثـمّ رجـع إلـيـهـا يـونـغ عـدّة مـرّات بـعـد ذلـك وأقـام فـيـهـا فـتـرات طـويـلـة، إلى أن تـرك عـمـلـه وغـادر الـعـراق. كـمـا أنّ ولـفـريـد ثـيـسـجـر اصـطـحـب مـعـه إلى الأهـوار في 1956 عـالـم الـطّـبـيـعـيـات الإسـكـتـلـنـدي غـافـن مـاكـسـويـل …
بـغـداد كـمـا صـوّرهـا كـارتـيـيـه ــ بـريـسـون
تـوقّـف الـمـصـوّر الـفـورتـوغـرافي الـشّـديـد الـشّـهـرة : هـنـري كـارتـيـيـه ــ بـريـسـون عـام 1950 في بـغـداد في طـريـق عـودتـه إلى فـرنـسـا راجـعـاً مـن إقـامـة طـويـلـة في الـشّـرق الأقـصى. وقـد الـتـقـط في بـغـداد عـدداً كـبـيـراً مـن الـصـور الـفـوتـوغـرافـيـة بـالأبـيـض والأسـود. وكـان يـفـضـل تـصـويـر الـنّـاس عـلى تـصـويـر مـعـالـم الـمـديـنـة. وحـاول الـتـقـاط صـور “طـبـيـعـيـة” يـخـتـلـس لـحـظـات لا يـنـتـبـه الـنّـاس إلـيـه فـيـهـا لـيـظـهـرهـم كـمـا كـانـوا في حـيـاتـهـم الـيّـومـيـة …
لـورنـا والـتّـراث الـمـعـمـاري الـبـغـدادي
عـنـدمـا وصـلـت الـشّـابـة لـورنـا هـيـلـز مـن لـنـدن إلى بـغـداد في شـهـر آب 1950، كـان في انـتـظـارهـا شـاب بـغـدادي كـانـت قـد تـعـرّفـت عـلـيـه في لـنـدن، في مـعـهـد سـلـيـد لـلـفـنّ الّـذي درسـا كـلاهـمـا فـيـه. وكـان قـد طـلـب يـدهـا مـن أبـيـهـا قـبـل أن يـعـود إلى الـعـراق في الـعـام الـسّـابـق، 1949. وهـا هي تـلـحـق بـه في بـغـداد …
وكـانـت بـغـداد مـا تـزال تـحـتـفـظ بـكـثـيـر مـن أبـنـيـتـهـا الـقـديـمـة ومـنـازلـهـا الـتّـراثـيـة الّـتي جـذبـت بـأصـالـة أنـمـاطـهـا وأسـالـيـبـهـا هـذه الإنـكـلـيـزيـة الّـتي لـم تـكـن قـد رأت مـثـلـهـا مـن قـبـل، فـكـان مـن الـطّـبـيـعي أن تـرسـمـهـا وأن تـعـيـد رسـمـهـا. وهـذا مـا أودّ أن أتـكـلّـم لـكـم عـنـه في هـذا الـعـرض …
مـن يـتـذكّـر دزمـونـد سـتـيـوارت ؟
حـصـل دزمـونـد سـتـيـوارت عـلى الـمـاجـسـتـيـر في الآداب مـن جـامـعـة أوكـسـفـورد في نـهـايـة الـعـام الـدّراسـي 1948. وفي خـريـف ذلـك الـعـام وصـل إلى بـغـداد بـعـد أن تـعـاقـد مـع كـلـيـة الآداب لـيـدرّس فـيـهـا الأدب الإنـكـلـيـزي. ونـشـر في 1952 : The Memoirs of Alcibiades،وهي رغـم عـنـوانـهـا سـيـرة ذاتـيـة روائـيـة عـن حـيـاتـه في الـعـراق. كـمـا نـشـر أشـهـر كـتـبـه عـن الـعـراق، وهي روايـتـه : The Unsuitable Englishman. ونـشـر كـتـبـاُ ومـقـالات أخـرى عـن الـعـراق والأدب الـعـراقي … كـمـا عـاش في بـيـروت والـقـاهـرة وزار مـخـيـمـات الـلاجـئـيـن الـفـلـسـطـيـنـيـيـن وكـتـب كـتـبـاً تـاريـخـيـة وقـام بـتـرجـمـات …
الـبـيـت الـتّـراثي كـمـا وصـفـتـه أربـع أجـنـبـيـات
أربـع نـظـرات ألـقـتـهـا أجـنـبـيـات عـلى بـيـوتـنـا الـقـديـمـة : فـرنـسـيـة زارت الـعـراق بـصـحـبـة زوجـهـا في نـهـايـة 1881 وبـدايـة 1882، وأمـريـكـيـة جـاءت إلى بـغـداد مـع زوجـهـا عـام 1924 لـفـتـح مـدرسـة لـلـبـنـيـن، وسـكـنـت في عـدّة بـيـوت بـغـداديـة حـتّى عـام 1947، وإنـكـلـيـزيـة وصـلـت الـعـراق أوّل مـرّة عـام 1928، ثـمّ عـادت إلـيـه مـراراً وسـكـنـت في بـيـوت بـغـداديـة أسـهـبـت في وصـفـهـا، وانـكـلـيـزيـة أخـرى شـديـدة الـشّـهـرة سـكـنـت بـيـتـاً بـغـداديـاً يـطـلّ عـلى دجـلـة، وتـكـلّـمـت عـن بـيـوت عـراقـيـة في روايـتـيـن مـن روايـاتـهـا وفي كـتـب ذكـريـات …
ولـد لـوسـيـان إسـكـنـدريـان في بـغـداد. وأصـيـب في طـفـولـتـه بـمـرض أصـاب سـاقـيـه، مـمـا دفـع والـديـه لإرسـالـه إلى فـرنـسـا عـنـد جـدتـه، أمّ أمّـه، ولـم يـكـن قـد بـلـغ الـسّـادسـة مـن عـمـره. وفي عـام 1947، وكـان في سـنّ الـعـشـريـن، إلـتـقى في بـاريـس بـأنـدريـه بـرُتـون، رئـيـس الـحـركـة الـسّـريـالـيـة … وبـدأت عـلاقـاتـه بـالـحـركـات الـطّـلائـعـيـة، الأدبـيـة مـنـهـا والـفـنّـيـة، الّـتي نـشـر عـنـهـا أعـداداً مـن الـكـتـب بـالـلـغـة الـفـرنـسـيـة بـاسـمـه الأدبي : “سـاران ألـكـسـنـدريـان” …
الـفـنّـان كـيـنـيـث وود في الـعـراق
طـالـمـا قـرأنـا في الـكـتـب والـمـقـالات الّـتي نـشـرت عـن الـفـنّ الـعـراقي عـن الـعـلاقـات الـودّيـة الّـتي أقـامـهـا الـفـنّـان الإنـكـلـيـزي كـيـنـيـث وود William Kenneth Wood (ويـكـتـب الـبـعـض اسـمـه : “كـنـيـث وود” و “كـنـث وود”) مـع الـفـنّـانـيـن الـعـراقـيـيـن الـشّـبـاب، وخـاصّـة مـع جـواد سـلـيـم خـلال سـنـوات الـحـرب الـعـالـمـيـة الـثّـانـيـة. وكـان كـيـنـيـث وود يـقـيـم مـع بـعـض الـفـنّـانـيـن الـبـريـطـانـيـيـن الآخـريـن في بـغـداد في تـلـك الـسّـنـوات.
وأتـكـلّـم في هـذا الـمـقـال عـن كـيـنـيـث وود، وإقـامـتـه في بـغـداد، ومـا وجـدتـه مـن أعـمـالـه الـفـنّـيـة الّـتي نـفّـذهـا عـن الـعـراق …
إنـشـاء “قـاعـة الـصّـور” في بـغـداد عـام 1943
أنـشـأت مـديـريـة الآثـار الـقـديـمـة عـام 1943 “قـاعـة الـصّـور”، ونـشـرت “دلـيـل قـاعـة الـرّسـوم الـوطنـيـة لـسـنـة 1943” بـالـلـغـتـيـن الـعـربـيـة والإنـكـلـيـزيـة. ونـقـرأ فـيـه أنّ الـمـديـريـة كـانـت قـد بـدأت بـجـمـع “الـصّـور الـمـعـروضـة في هـذه الـقـاعـة” مـنـذ أكـثـر مـن سـنـتـيـن، وأنّـهـا تـضـمّ “صـور أشـخـاص ومـنـاظـر رسـمـت بـالـزّيـت أو بـالألـوان الـمـائـيـة أو بالـقـلـم الـرّصاص أو بـالـفـحـم عـدا مـا تـتـضـمّـنـه مـن الـرّسـوم الأولـيـة (اسـكـتـشـات) الـمـخـطوطـة بـالـمـداد”. والّـتي اخـتـيـرت “إمّـا لـمـزايـاهـا الـفـنّـيـة أو لأهـمـيـتـهـا، إذ تـمـثّـل طـبـيـعـة الـبـلاد وتـصـوّر أخـلاق أهـلـهـا”. ..
نـادي الـصّـيـد الـمـلـكي في الـحـارثـيـة
أنـشـأ الـوصي عـبـد الإلـه عـام 1943 “نـادي الـصّـيـد الـمـلـكي” في الـحـارثـيـة. ووصـلـت كـلاب الـصّـيـد مـن إنـكـلـتـرة بـالـبـاخـرة، وشُـيّـد لـهـا وِجـار قـرب قـصـر الـزّهـور. وكـان الـوصيّ عـبـد الإلـه يـمـارس صـيـد الـثّـعـالـب وبـنـات آوى (كـمـا يـفـعـل الإنـكـلـيـز في ريـفـهـم !)، يـطـاردهـا بـصـحـبـة ضـبـاط الـحـرس الـمـلـكي وضـبـاط الـقـوات الـبـريـطـانـيـة في الـعـراق …
“الـجـامـوسـة” واحـدة مـن الـمـنـحـوتـات الـنّـادرة الّـتي نـفّـذتـهـا “هـايـدي، Hydie “، زوجـة عـالـم الآثـار الـشّـهـيـر سـيـتـون لـويـد، في رخـام الـمـوصـل خـلال إقـامـاتـهـا الـطّـويـلـة مـع زوجـهـا في الـعـراق بـيـن عـامَي 1943 و 1949. تـلـك الـسّـنـوات الّـتي درّسـت فـيـهـا الـرّسـم والـنّـحـت، واشـتـغـلـت في الـمـتـحف الـعـراقي …
لـوحـات عـطـا صـبـري ورسـومـه عـن شـمـال الـعـراق عـام 1942
أرسـلـت مـديـريـة الآثـار الـقـديـمـة الـعـامّـة في بـغـداد عـام 1943 الـفـنّـان عـطـا صـبـري بـسـفـرة فـنّـيـة إلى الـشّـمـال، إلى مـنـطـقـة بـعـشـيـقـة وبـاعـذرا والـشّـيـخ عـادي، خـلال فـتـرة احـتـفـال الـيـزيـديـيـن بـأعـيـاد الـرّبـيـع. وأمـضى مـعـهـم عـطـا صـبـري 45 يـومـاً، رسـم خـلالـهـا مـجـمـوعـة مـن الـصّـور والـلـوحـات الـزّيـتـيـة والـتّـخـطـيـطـات …
رسـوم إدوارد بـاوديـن لـلـعـراق
عـيّـن الـفـنّـان الـبـريـطـاني إدوارد بـاوديـن رسـامـاً حـربـيـاً في بـدايـة الـحـرب الـعـالـمـيـة الـثّـانـيـة. وفي عـام 1942، وصـل إلى الـعـراق ونـفّـذ مـجـمـوعـة مـن الـرّسـوم بـالألـوان الـمـائـيـة عـن الأهـوار وسـكّـانـهـا. وأرسـل إلى الـعـراق مـن جـديـد في أيـلـول 1943، وأقـام في بـغـداد عـدّة أشـهـر نـفّـذ خـلالـهـا رسـومـاً كـثـيـرة، ثـمّ عـاد إلى مـنـطـقـة سـوق الـشّـيـوخ في الأهـوار عـام 1944 لـيـرسـم “حـيـاة أهـل الـبـلـد الـيـومـيـة” …
جـاءت الـكـاتـبـة الـبـريـطـانـيـة أجـاثـا كـريـسـتي إلى الـعـراق أوّل مـرّة عـام 1929، وزارت الـتّـنـقـيـبـات الأثـريّـة في أور. والـتـقـت بـعـالـم الآثـار مـاكـس مـالـوان، الّـذي أغـرم بـهـا وتـزوّجـهـا. وقـد صـاحـبـت أجـاثـا زوجـهـا مـاكـس بـعـد ذلـك إلى الـمـواقـع الأثـريـة. وبـدءا في 1931/ 1932 أوّل مـواسـم تـنـقـيـبـاتـهـمـا في نـيـنـوى، ثـمّ اسـتـمـرّا في ذلـك سـنـوات طـويـلـة كـانـت أجـاثـا كـريـسـتي تـكـتـب خـلالـهـا روايـاتـهـا الـبـولـيـسـيـة الـشّـديـدة الـشـهـرة، وتـنـشـرهـا في لـنـدن. وكـان لـهـمـا في بـغـداد دار تـركـيـة قـديـمـة في الـصّـوب الـغـربي لـدجـلـة … وتـتـكـلّـم أجـاثـا كـريـسـتـي عـن الـعـراق خـاصـة في أربـعـة كـتـب : روايـتـيـن بـولـيـسـيـتـيـن : روايـة “جـريـمـة في بـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن” وروايـة ، وفي كـتـابَـيـن تـسـرد فـيـهـمـا ذكـريـاتـهـا : “تـعـال اخـبـرني كـيـف تـعـيـش الّـذي صـدر في 1946، وفي سـيـرتـهـا الـذّاتـيـة …
روايـة «جـريـمـة في بـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن Murder in Mesopotamia» لأجـاثـا كـريـسـتي.
نـشـرت أجـاثـا كـريـسـتي روايـتـهـا الـبـولـيـسـيـة الأولى هـذه الّـتي تـدور أحـداثـهـا في الـعـراق عـام 1936. والـقـصّـة تـرويـهـا مـمـرضـة جـاءت إلى بـغـداد تـصـاحـب امـراة إنـكـلـيـزيـة. ولـكـنّـهـا، بـعـد انـتـهـاء مـهـمـتـهـا، قـبـلـت أن تـعـتـني بـانـكـلـيـزيـة أخـرى، لـويـز زوجـة عـالـم الآثـار الـسّـويـدي الـدّكـتـور إريـك لايـنـدر في مـوقـع تـنـقـيـبـات أثـريـة. وتـحـدث جـريـمـة ، ويـنـبـغي إيـجـاد الـقـاتـل …
روايـة : «مـوعـد في بـغـداد They Came to Baghdad» لأجـاثـا كـريـسـتي.
نـشـرت أجـاثـا كـريـسـتي روايـتـهـا الـثّـانـيـة الّـتي تـدور أحـداثـهـا في الـعـراق في 1951. وهـذه الـرّوايـة مـلـيـئـة بـوصـف أمـاكـن عـديـدة في الـعـراق. ونـلـتـقي فـيـهـا بـعـدد مـن “الـعـراقـيـيـن”. وهي في الـحـقـيـقـة لـيـسـت روايـة بـولـيـسـيـة بـالـمـعـنى الـمـتـعـارف عـلـيـه : أي جـريـمـة غـامـضـة يـجـد لـهـا الـحـلّ مـحـقـق ذكي يـسـتـنـتـج مـن أحـداثـهـا الـمـبـعـثـرة كـيـفـيـة حـدوثـهـا ويـتـوصـل إلى كـشـف الـمـجـرم الّـذي قـام بـهـا. ولـنـقـل إنّ هـذه الـرّوايـة تـقـتـرب كـثـيـراً مـن روايـات الـتـجـسـس فـفـيـهـا تـآمـر ضـدّ أمـن الـبـشـريـة ومـجـرمـون يـحـاولـون الـسّـيـطـرة عـلـيـهـا. وقـد اسـتـغـلّـت الـكـاتـبـة خـوف الـغـربـيـيـن مـن انـدلاع حـرب عـالـمـيـة ثـالـثـة لـتـألـيـفـهـا …
«صـنـدوق الـدّنـيـا» كـمـا وصـفـتـه أجـاثـا كـريـسـتي
تـصـف أجـاثـا كـريـسـتي في روايـتـهـا : “مـوعـد في بـغـداد” الّـتي صـدرت عـام 1951، كـيـف الـتـقـت بـطـلـة الـقـصّـة بـرجـلـيـن يـحـمـلان “صـنـدوق الـدّنـيـا” : وهي آلـة مـن الـخـشـب بـداخـلـهـا صـور يـمـكـن رؤيـتـهـا مـن خـلال ثـقـبـيـن فـيـهـا …
سـيـسـيـل بـيـتـون يـصـوّر فـيـصـل الـثّـاني صـبـيّـاً
كـان سـيـسـيـل بـيـتـون واحـداً مـن أشـهـر الـمـصـوريـن الـفـوتـوغـرافـيـيـن في الـقـرن الـعـشـريـن. وقـد صـوّر تـتـويـج الـمـلـكـة إلـيـزابـيـث الـثّـانـيـة، وكـلّ أفـراد عـائـلـتـهـا الـمـلـكـيـة، ونـبـلاء الأرسـتـقـراطـيـة الـبـريـطـانـيـة. وصـوّر أهـمّ مـلـوك دول الـعـالـم ورؤسـائـهـا ونـخـبـة رجـالـهـا الـسّـيـاسـيـيـن، كـمـا صـوّر ألـمـع نـجـوم الـسّـيـنـمـا والـمـسـرح والـمـوسـيـقى والـرّيـاضـة، وأكـبـر الـكـتّـاب والـشّـعـراء …
وعـنـدمـا انـدلـعـت الـحـرب الـعـالـمـيـة الـثّـانـيـة، إرتـدى سـيـسـيـل بـيـتـون الـزّي الـعـسـكـري وحـمـل آلات تـصـويـره عـلى كـتـفـه، وانـطـلـق يـصـور جـنـود جـبـهـات الـقـتـال ومـآىسـيـهـا. و قـضى في عـام 1942 عـدّة أشـهـر في الـشّـرقـيـن الأدنى والأوسـط. ووصـل في ربـيـع ذلـك الـعـام إلى بـغـداد لـيـصـوّر الـمـلـك فـيـصـل الـثّـاني الّـذي كـان في الـسّـابـعـة مـن عـمـره …
« تـان تـان » والـمـلـك فـيـصـل الـثّـاني
نـشـر الـرّسّـام هـيـرجـيـه بـيـن أيـلـول 1939 وأيّـار 1940 قـصّـة سـرديّـة بـرسـوم في خـانـات مـتـتـابـعـة في مـجـلّـة “صـغـيـر الـقـرن الـعـشـريـن ” الـبـلـجـيـكـيـة تـحـت عـنـوان : “تـان تـان في بـلاد الـذّهـب الأسـود”. وكـانـت رسـومـهـا بـالأبـيـض والأسـود. ثـمّ أعـاد نـشـرهـا في مـجـلّـة “تـان تـان” ولـكـن بـالألـوان هـذا الـمـرّة بـيـن 1948 و1950. ونـشـر قـصّـتـه الـمـرسـومـة هـذه بـالألـوان في ألـبـوم عـام 1950. ويـذهـب فـيـهـا بـطـلـهـا الـصّـحـفي الـشّـاب “تـان تـان” ومـعـه كـلـبـه الـصّـغـيـر “مـيـلـو” لـلـتـحـقـيـق في قـضـيـة : قـوّة أجـنـبـيـة تـريـد الـسّـيـطـرة عـلى آبـار الـنّـفـط وعـلى مـخـزونـه في الـعـالـم لـتـسـتـطـيـع احـتـكـاره في حـالـة انـدلاع حـرب … ونـجـد في أحـد رسـوم الألـبـوم صـورة طـفـل مـنـقـولـة بـتـفـاصـيـلـهـا وجـزئـيـاتـهـا عـن صـورة فـوتـوغـرافـيـة لـفـيـصـل بـن غـازي، الّـذي تـوّج بـعـد ذلـك تـحـت اسـم فـيـصـل الـثّـاني، مـلـك الـعـراق …
الـجـنـاح الـعـراقي في مـعـرض بـاريـس الـعـالـمي عـام 1937
شـارك الـعـراق في مـعـرض عـالـمي أقـيـم في بـاريـس مـن 25 أيّـار إلى 25 تـشـريـن الـثـاني عـام 1937، أسـمي : “الـمـعـرض الـعـالـمي لـلـفـنـون والـتّـقـنـيـات الـمـطـبّـقـة عـلى الـحـيـاة الـحـديـثـة”. وقـد عـهـد بـتـصـمـيـم الـجـنـاح الـعـراقي إلى الـمـعـمـاري الـفـرنـسي ألـبـيـر لابـراد، وسـاعـده الـمـعـمـاري لـيـون بـزان. وعـيّـنـت الـحـكـومـة الـعـراقـيـة الـمـعـمـاري أحـمـد مـخـتـار مـسـتـشـاراً مـعـمـاريـاً لـلـمـشـروع، وأرسـلـتـه إلى بـاريـس لـيـشـرف عـلى تـنـفـيـذه. وقـد نـشـر بـالـلـغـة الـفـرنـسـيـة : “دلـيـل الـجـنـاح الـعـراقي” الّـذي وزّع عـلى زوّار الـجـنـاح. كـمـا نـشـر مـلـف عـلى شـكـل كـتـيـب بـأربـع وعـشـريـن صـفـحـة يـحـتـوي عـلى مـعـلـومـات شـديـدة الأهـمـيـة عـن الـعـراق في تـلـك الـسّـنـوات …
بـدايـة اهـتـمـام الـعـراقـيـيـن بـآثـارهـم الـقـديـمـة
أنـشـأ الـجـيـش الـبـريـطـاني في 1918 وظـيـفـة لآثـاري يـلـحـق بـه، مـهـمـتـه مـراقـبـة آثـار الـبـلـد وحـمـايـتـهـا، وكـذلـك الإشــراف عـلى الـتّـنـقـيـبـات فـيـه. وقـد اسـتـولـت سـكـرتـيـرة الـشـؤون الـشّـرقـيـة الـمـس جـيـرتـرود بـيـل بـعـد ذلـك عـلى إدارة الآثـار. وشـرعـت بـكـتـابـة مـسـودة لـنـصّ قـانـوني لـتـنـظـيـم الـتّـنـقـيـبـات أرادت إصـداره. وقـد تـبـنّـت الـمـس بـيـل مـنـذ عـام 1923 مـشـروع تـأسـيـس مـتـحـف وطـني عـراقي لـحـفـظ الـمـجـمـوعـات الأثـريـة الّـتي تـراكـمـت عـامـاً بـعـد عـام في قـاعـات الـسّـراي الـقـديـمـة. وفـتـح الـمـتـحـف أبـوابـه لـلـزوّار في حـزيـران 1926. وفي عـام 1936، صـدر قـانـون آثـار جـديـد يـنـصّ عـلى أن يـحـتـفـظ الـعـراق بـكـلّ الـقـطـع الأثـريـة الّـتي لـم يـعـثـر مـنـهـا إلّا عـلى نـسـخـة واحـدة، أمّـا إذا كـانـت مـتـعـددة الـنّـسـخ فـيـتـقـاسـمـهـا مـع الـمـنـقـبـيـن …
صـور عـن الـعـراق في دعـايـة لـشـركـة فـرنـسـيـة عـام 1936
أصدرت شـركـة بـوبـيـه الـفـرنـسـيـة لـلـشـوكـولاتـة عـام 1936 ألـبـومـاً دعـائـيـاً مـصـوّراً لـقـارة آسـيـا، خـصـصـت فـيـه صـفـحـة لـلـعـراق وضـعـت فـيـهـا تـسـعـة رسـوم بـالألـوان …
خـارطـتـان لـمـديـنـة بـغـداد 1929 و1933
أصـدرت مـديـريـة الأشـغـال الـعـمـومـيـة في بـغـداد عـام 1929 خـارطـة بـالـلـغـة الإنـكـلـيـزيـة لـمـديـنـة بـغـداد طـبـعـت في لـنـدن. وظـهـرت نـفـس الـخـارطـة تـقـريـبـاً مـع تـغـيـيـرات طـفـيـفـة وبـالألـوان في دلـيـل كـوك Cook الـسّـيـاحي لـسـنـة 1934. ويـمـكـنـنـا أن نـزور أحـيـاء بـغـداد كـمـا كـانـت في ذلـك الـزمـن ومـعـالـمـهـا الّـتي كـانـت مـا تـزال قـائـمـة بـمـتـابـعــتـنـا لـهـا عـلى الـخـارطـة …
صـور الـعـراق في مـجـمـوعـة إريـك مـاتـسـون
تـضـمّ مـجـمـوعـة صـور الأمـريـكي ج. إريـك مـاتـسـون و زوجـتـه إديـث أكـثـر مـن 22 ألـف زجـاجـيـة ومـسـودّات صـور وشـفـافـيـات كـان قـد بـدأ بـتـنـفـيـذهـا قـسـم الـتّـصـويـر لـلـمـسـتـعـمـرة الأمـريـكـيـة في الـقـدس، ثـمّ أكـمـلـتـهـا “خـدمـات مـاتـسـون الـتّـصـويـريـة”. وتـضـمّ الـمـجـمـوعـة أيـضـاً أكـثـر مـن ألـف صـورة مـطـبـوعـة وأحـد عـشـر ألـبـوم صـور. ونـجـد في هـذه الـمـجـمـوعـة أعـداداً كـبـيـرة مـن الـصّـور الـفـوتـوغـرافـيـة الّـتي ذُكـر في تـصـنـيـفـهـا أنّـهـا الـتـقـطـت في الـعـراق عـام 1932، ولا شـكّ في أنّ الـقـسـم الـمـخـصـص لـلـعـراق يـحـتـوي عـلى صـور أقـدم دخـلـت في الـمـجـمـوعـة واخـتـلـطـت بـصـور 1932 …
حـفـلـة في حـديـقـة قـصـر الـمـلـك
مـن بـيـن الـصّـور الّـتي تـضـمّـهـا مـجـمـوعـة الأمـريـكي ج. إريـك مـاتـسـون وزوجـتـه إيـديـث عـن الـعـراق، نـجـد 29 صـورة الـتـقـطـت أمـام “قـصـر” الـمـلـك فـيـصـل الأوّل وفي حـديـقـتـه، في 6 تـشـريـن الأوّل 1932. وقـد جـرت في ذلـك الـيـوم، احـتـفـالات بـدخـول الـمـمـلـكـة الـعـراقـيـة في “عـصـبـة الأمـم” انـتـهـت بـحـفـلـة في “قـصـر” الـمـلـك، أي “الـبـلاط الـمـلـكي” في الـكـسـرة، وفي حـديـقـتـه الـواسـعـة. ويـمـكـنـنـا مـن تـحـلـيـل تـفـاصـيـل صـور إريـك مـاتـسـون الّـتي الـتـقـطـت في ذلـك الـيـوم اقـتـراح تـرتـيـب زمـني لـهـا يـبـدأ مـن الـصّـبـاح ويـنـتـهي وقـت الـغـروب …
رابـنـدرانـاث طـاغـور في بـغـداد
بـعـث مـلـك الـعـراق فـيـصـل الأوّل بـدعـوة لـشـاعـر الـهـنـد الـكـبـيـر رابـنـدرانـاث طـاغـور لـزيـارة الـعـراق. وأقـام طـاغـور في بـغـداد مـن 19 إلى 30 آيّـار 1932. وقـد أقـيـمـت لـه ولائـم، ودعي إلى احـتـفـالات، وزار مـعـالـم الـمـديـنـة، وأعـدّ لـه الـمـلـك سـفـرة إلى مـضـارب عـشـيـرة أعـراب وأكـل الـهـبـيـط مـعـهـم … وقـد سـجّـل طـاغـور سـرد رحـلـتـه في كـتـاب نـشـره بـعـد عـودتـه إلى الـهـنـد …
الـقـبّـانـجي في مـؤتـمـر الـمـوسـيـقى الـعـربـيـة الأوّل عـام 1932
أقـيـم في الـقـاهـرة في شـهـرَي آذار ونـيـسـان 1932 الـمـؤتـمـر الأوّل لـلـمـوسـيـقى الـعـربـيـة. وشـاركـت فـيـه دول عـديـدة مـنـهـا مـصـر وسـوريـا والـعـراق. كـمـا شـارك فـيـه عـدد مـن عـلـمـاء الـمـوسـيـقى الـمـصـريـيـن والـعـرب والأجـانـب. وأرسـل الـعـراق مـحـمّـد الـقـبّـانـجي بـصـحـبـة جـالـغي بـغـدادي أضـيـفـت إلـيـه آلـتـان مـوسـيـقـيـتـان مـن الـتّـخـت الـشّـرقي : عـود وقـانـون.
وقـد سـجـلـت لـمـحـمّـد الـقـبّـانـجي وفـرقـتـه 31 أسـطـوانـة، أي 62 جـانـبـاً، بـ 78 دورة في الـدّقـيـقـة / 25 سـنـتـمـتـر. سـجّـلـت أوّلاً عـلى قـوالـب شـمـع، وبـعـثـت لـتـحـفـرهـا شــركـة غـرامـوفـون في إنـكـلـتـرة عـلى الأسـطـوانـات …
شـارع الـرّشـيـد كـمـا رأتـه مـاري بـاركـر في 1930
رسـمـت الإنـكـلـيـزية مـاري بـاركـر عـام 1930 لـوحـة “شـارع الـرّشـيـد”. وجـمـعـت فـيـهـا في نـفـس الـمـكـان وفي نـفـس الـوقـت كـلّ الـمـشـاهـد الـغـريـبـة عـلـيـهـا الّـتي رأتـهـا في شـوارع بـغـداد …
مـجـمـوعـة آثـارعـراقـيـة قـديـمـة يـعـلـوهـا الـغـبـار في مـتـحـف فـرنـسي صـغـيـر
نـقّـب الـفـرنـسي، الأب دو جُـنـويّـاك في تـلّـو (تـلّ لـوح) أي مـوقـع مـديـنـة غـرسـو الـقـديـمـة في دويـلـة لـغـش (بـلاد سـومـر) مـن عـام 1929 إلى عـام 1931، لـحـسـاب مـتـحـف الـلـوفـر و وزارة الـتّـعـلـيـم الـعـام الـفـرنـسـيـة. وقـد أهـدى قـبـل وفـاتـه إلى مـتـحـف الآثـار في مـديـنـة روان في مـنـطـقـة الـنّـورمـانـدي، شـمـال فـرنـسـا، مـجـمـوعـة تـحـتـوي عـلى 650 قـطـعـة أثـريـة مـن بـيـن مـا كـان قـد عـثـر عـلـيـه في تـنـقـيـبـاتـه في الـعـراق أو مـا اشـتـراه مـن مـهـربي الآثـار. والـغـالـبـيـة الـمـطـلـقـة مـن هـذه الـقـطـع نـصـوص بـالـكـتـابـة الـمـسـمـاريـة. ومـا زالـت هـذه الـقـطـع تـرقـد في أقـبـيـة هـذا الـمـتـحـف …
فـريـا مـادلـيـن ســتـارك والـعـراق
وصـلـت الـبـريـطـانـيـة فـريـا مـادلـيـن سـتـارك إلى بـغـداد عـام 1929. وقـد اسـتـفـزت الأوربـيـيـن، وخـاصـة الـبـريـطـانـيـيـن عـنـدمـا اخـتـارت لـهـا سـكـنـاً في حي شـعـبي لـتـسـتـطـيـع أن تـخـتـلـط بـالـنّـاس وتـحـسّـن لـغـتـهـا الـعـربـيـة الّـتي كـانـت قـد تـعـلّـمـتـهـا في مـعـهـد الـدّراسـات الـشّـرقـيـة في لـنـدن. كـمـا تـابـعـت دروسـاً في الـقـراءة والـكـتـابـة في مـدرسـة مـع بـنـات صـغـيـرات. وعـمـلـت مـحـررة في Baghdad Times في 1932، وفـيـهـا نـشـرت مـقـالات جـمـعـتـهـا بـعـد ذلـك في كـتـاب نـشـرتـه تـحـت عـنـوان “إسـكـيـتـشـات بـغـداديـة Baghdad sketches ” … وفي أواخـر سـنـوات حـيـاتـهـا، أعـدّت مـخـتـارات مـن رسـائـلـهـا الّـتي كـانـت قـد كـتـبـتـهـا إلى أهـلـهـا ومـعـارفـهـا طـيـلـة حـيـاتـهـا والّـتي كـانـت قـد احـتـفـظـت بـنـسـخ مـنـهـا، ونـشـرتـهـا في ثـمـانـيـة أجـزاء، مـن 1974 إلى 1982. ونـجـد فـيـهـا مـعـلـومـات لا تـقـدر قـيـمـتـهـا عـن الـحـيـاة في الـعـراق عـنـدمـا عـاشـت فـيـه …
عـنـدمـا كـانـت الـرّطـبـة حـصـنـاً في وسـط الـصّـحـراء
حـفـرت آبـار في وسـط الـصّـحـراء الـعـراقـيـة ــ الـسّـوريـة، كـان يـسـتـقي مـنـهـا الـبـدو الـرّحـل، تـحـيـطـهـا تـلال في وسـطـهـا وادٍ جـاف. ودعـيـت الآبـار بـالـرّطـبـة، ثـمّ تـحـوّل الإسـم إلى “الـرُّطـبـة”. وصـارت طـرق الـقـوافـل تـمـرّ بـهـا وتـتـقـاطـع عـنـدهـا. وأنـشـأ الـبـريـطـانـيـون فـيـهـا قـاعـدة جـوّيـة ومـطـاراً عـسـكـريـاً فـيـه مـحـطـة إذاعـة لـلـمـراسـلات الـعـسـكـريـة. كـمـا كـانـت طـائـرات الـخـطـوط الـجـوّيـة لـلإمـبـراطـوريـة الـبـريـطـانـيـة تـتـوقّـف فـيـهـا في طـريـقـهـا إلى الـهـنـد. وفي عـام 1927 شـيّـدوا فـيـهـا حـصـنـاً : بـنـايـة مـربـعـة واسـعـة لـيـس لـجـدرانـهـا نـوافـذ تـنـفـتـح عـلى الـخـارج. في زوايـهـا الأربـع أربـعـة أبـراج. وألـصـق بـأحـد أضـلاعـهـا بـنـاء مـثـلـث زاويـتـه الـمـدبـبـة مـوجـهـة نـحـو الـخـارج لـيـقـاوم ريـاح الـفـيـفـاء ورمـالـهـا …
ألـبـوم صـور نـشـرتـه شـركـة حـسـو إخـوان عـام 1925
نـشـرت شـركـة حـسـو إخـوان عـام 1925 ألـبـوم صـور ذُكـر فـيـه أنّ الـمـصـور الـفـوتـوغـرافي أ. كـريـم كـان قـد الـتـقـط الـصّـور في بـدايـة عـشـريـنـيـات الـقـرن الـمـاضي. والـمـقـصـود بـه عـبـد الـكـريـم إبـراهـيـم يـوسـف تـبـوني الّـذي كـان مـسـيـحـيـاً كـلـدانـيـا مـن الـبـصـرة، سـافـر إلى الـهـنـد في نـهـايـة الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر ودرس في بـومـبـاي. وقـد اشـتـرى هـنـاك آلـة تـصـويـر عـاد بـهـا إلى الـبـصـرة وفـتـح اسـتـوديـو تـصـويـر فـيـهـا … ويـحـتـوي الألـبـوم عـلى 73 صـورة فـوتـوغـرافـيـة بـلـون بـنّي، طـبـعـت 35 صـورة مـنـهـا كـلّ واحـدة عـلى صـفـحـة كـامـلـة، والـبـاقـيـة صـورتـيـن أو أربـعـة في كـلّ صـفـحـة …
إيـدا سـتـاوت ومـدرسـة الـبـنـيـن الأمـريـكـيـة في بـغـداد بـيـن 1924 و1947
عُـهـد إلى الأمـريـكـيـة إيـدا سـتـاوت وإلى زوجـهـا عـام 1924 مـهـمّـة فـتـح مـدرسـة أمـريـكـيـة لـلـبـنـيـن في بـغـداد. وكـانـت إيـدا في الـتّـاسـعـة والأربـعـيـن مـن عـمـرهـا. وأقـامـت مـع زوجـهـا في بـغـداد الّـتي أحـبّـتـهـا كـثـيـراً إلى عـام 1947، وهـو مـا تـرويـه في كـتـاب نـشـرتـه عـنـهـا …
أقـدم مـا لـديـنـا مـن رسـوم لـبـاب الـمـعـظّـم نـفّـذهـا الـرّسّـام الاسـكـتـلـنـدي أرثـر مـيـلـفـيـل الّـذي مـرّ بـبـغـداد، وأقـام بـهـا مـن نـهـايـة شـهـر نـيـسـان إلى نـهـايـة شـهـر أيّـار عـام 1882 م. ثـمّ أرتـنـا إيـاه صـور فـوتـوغـرافـيـة كـثـيـرة. ويـمـكـنـنـا أن نـتـابـع عـلى هـذه الـصّـور الـتّـغـيـيـرات الّـتي طـرأت عـلى الـبـاب وهـدم أجـزائـه الـواحـد بـعـد الآخـر إلى أن أزيـل عـام 1923 لـيـمـرّ شـارع عـريـض بـمـكـانـه …
مـن بـيـن الأفـلام الّـتي أخـرجـت عـن حـرامي بـغـداد نـجـد أربـعـة أ لـهـا نـفـس الـعـنـوان، أخـرجـت في سـنـوات 1924 و 1940 و 1961 و 1978، مـا عـدا الـفِـلـم الألـمـاني الّـذي أخـرج في 1952 كـصـيـغـة مـحـلـيـة لـفِـلـم 1940، والـفِـلـم الـهـنـدي الّـذي أخـرج في 1977… وكـلّ هـذه الأفـلام سـاذجـة الـمـحـتـوى بـسـيـطـة الـعـرض، هـدفـهـا تـسـلـيـة الـمـشـاهـد ونـقـلـه إلى أجـواء غـريـبـة عـجـيـبـة، لا عـمـق فـيـهـا ولا ابـتـكـار رغـم الـنّـجـاح الـسّـاحـق الّـذي لاقـتـه …
تـمـثـال جـرتـرود بـيـل في الـمـتـحـف الـعـراقي
تـبـنّـت الـمـس جـرتـرود بـيـل مـنـذ عـام 1923 مـشـروع تـأسـيـس مـتـحـف وطـني عـراقي لـحـفـظ الـمـجـمـوعـات الأثـريـة الّـتي تـراكـمـت عـامـاً بـعـد عـام في قـاعـات الـسّـراي الـقـديـمـة. وشُـيّـدت لـه بـنـايـة في مـنـطـقـة “عـلاوي الـحـلّـة”. وفـتـح الـمـتـحـف أبـوابـه لـلـزوّار في حـزيـران 1926. وتـوفـيـت (الـخـاتـون)، كـمـا كـان الـبـغـداديـون يـسـمـون الـمـس جـرتـرود بـيـل، في بـغـداد عـام 1926. وقـد نـصـبـت في ذكـراهـا، في مـدخـل الـمـتـحـف الـعـراقي، لـوح مـن الـبـرونـز فـوقـه تـمـثـال لـهـا. وعـلى الـلـوح نـصّ بـالـلـغـة الإنـكـلـيـزيـة في نـصـفـه الأيـسـر، وتـرجـمـتـه إلى الـلـغـة الـعـربـيـة في الـنّـصـف الأيـمـن. وقـد أزاح الـمـلـك فـيـصـل الأوّل الـسّـتـارة عـنـه …
مـحـلّات أوروزدي بـاك في بـغـداد
إغـتـنـت عـائـلـة بـاخ الـيـهـوديـة مـن الـتّـجـارة في الإمـبـراطـوريـة الـنّـمـسـاويـة ـ الـمـجـريـة، ثـمّ تـشـاركـت مـع عـائـلـة يـهـوديـة أخـرى مـن أصـل نـمـسـاوي مـجـري : أوروزدي. واتّـفـق ولـدا أوروزدي مـع ابـنَي مـوريـس بـاخ عـلى تـسـمـيـة شـركـتـهـم : “أوروزدي ــ بـاخ”. وقـد فـتـح الـشّـركـاء الأربـعـة في بـاريـس عـام 1888 الـمـكـتـب الـرّئـيـسي لـشـركـتـهـم الـتّـجـاريـة بـعـد أن غـيّـروا كـتـابـة اسـم بـاخ Bach الألـمـاني (الّـذي يـلـفـظ “بـاك” بـالـفـرنـسـيـة ) إلى Back، وأصـبـح اسـم الـشّـركـة : Orosdi- Back … وقـد افـتـتـح مـحـل كـبـيـر لأوروزدي بـاك في بـغـداد في بـدايـة عـشـريـنـيـات الـقـرن الـمـاضي، ثـمّ آخـر في الـبـصـرة …
صـور عـن الـعـراق مـن بـدايـة الـقـرن الـعـشـريـن (1) :
أنـشـأ هـنـدي مـن الـرّعـايـا الـبـريـطـانـيـيـن في الـعـراق، عـبـدُ الـعـلي آدمـس مـؤسـسـة أسـمـاهـا “عـبـدُ الـعـلي اخـوانـا” (إخـوان). وكـان لـهـا نـشـاطـات مـتـنـوعـة في بـغـداد. وقـد طـبـعـت الـمـؤسـسـة بـطـاقـات بـريـديـة عـن صـور لـلـعـراق وبـاعـتـهـا خـلال سـنـوات طـويـلـة …
صـور عـن الـعـراق مـن بـدايـة الـقـرن الـعـشـريـن (2) :
وصـلـتـنـا أعـداد كـبـيـرة مـن صـور الـبـطـاقـات الـبـريـديـة الّـتي طـبـعـهـا اسـتـوديـو إلدورادو لـلـتّـصـويـر الـفـوتـوغـرافي، والّـذي كـان لـه مـحـل في شـارع الـرّشـيـد في بـغـداد في الـنّـصـف الأوّل مـن الـقـرن الـعـشـريـن. وكـانـت هـذه الـبـطـاقـات تـوضـع في ظـروف (وهـذا الـجـمـع أصـحّ مـن “مـظـاريـف”). كـمـا كـان يـعـرض لـلـبـيـع مـجـمـوعـات مـخـتـارة يـضـعـهـا في ظـروف كـبـيـرة. وتـصـوّر أغـلـب الـبـطـاقـات مـعـالـم بـغـداد، وتـصـور بـعـضـهـا أسـواق بـغـداد، وطـاق كـسـرى، والـبـصـرة والـعـشّـار …
وصـلـتـنـا صـور لـبـطـاقـات بـريـديـة عـن الـعـراق طـبـعـهـا إسـكـنـدر ج. زفـوبـودا. وهـو يـنـتـمي إلى عـائـلـة زفـوبـودا الـبـغـداديـة الّـتي بـدأت بـوصـول الـتّـاجـر الـمـجـري أنـطـون زفـوبـودا إلى بـغـداد في بـدايـة الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر واسـتـقـراره فـيـهـا. وقـد تـزوّج أنـطـون عـام 1825 بـبـغـداديـة مـسـيـحـيـة مـن عـائـلـة أرمـنـيـة، وأنـجـب مـنـهـا أحـد عـشـر ولـداً وبـنـتـاً. ويـبـدو أنّ إسـكـنـدر ج. زفـوبـودا هـو إسـكـنـدر ريـشـارد، إبـن جـوزيـف مـاتـيـا، الإبـن الـثّـاني لأنـطـون زفـوبـودا .وقـد ولـد إسـكـنـدر ريـشـارد في بـغـداد سـنـة 1878…
صـور عـن الـعـراق مـن بـدايـة الـقـرن الـعـشـريـن (4) :
وصـلـتـنـا أعـداد مـن الـبـطـاقـات الـبـريـديـة الّـتي كُـتـب في أسـفـل يـمـيـن حـاشـيـتـهـا بـالـحـروف الـمـطـبـعـيـة : J.S. Hoory , Baghdad. كـمـا كـتـب في أسـفـل يـسـار حـاشـيـتـهـا بـالإنـكـلـيـزيـة وبـالـحـروف الـمـطـبـعـيـة وصـف الـمـشـهـد الّـذي تـصـوّره. وأُضـيـف عـلى كـثـيـر مـنـهـا تـعـلـيـق مـخـطـوط بـالـعـربـيـة، في داخـل الـصّـورة ولـيـس عـلى الإطـار. وأغـلـب هـذه الـبـطـاقـات الـبـريـديـة تـصـوّر مـشـاهـد مـن مـديـنـة بـغـداد ومـا حـولـهـا أو الـمـوصـل أو كـركـوك أو أربـيـل أو الـبـصـرة، ومـعـالـمـهـا الـدّيـنـيـة والـمـدنـيـة …
فـيـصـل وجـرتـرود ــ الـقـسـم الأوّل
إلـتـقـت الـبـريـطـانـيـة جـرتـرود بـيـل بـالأمـيـر فـيـصـل بـن الـحـسـيـن في بـاريـس عـام 1919. ويـمـكـنـنـا أن نـتـابـع مـن خـلال الـرّسـائـل الّـتي كـتـبـتـهـا الـمـس بـيـل لأبـيـهـا ولـزوجـة أبـيـهـا، ومـن الـنّـصـوص الأخـري الّـتي تـركـتـهـا، عـلاقـات الـصّـداقـة والـثّـقـة الـمـتـبـادلـة الّـتي ربـطـت بـيـنـهـا وبـيـن الأمـيـر فـيـصـل مـنـذ هـذا الـلـقـاء، ودورهـا في اخـتـيـاره لـعـرش الـعـراق وتـتـويـجـه مـلـكـاً عـلـيـه في فـجـر الـثّـالـث والـعـشـريـن مـن آب عـام 1921 تـحـت اسـم “فـيـصـل الأوّل” …
فـيـصـل وجـرتـرود ــ الـقـسـم الـثّـاني
قـبـل أن يـنـتـهي الأسـبـوع الأوّل الّـذي تـلا تـتـويـجـه في آب عـام 1921، دعـا الـمـلـك فـيـصـل الـمـس جـرتـرود بـيـل لـيـسـتـشـيـرهـا في تـصـمـيـم الـعـلـم الـجـديـد وفي شـعـار الـمـمـلـكـة. وكـانـت جـرتـرود قـد أعـدّت لـلأمـيـر فـيـصـل سـكـنـاً في جـانـب مـن الـسّـراي وبـدأت بـإعـداد دار لـلـمـلـك تـطـلّ عـلى نـهـر دجـلـة. وكـانـت عـائـلـة الـمـلـك فـيـصـل قـد بـقـيـت في مـكّـة. وشـرع فـيـصـل في عـام 1924، بـجـلـب أفـراد عـائـلـتـه إلى بـغـداد. فـأتى بـشـقـيـقـه الأصـغـر زيـد، ثـمّ أتى بـعـد ذلـك بـابـنـه الـوحـيـد غـازي الّـذي كـان في الـثّـانـيـة عـشـرة مـن عـمـره …
عـبـد الـرّحـمـن الـنّـقـيـب وتـشـكـيـل الـحـكـومـة الإنـتـقـالـيـة عـام 1921
عـهـدت الـحـكـومـة الـبـريـطـانـيـة لـجـرتـرود بـيـل، سـكـرتـيـرة الـشّـؤون الـشّـرقـيـة في بـغـداد، بـتـنـفـيـذ اسـتـفـتـاء حـول مـشـروع إنـشـاء دولـة مـوحّـدة لـلـولايـات الـثّـلاث : بـغـداد والـبـصـرة والـمـوصـل، يـكـون لـهـا اسـتـقـلالـهـا الـذّاتي ولـكـن تـحـت الإنـتـداب الـبـريـطـاني. ولـتـكـمـل الإسـتـفـتـاء، قـررت الـمـس بـيـل أن تـبـادر إلى الإلـتـقـاء بـوجـهـاء الـعـراق ورجـالـه الـمـهـمّـيـن لـتـسـتـشـيـرهـم في الأمـر. وقـد سـجّـلـت جـرتـرود بـيـل في الـمـلـحـق الّـذي أرسـلـتـه إلى مـؤتـمـر الـسّـلـم في بـاريـس نـصّ لـقـاءهـا بـالـسّـيّـد عـبـد الـرّحـمـن أفـنـدي الـكـيـلاني، نـقـيـب أشـراف بـغـداد في 6 شـبـاط 1920 …
قـام الـكـاتـب الأمـريـكي جـون دوس بـاسـوس، وهـو مـن أهـمّ أدبـاء الـقـرن الـعـشـريـن، بـرحـلـة مـن نـيـويـورك إلى إلـشّـرق بـالـبـاخـرة، ثـمّ بـقـطـار الـشّـرق الـسّـريـع إلى إسـطـنـبـول في عـام 1921. وزار بـلاد الأرمـن وبـلاد الـفـرس (إيـران الـحـالـيـة) ووصـل إلى بـغـداد عـن طـريـق خـانـقـيـن وزار بـابـل وسـامـراء، ثـمّ صـعـد إلى دمـشـق مـارّاً بـالـرّمـادي وكـبـيـسـة. ونـشـر سـرد رحـلـتـه هـذه عـام 1922 في كـتـاب صـغـيـر أسـمـاه “قـطـار الـشّـرق الـسّـريـع” …
إسـتـفـتـاء عـام 1921 بـيـن مـنـاصـر لـه ومـعـارض
بـعـد أن تـركـت الـحـكـومـة الـبـريـطـانـيـة مـشـروع اسـتـعـمـار الـعـراق وربـطـه بـحـكـومـة الـهـنـد الـبـريـطـانـيـة، طـلـبـت مـن إدارتـهـا الـمـدنـيـة ا في بـغـداد إجـراء اسـتـفـتـاء لآراء الـنّـاس في ولايـات بـغـداد والـمـوصـل والـبـصـرة، لإنـشـاء دولـة مـوحّـدة لـهـذه الـولايـات الـثّـلاث، لـهـا اسـتـقـلالـهـا الـذّاتي ولـكـن تـحـت الإنـتـداب الـبـريـطـاني. وقـد لاقى الـمـشـروع مـنـاصـرة الـبـعـض لـه ومـعـارضـة الـبـعـض الآخـر …
تـشـيـزمـان ومَـيـنـارد وطـوابـع الـمـمـلـكـة الـعـراقـيـة
بـدأ عـام 1921 مـشـروع إصـدار طـوابـع خـاصّـة بـالـمـمـلـكـة الـجـديـدة عـلـيـهـا اسـم “الـعـراق”. وقـد حـفـرت ألـواحـهـا وطـبـعـت اعـتـمـاداً عـلى رسـوم نـفّـذتـهـا انـكـلـيـزيـتـان كـانـتـا تـقـيـمـان في بـغـداد: فـلـورنـس إيـديـث تـشـيـزمـان ومـرجـوري جـوزفـيـن مَـيـنـارد.
واسـتـغـرق إكـمـال تـصـمـيـمـهـا وطـبـعـهـا وقـتـاً طـويـلاً. ولـم تـصـدر أغـلـب هـذه الـطّـوابـع إلّا في أوّل حـزيـران 1923. وصـدر طـابـع الـثّـلاث آنـات في أواخـر 1923، والـطّـابـع الأصـفـر بـروبـيـتـيـن في أوّل حـزيـران 1925 …
الـعـراق في رسـوم فـلـورنـس تـشـيـزمـان
وصـلـت فـلـورنـس إيـديـث تـشـيـزمـان إلى بـغـداد عـام 1921 مـع أخـيـهـا الـصّـغـيـر روبـرت الّـذي كـان كـولـونـيـلاً في الـجـيـش الـبـريـطـاني، واخـتـيـر سـكـرتـيـراً شـخـصـيـاً لـلـمـنـدوب الـسّـامي فـيـهـا، الـسّـيـر بـرسـي كـوكـس.
ورسـمـت فـلـورنـس إيـديـث تـشـيـزمـان في بـغـداد لـوحـات زيـتـيـة تـمـثّـل الـمـلـك فـيـصـل الأوّل أو دار جـرتـرود بـيـل أو حـسـن الـصّـقّـار، كـمـا نـفّـذت أعـداداً مـن الـرسـوم بـالألـوان الـمـائـيـة، نـشـر مـنـهـا 16 رسـمـاً في ألـبـوم عـام 1922 …
الـمـعـمـاري ج. م. ولـسـن في الـعـراق
بـعـد أن شـارك الـمـعـمـاري الإسـكـتـلـنـدي جـيـمـس مـولـيـسـون ولـسـن في تـشـيـيـد عـاصـمـة جـديـدة في الـهـنـد الـبـريـطـانـيـة : نـيـو دلـهي، أي دلـهي الـجـديـدة، جـنّـد في جـيـش الـهـنـد عـام 1915. وتـرقّى إلى رتـبـة مـيـجـر. وبـعـد انـتـهـاء الـحـرب، عـيّـن عـام 1920 مـديـراً لـلأشـغـال الـمـدنـيـة في بـغـداد، وكـان في الـثّـالـثـة والـثّـلاثـيـن مـن عـمـره. ثـمّ مـديـراً لـلأشـغـال الـعـمـومـيـة. وصـمـم عـام 1921 مـسـتـشـفى مـود الـتّـذكـاري في الـبـصـرة، و“الـبـلاط الـمـلـكي” في الـكـسـرة عـام 1923، ثـمّ جـامـعـة آل الـبـيـت في بـغـداد، و مـكـاتـب مـيـنـاء الـبـصـرة، ومـيـنـاء الـبـصـرة الـجـوّي أي مـطـار الـبـصـرة. ولـكـن أهـمّ إنـجـازاتـه كـانـت ولا شـكّ “مـحـطّـة قـطـار بـغـداد الـعـالـمـيـة” الّـتي صـمـمـهـا عـام 1947 …
حـمّـودي والـتّـنـقـيـبـات الأثـريـة
عـنـدمـا نـقـرأ عـن الـتّـنـقـيـبـات الأثـريـة لا نـجـد غـالـبـاً إلّا أسـمـاء عـلـمـاء الآثـار الّـذيـن أشـرفـوا عـلـيـهـا وأحـيـانـاً أسـمـاء بـعـض مـن سـاعـدوهـم فـيـهـا. ولا نـجـد إلّا نـادراً أسـمـاء الـعـمّـال الّـذيـن حـفـروا وأزاحـوا الـتّـراب عـن الـمـواقـع الأثـريـة ووجـدوا الـقـطـع الـقـيّـمـة الّـتي كـانـت تـرقـد فـيـهـا. ومـن أشـهـر هـؤلاء ولا شـكّ الـشّـيـخ حـمّـودي. وقـد اشـتـغـل حـمّـودي، وهـو مـحـمّـد بـن الـشّـيـخ إبـراهـيـم، كـرئـيـس عـمّـال خـاصّـة مـع لـيـونـارد وولي ومـاكـس مـالـوان. وكـان مـالـوان زوج الـكـاتـبـة الـبـريـطـانـيـة الـشّـهـيـرة أجـاثـا كـريـسـتي، الّـتي ذكـرت حـمّـودي عـدّة مـرّات في كـتـابـهـا: “تـعـال أخـبـرني كـيـف تـعـيـش” …
عـنـدمـا كـانـت سـيّـارات نـيـرن تـنـقـل الـمـسـافـريـن عـبـر الـبـاديـة
قـاتـل الأخـوان نـورمـان وجـيـرالـد نـيـرن في صـفـوف الـقـوات الـنـيـوزيـلـنـديـة في الـجـيـش الـبـريـطـاني خـلال الـحـرب الـعـالـمـيـة الأولى. وشـاركـا في مـعـارك الـشّـرق الأدنى، ثـمّ بـقـيـا في الـمـنـطـقـة بـعـد انـتـهـاء الـحـرب. وفي 1919 فـتـحـا مـحـلّاً في بـيـروت لـبـيـع سـيّـارات مـن مـخـلّـفـات الـحـرب. ثـمّ اسـتـعـمـلا، في 1920، الـسّـيّـارات الّـتي لـم يـسـتـطـيـعـا بـيـعـهـا لـنـقـل الـمـسـافـريـن بـيـن بـيـروت وحـيـفـا، وكـذلـك لـنـقـل الـبـريـد. وقـامـا بـعـدّة رحـلات عـبـر الـبـاديـة بـيـن بـغـداد ودمـشـق وتـوصـلا إلى اخـتـيـار الـطّـريـق والـسّـيّـارات الـقـادرة عـلى سـلـكـهـا لـنـقـل الـبـريـد. وبـعـد أن حـالـفـهـمـا الـنّـجـاح، وسّـعـا إعـمـال شـركـتـهـمـا لـتـضـمّ نـقـل الـمـسـافـريـن والـبـضـائـع …
أوغـسـطـس إدويـن جـون يـرسـم صـورة الأمـيـر فـيـصـل بـن الـحـسـيـن
كـان الـفـنّـان أوغـسـطـس إدويـن جـون قـد أجّـر مـرسـمـاً في بـاريـس عـام 1919 عـنـدمـا جـاء إلـيـهـا الأمـيـر فـيـصـل بـن الـحـسـيـن لـيـنـوب عـن أبـيـه الـحـسـيـن، شـريـف مـكّـة في مـؤتـمـر الـصّـلـح. وقـد طـلـب مـنـه إدويـن جـون أن يـجـلـس أمـامـه لـيـرسـمـه. ووافـق الأمـيـر فـيـصـل (الّـذي أصـبـح بـعـد ذلـك مـلـكـاً عـلى سـوريـا، ثـمّ مـلـكـاً عـلى الـعـراق تـحـت اسـم فـيـصـل الأوّل). وكـان الـكـولـونـيـل لـورنـس بـصـحـبـة الأمـيـر فـيـصـل. والـحـقـيـقـة أنّ أدويـن جـون رسـم لـوحـتـيـن لـفـيـصـل مـا زالـت الأولى مـنـهـمـا في مـتـحـف أشـمـولـيـان في جـامـعـة أكـسـفـورد، والـثّـانـيـة في مـتـحـف بـرمـنـغـهـام …
فـيـصـل وأنـاتـول فـرانـس في بـاريـس عـام 1919
أرسـل الـحـسـيـن، شـريـف مـكّـة، ابـنـه فـيـصـل إلى بـاريـس لـيـمـثّـلـه في مـؤتـمـر الـسّـلـم الّـذي كـان سـيـعـقـد في قـصـر فـرسـاي في عـام 1919، أي بـعـد نـهـايـة الـحـرب الـعـالـمـيـة الأولى. ووصـل الأمـيـر فـيـصـل بـن الـحـسـيـن (الّـذي سـيـصـبـح بـعـد ذلـك الـمـلـك فـيـصـل الأوّل) ومـرافـقـيـه إلى مـرسـيـلـيـا، في جـنـوب فـرنـسـا في 7 كـانـون الأوّل 1918.
وقـد تـوثّـقـت عـلاقـات صـداقـة خـلال الأشـهـر الأربـعـة الّـتي أقـام فـيـهـا الأمـيـر فـيـصـل في بـاريـس بـيـنـه وبـيـن والـكـاتـب الـفـرنـسي الـشّـهـيـر أنـاتـول فـرانـس. وكـان أنـاتـول فـرانـس، إلى جـانـب إعـجـابـه بـشـخـصـيـة الأمـيـر فـيـصـل وبـجـمـال مـظـهـره، يـسـانـد حـقـوق الـشّـعـوب في تـقـريـر مـصـيـرهـا ويـنـدد بـتـقـسـيـم أراضـيـهـا بـيـن الـقـوى الإسـتـعـمـاريـة، وكـان يـسـانـد الـقـضـيـة الـعـربـيـة الّـتي كـان فـيـصـل قـد جـاء لـيـدافـع عـنـهـا في مـؤتـمـر فـرسـاي …
الـعـراق كـمـا رسـمـه الأخـوان كـارلايـن مـن الـسّـمـاء عـام 1919
تـطـوّع سـيـدني ولـيـام كـارلايـن وأخـوه ريـشـارد كـوتـون في طـيـران الـجـيـش الـبـريـطـاني الـمـلـكي بـعـد انـدلاع الـحـرب الـعـالـمـيـة الأولى، وقـاتـلا حـتّى عـام 1918 في جـبـهـات الـحـرب الأوربـيـة ونـفّـذ عـنـهـا تـخـطـيـطـات ورسـومـاً.
ثـمّ أرسـلـهـمـا مـتـحـف الإمـبـراطـوريـة الـحـربي إلى الـشّـرق الأدنى كـرسـامَي حـرب رسـمـيَـيـن مـرتـبـطّـيـن بـالـقـوّة الـجـوّيـة الـمـلـكـيـة. وكـانـت مـهـمـتـهـمـا أن يـرسـمـا تـخـطـيـطـات مـن طـائـرتـهـمـا ثـمّ رسـومـاً أكـثـر اكـتـمـالاً لـمـنـاطـق في الـشّـرق، ومـن بـيـنـهـا الـعـراق، أرسـلا لاسـتـطـلاعـهـا ولـمـتـابـعـة مـا كـان يـحـدث فـيـهـا. ووصـلا عـام 1919 إلى بـغـداد الّـتي بـقـيـا فـيـهـا حـتّى مـنـتـصـف تـمّـوز.
ويـبـدو أنّ الأخـويـن كـارلايـن كـان يـقـومـان بـمـهـمـاتـهـمـا مـعـاً في نـفـس الـطّـائـرة، يـجـلـس الّـذي يـرسـم مـنـهـمـا عـلى الـمـقـعـد الـخـلـفي لـيـخـطـط بـقـلـم رصـاص عـلى الـورق مـشـاهـد يـحـولّـهـا بـعـد ذلـك إلى رسـوم تـحـضـيـريـة ثـمّ إلى لـوحـات، بـيـنـمـا يـقـود الآخـر مـنـهـمـا الـطّـائـرة ….
حـصـلـت مـكـتـبـة جـامـعـة كـالـيـفـورنـيـا في لـوس أنـجـلـس عـلى ألـبـوم صـور يـعـود تـاريـخـه إلى 1919. ويـحـتـوي عـلى حـوالي 185 صـورة فـوتـوغـرافـيـة و 25 بـطـاقـة بـريـديـة عـلـيـهـا تـعـلـيـقـات بـخـطّ الـيّـد. ويـبـدو أنّ الألـبـوم كـان لـضـابـط بـريـطـاني الـتـقـط الـصّـور خـاصّـة في بـغـداد والـبـصـرة، ولـكـن أيـضـاً في سـلـمـان بـاك وبـابـل والـنّـجـف والـكـوفـة … وتـصـوّر مـشـاهـد مـتـنـوّعـة مـثـل حـيـاة الـعـراقـيـيـن الـيـومـيـة والـمـقـاهي وقـوارب وقـفـف دجـلـة والـجـسـور وضـبـاط الـجـيـش الـبـريـطـاني والـجـوامـع والـكـنـائـس وجـني الـتّـمـر مـن عـلى الـنّـخـيـل …
رسـوم دونـالـد مـاكـسـويـل ولـوحـاتـه عـن الـعـراق في بـدايـة الـقـرن الـعـشـريـن
شـارك الـرّسّـام الـبـريـطـاني دونـالـد مـاكـسـويـل في الـحـرب الـعـالـمـيـة الأولى كـضـابـط في الـبـحـريـة الـمـلـكـيـة الـبـريـطـانـيـة، ثـمّ كـرسّـام رسـمي . ورسـم خـلال تـلـك الـفـتـرة سـفـن الـبـحـريـة الـبـريـطـانـيـة وعـمـلـيـاتـهـا الـحـربـيـة. وقـد بـعـثـه الـمـتـحـف الـحـربي عـام 1919 إلى الـعـراق لـيـنـفـذ رسـومـاً ولـوحـات عـن الـسّـفـن الـحـربـيـة وعـن الـمـلاحـة في دجـلـة والـفـرات. وقـد نـشـر دونـالـد مـاكـسـويـل في لـنـدن عـام 1921 كـتـابـاً يـسـرد فـيـه رحـلـتـه. وصـاحـب نـصّـه بـعـدد كـبـيـر مـن الإسـكـتـشـات بـعـدّة ألـوان أو بـلـون واحـد، وبـعـدد مـن الـتـخـطـيـطـات …
مـن الـبـصـرة إلى بـغـداد، في رحـلـة دونـالـد مـاكـسـويـل الـفـنّـيـة
أُرسـل رسّـام الـحـرب الـبـريـطـاني دونـالـد مـاكـسـويـل إلى الـعـراق في أواخـر عـام 1918 لـمـتـابـعـة الـعـمـلـيـات الـعـسـكـريـة في الـمـنـطـقـة ورسـمـهـا، ووصـل إلى الـبـصـرة في كـانـون الـثّـاني 1919، أي بـعـد انـتـهـاء الـحـرب الـعـالـمـيـة الأولى. ولـكـنّ احـتـلال الـجـيـش الـبـريـطـاني لـلـعـراق لـم يـكـن قـد اكـتـمـل بـعـد. وأقـام دونـالـد مـاكـسـويـل في الـعـراق إلى أواخـر شـهـر حـزيـران، لـيـكـمـل مـهـمـاتـه، قـبـل أن يـعـود إلى إنـكـلـتـرة. وقـد نـفّـذ أعـداداً كـبـيـرة مـن الـرّسـوم الـرّائـعـة، مـا زال مـتـحـف الإمـبـراطـوريـة الـحـربي في لـنـدن يـحـتـفـظ بـكـثـيـر مـنـهـا …
مـن بـعـقـوبـة إلى هـيـت، الـعـراق كـمـا رسـمـه جـون ريـفـل
مـرّ الـفـنّـان الأسـكـتـلـنـدي جـون ريـفـل في طـريـق رجـوعـه مـن الـهـنـد إلى بـريـطـانـيـا بـبـلاد الـفـرس، ومـنـهـا إلى بـعـقـوبـة، وصـعـد إلى بـغـداد فـسـامـراء، ثـمّ نـزل نـحـو الـكـوت فـبـغـداد فـالـبـاديـة وانـتـهى بـصـعـود الـفـرات مـن الـرّمـادي إلى هـيـت، ثـمّ نـحـو الـبـحـر الأبـيـض الـمـتـوسـط فـأوروبـا.
وقـد مـرّ ريـفـل بـالـعـراق عـام 1918، كـمـا يـمـكـنـنـا أن نـقـرأه في أسـفـل أحـد رسـومـه لـبـعـقـوبـة. كـمـا نـقـرأ في أسـفـل أحـد رسـومـه لـلـكـوت أنّـه زارهـا في أواخـر ذلـك الـعـام، أي بـعـد احـتـلال الـبـريـطـانـيـيـن لأجـزاء واسـعـة مـن الـعـراق …
الـعـراق في رسـوم تـشـارلـز ولـيـام كَـيـن وأعـمـالـه الـطّـبـاعـيـة
بـعـد أن درس تـشـارلـز ولـيـام كـيـن الـفـنّ في إنـكـلـتـرة، قـاتـل عـنـد انـدلاع الـحـرب الـعـالـمـيـة الأولى في صـفـوف الـجـيـش في الـهـنـد الـبـريـطـانـيـة والـعـراق. وبـقي في الـجـيـش حـتّى نـهـايـة الـحـرب. وقـد أتـيـحـت لـه الـفـرصـة في الـعـراق لـرسـم لـوحـات زيـتـيـة وألـوان مـائـيـة وأعـداد كـبـيـرة مـن الـتّـخـطـيـطـات لـدجـلـة ولـبـعـض مـعـالـم بـغـداد والـبـصـرة ولـبـيـوتـهـمـا الـقـديـمـة وأحـيـائـهـمـا ولـمـشـاهـد كـانـت جـديـدة عـلـيـه.
وأنـتـج في عـشـريـنـات الـقـرن الـمـاضي وثـلاثـيـنـاتـه أعـداداً كـبـيـرة مـن الـلـوحـات الـزّيـتـيـة والألـوان الـمـائـيـة، كـمـا نـفّـذ 74 عـمـلاً طـبـاعـيـاً غـرافـيـكـيـاً أخـذ أغـلـب مـواضـيـعـهـا مـن رسـوم كـان قـد قـام بـهـا في الـعـراق وبـلاد الـفـرس والـهـنـد وبـورمـا خـلال الـحـرب …
وصـل الإسـكـتـلـنـدي كـيـنـيـث مـكـنـزي إلى بـغـداد بـعـد نـهـايـة الـحـرب عـام 1918. ويـبـدو أنّ هـمـفـري بـومـان الّـذي كـان مـديـراً لـلـمـعـارف في بـغـداد مـن 1918 إلى 1920 هـو الّـذي اقـتـرح عـلـيـه أن يـأتي إلى بـغـداد لـفـتـح مـكـتـبـة فـيـهـا عـنـدمـا الـتـقى بـه في لـنـدن. وقـد فـتـح مـكـنـزي أوّلاً، مـكـتـبـة “حـكـومـيـة” في بـنـايـة الـسّـراي. وبـعـد تـأسـيـس الـمـمـلـكـة الـعـراقـيـة عـام 1921، حـصـل كـيـنـيـث مـكـنـزي عـلى احـتـكـار مـن وزارة الـمـعـارف لاسـتـيـراد الـكـتـب الإنـكـلـيـزيـة لـلـمـدارس الـعـراقـيـة. وبـعـد أن انـتـهى عـقـده مـع الـحـكـومـة اشـتـرى مـكـنـزي الـمـكـتـبـة مـنـهـا وحـوّلـهـا إلى “MacKenzie & MacKenzie bookshop” …
الـعـراق في صـور وكـالـة رول Rol
أنـشـأ الـمـصـور الـفـوتـوغـرافي الـفـرنـسي مـارسـيـل رول في بـاريـس عـام 1904 “وكـالـة تـصـويـر فـوتـوغـرافي لـلأنـبـاء” أسـمـاهـا : “مـارسـيـل رول وشـركـاؤه”. وكـانـت تـبـعـث مـصـوريـهـا في أنـحـاء الـعـالـم لالـتـقـاط صـور لأهـمّ الأحـداث الّـتي تـجـري فـيـه، وتـبـيـعـهـا بـعـد ذلـك إلى الـجـرائـد والـمـجـلّات الّـتي تـحـتـاجـهـا. وقـد وجـدت في الـقـسـم الـمـخـصـص لـلـعـراق مـن هـذه الأرشـيـفـات صـوراً كـثـيـرة بـالأسـود والأبـيـض حـاولـت تـصـنـيـفـهـا حـسـب الأمـاكـن الّـتي الـتـقـطـت فـيـهـا أو حـسـب مـواضـيـعـهـا أو حـسـب الـسّـنـوات الّـتي الـتـقـطـت بـهـا …
دخـول الـقـوّات الـبـريـطـانـيـة في بـغـداد عـام 1917
تـقـدمـت الـقـوّات الـبـريـطـانـيـة في 1914، قـبـل أن تـبـدأ الـحـرب الـعـالـمـيـة الأولى، واحـتـلّـت الـبـصـرة وضـفـاف دجـلـة والـفـرات، لـحـمـايـة مـصـالـح شـركـة الـنّـفـط الإنـكـلـيـزيـة ــ الـفـارسـيـة. وفي 1915، تـوجّـه تـشـارلـز تـاونـزنـد بـقـواتـه نـحـو الـكـوت، ولـكـنّ الـقـوّات الـعـثـمـانـيـة هـزمـتـهـم. وعـيّـن الـلـيـوتـنـات ــ جـنـرال فـريـدريـك سـتـانـلي مـود عـام 1916 عـلى رأس الـقـوات الـبـريـطـانـيـة في الـعـراق. واسـتـلـم في شـهـر كـانـون الأوّل 1917 أمـراً بـالـمـسـيـر نـحـو بـغـداد. ودخـل الـجـنـرال مـود وجـنـوده بـغـداد في 11 آذار …
مـنـحـوتـات بـاب الـطّـلـسـم في بـغـداد
وصـلـتـنـا رسـوم وصـور فـوتـوغـرافـيـة لـبـاب الـحـلـبـة في بـغـداد ولـلـمـنـحـوتـات الّـتي كـانـت تـحـيـط بـه والّـتي تـأمّـلـهـا الـبـغـداديـون قـرونـاً طـويـلـة قـبـل تـدمـيـره في 11 آذار 1917. وكـانـت الـعـامـة تـسـمـيـه “بـاب الـطّـلـسـم” لـغـمـوض مـعـاني مـنـحـوتـاتـه الّـتي كـان يـصـعـب عـلـيـهـم إدراك مـغـزاهـا بـعـد أن أنـسـاهـم إيـاهـا مـرور الـقـرون. وعـنـدمـا نـتـأمّـل نـحـن، في زمـانـنـا هـذا، الـصّـور الـفـوتـوغـرافـيـة الّـتي الـتـقـطـت لـهـذه الـمـنـحـوتـات والـرّسـوم الّـتي خـطـطـت لـهـا، نـحـسّ بـهـذا الـغـمـوض الّـذي كـان يـحـيـط بـهـا. وتـدفـعـنـا الـرّغـبـة في إدراك مـغـزاهـا ومـعـانـيـهـا إلى مـحـاولـة تـحـلـيـلـهـا ومـقـارنـتـهـا بـمـا وصـلـنـا مـن مـنـحـوتـات أخـرى عـلّـنـا نـتـوصـل إلى تـحـسـيـن مـعـرفـتـنـا بـهـا، وبـجـزء مـن تـراثـنـا الّـذي ضـاع مـنّـا بـضـيـاعـهـا …
صـور مـحـطـة قـطـار بـغـداد 1917
فـكّـر الألـمـان مـنـذ سـبـعـيـنـات الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر بـمـدّ خـطّ سـكـك حـديـديـة بـيـن بـرلـيـن وأراضي الـدّولـة الـعـثـمـانـيـة لـكي تـتـوصـل ألـمـانـيـا إلى الـتّـغـلـغـل في مـنـاطـق الـشّـرق. ولـكـنّ الـمـفـاوضـات لـفـتـح خـطّ بـرلـيـن ــ بـغـداد، اسـتـغـرقـت زمـنـاً طـويـلاً. ولـم يـشـرع الألـمـان في الـعـمـل عـلى خـط الـسّــكّـة الـحـديـديـة الـعـريـض مـن بـغـداد بـاتـجـاه الـشّـمـال إلّا عـام 1912، بـعـد وضـع الـحـجـر الأسـاس في مـحـطـة بـغـداد في جـانـب الـكـرخ. ولـم يـكـن الـخـطّ قـد تـجـاوز بـغـداد ــ سـامـراء عـنـدمـا وصـلـت الـقـوّات الـبـريـطـانـيـة أمـام أسـوار بـغـداد في آذار 1917 …
دار الـجـنـرال مـود في بـغـداد
دخـل الـلـيـوتـنـات ــ جـنـرال فـريـدريـك سـتـانـلي مـود بـغـداد عـلى رأس قـوّاتـه الـبـريـطـانـيـة في 11 ذار 1917، ومـات فـيـهـا في 18 تـشـريـن الـثّـاني مـن نـفـس الـعـام. وتـذكـر أغـلـب الـمـصـادر الّـتي لـديـنـا عـنـه أنّـه سـكـن في دار بـغـداديـة خـلال هـذه الأشـهـر. وهي الّـتي مـات فـيـهـا. وتـذكـر أيـضـاً أنّـهـا نـفـس الـدّار الّـتي كـان قـد مـات فـيـهـا الـفـيـلـد مـرشـال الألـمـاني فـون ديـر غـولـتـس تـسـعـة عـشـر شـهـراً قـبـل ذلـك. وفـون ديـر غـولـتـس هـو الّـذي هـزم الـقـوّات الـبـريـطـانـيـة في الـكـوت عـنـدمـا كـان يـقـود الـجـيـش الـعـثـمـاني …
« بـيـن الـسّـحـب، في سـمـاء بـغـداد »ــ الـقـسـم الأوّل
قـاتـل جـون إدوارد تـانَـنـت، الّـذي كـان ضـابـطـاً في سـلاح الـطّـيـران الـبـريـطـاني، في الـعـراق بـيـن عـامَي 1916 و 1918. ونـشـر بـعـد ذلـك كـتـاب مـذكـرات روى فـيـه كـيـف صـاحـب قـوّات الـجـنـرال فـريـدريـك سـتـانـلي مـود في صـعـودهـا مـن الـبـصـرة نـحـو بـغـداد، وكـيـف ألـقى بـالـقـنـابـل عـلى بـغـداد قـبـل أن تـسـتـطـيـع هـذه الـقـوّات دخـولـهـا في 11 آذار 1917. ثـمّ اسـتـمـرّ يـقـصـف ويـلـقي بـالـقـنـابـل مـع طـيّـاري الـحـرب الآخـريـن حـتّى اكـتـمـل احـتـلال الـبـريـطـانـيـيـن لـلـعـراق. وصـاحـب نـصّ الـكـتـاب بـصـور فـوتـوغـرافـيـة كـان قـد الـتـقـط أغـلـبـهـا مـن طـائـرتـه مـحـلّـقـاً في سـمـاء الـعـراق …
« بـيـن الـسّـحـب، في سـمـاء بـغـداد » ــ الـقـسـم الـثّـاني
يـكـمـل جـون إدوارد تـانَـنـت، في هـذا الـقـسـم الـثّـاني مـن عـرضـنـا مـا كـتـبـه عـن مـا بـعـد الإحـتـلال وحـتّى أواخـر نـيـسـان 1918 عـنـدمـا تـرك الـعـراق. ونـجـد فـيـه وصـفـاً لـبـغـداد بـعـد الإحـتـلال الـبـريـطـاني، وإنـسـحـاب الأتـراك نـحـو الـشّـمـال، ومـتـابـعـة الـقـوات الـبـريـطـانـيـة لـهـم عـلى ثـلاث جـبـهـات : ديـالى ودجـلـة والـفـرات.
ويـنـتـهي نـصّـه بـعـد أن أطـلـقـت الـمـدفـعـيـة الـتّـركـيـة بـقـذائـف عـلى طـائـرتـه أصـابـت إحـداهـا جـهـاز تـبـريـد الـمـاكـنـة. وأجـبـر تـانَـنـت عـلى الـهـبـوط في وسـط الـقـوّات الـتّـركـيـة ! وأخـذ أسـيـراً إلى أن حـررته الـقـوات الـبـريـطـانـيـة …
الـعـراق كـمـا رسـمـه غـروسـفـالـدس
تـطـوّع ع الـفـنّـان جـايـزيـبـس غـروسـفـالـدس عـام 1917 كـمـتـرجـم في الـجـيـش الـبـريـطـاني. وكـان غـروسـفالـدس قـد ولـد سـنـة 1891، في مـديـنـة ريـغـا، الّـتي كـانـت في ذلـك الـحـيـن جـزءاً مـن امـبـراطـويـة روسـيـا، وأصـبـحـت في أيّـامـنـا هـذه عـاصـمـة جـمـهـوريـة لاتـفـيـا.
وهـكـذا وصـل إلى الـشّـرق، وأقـام في بـغـداد وتـجـوّل في مـنـاطـق الـعـراق مـن الـبـصـرة إلى خـانـقـيـن. وبـقي في الـعـراق حـتّى عـام 1918. ونـجـد في مـجـمـوعـة “مـشـاهـد مـن حـيـاة الـشّـرق ومـصـر وبـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن وكـردسـتـان وبـلاد الـفـرس” الّـتي رسـمـهـا غـروسـفـالـدس، أعـداداً كـبـيـرة مـن الـرّسـوم بـالألـوان الـمـائـيـة عـن عـدّة مـنـاطـق في الـعـراق …
مـن نـيـويـورك إلى بـغـداد عـام 1914
نـشـرت مـجـلّـة الـنّـاشـيـونـال جـيـوغـرافـيـك الأمـريـكـيـة في عـددهـا الـصّـادر في شـهـر كـانـون الأوّل 1914، مـقـالـيـن عـن الـعـراق، عـنـوان الأوّل مـنـهـمـا : “الـمـكـان الّذي عـاش فـيـه آدم وحـواء”، الّـذي كـتـبـه فـردريـك سِـمـبِـك وشـاركـت فـيـه زوجـتـه مـرغـريـت. وقـد غـادرا نـيـويـورك في نـهـايـة عـام 1913 وأقـامـا في الـعـراق سـنـة، وتـكـلّـمـا في الـمـقـال عـن بـغـداد خـاصّـة، وزارت مـرغـريـت “حـريـم” رجـل غـنّي … وأهـمّ مـا في الـمـقـال الـصّـور الـفـوتـوغـرافـيـة الّـتي تـصـاحـبـه. وقـد الـتـقـط فـردريـك سِـمـبِـك بـنـفـسـه عـدداً مـنـهـا بـيـنـمـا أخـذ غـالـبـيـهـا مـن أرشـيـفـات Underwood and Underwood …
فـالـتـر أنـدريـه، عـالـم آثـار ورسّـام
إخـتـار عـالـم الآثـار الألـمـاني روبـرت كـولـدفـيـه مـعـمـاريـاً شـابـاً اسـمـه فـالـتـر أنـدريـه لـيـسـاعـده في تـنـقـيـبـاتـه الأثـريـة في بـابـل والّـتي بـدأت في آذار 1899. وتـعـلّـم فـالـتـر أنـدريـه مـن كـولـدفـيـه طـريـقـة رسـم الآثـار والـقـطـع الأثـريـة. وفي عـام 1904 أرسـل روبـرت كـولـدفـيـه مـسـاعـده فـالـتـر أنـدريـه لـيـنـقّـب في قـلـعـة الـشّـرقـاط، مـوقـع مـديـنـة آشـور الـقـديـمـة، أولى عـواصـم الـدّولـة الآشـوريـة. وقـد اسـتـمـرت تـنـقـيـبـات فـالـتـر أنـدريـه فـيـهـا إلى عـام 1914. وقـد سـجّـل فـالـتـر أنـدريـه خـلال كـلّ إقـامـتـه في الـعـراق مـا كـان يـراه حـولـه بـتـخـطـيـطـات وبـرسـوم بـالألـوان الـمـائـيـة رائـعـة الـجـمـال …
كـيـف شـيّـد فـالـتـر أنـدريـه بـوابـة عـشـتـار في مـتـحـف بـرلـيـن
مـا زال زوّار مـتـحـف بـرلـيـن يـتـأمـلـون بـذهـول الـبـوابـة الـمـتـلامـعـة الـزّرقـة بـثـيـرانـهـا وتـنـيـنـاتـهـا. ويـعـتـقـد كـثـيـر مـنـهـم أنّ الـمـنـقـبـيـن خـلـعـوا الـبـوابـة مـن بـابـل ونـصـبـوهـا في بـرلـيـن ! ولـكـن كـيـف اسـتـطـاع الألـمـاني فـالـتـر أنـدريـه تـجـمـيـع كـسـر الـطّـابـوق الـمـزجـج الألـوان الّـذي وجـده مـحـطّـمـاً مـتـنـاثـراً لـيـعـيـد تـشـكـيـل صـور الـثّـيـران والـحـيـوانـات الـخـرافـيـة (الـتّـنـيـنـات) الّـتي كـانـت تـغـطي جـدران بـوابـة عـشـتـار والأسـود الـمـتـتـابـعـة عـلى جـانـبي درب الـمـسـيـرات ؟ والّـذي تـطـلّـب سـنـوات طـويـلـة مـن الـعـمـل الـمـسـتـمـرّ …
“إسـمـاعـيـن إبـن جـاسـم” والـتّـنـقـيـبـات الألـمـانـيـة
إلـتـقى فـالـتـر أنـدريـه في بـابـل بـ “إسـمـاعـيـن إبـن جـاسـم” عـنـدمـا نـقّـب مـع روبـرت كـولـدفـيـه في نـهـايـة الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر. وعـنـدمـا ذهـب فـالـتـر أنـدريـه لـيـنـقّـب في قـلـعـة الـشّـرقـاط، تـبـعـه “إسـمـاعـيـن إبـن جـاسـم”، واشـتـغـل كـرئـيـس عـمّـال في تـنـقـيـبـاتـه. وبـعـد أن انـدلـعـت الـحـرب الـعـالـمـيـة الأولى عـام 1914 تـوقـفـت الـتّـنـقـيـبـات، وتـرك فـالـتـر أنـدريـه الـعـراق عـائـداً إلى ألـمـانـيـا، ورجـع إسـمـاعـيـن إلى أهـلـه في الـحـلّـة. ولـكـنّ فـالـتـر أنـدريـه عـاد إلى الـعـراق عـام 1915 كـضـابـط في الـجـيـش الألـمـاني (الّـذي كـان يـقـاتـل بـجـانـب الـجـيـش الـعـثـمـاني)، فـأسـرع إسـمـاعـيـن لـلـقـائـه وتـبـعـه كـمـا يـتـبـعـه ظـلّـه حـتّى عـام 1918 مـعـرضـاً نـفـسـه لـكـلّ مـخـاطـر سـنـوات الـحـرب …
قـصّـة بـابـلـيـة في فِـلـم قـديـم
أخـرج الأمـريـكي د. غـريـفـيـث فِـلـم : الـتّـعـصّـب : صـراع الـحـبّ عـبـر الـعـصـور” في 1916. ويـنـقـسـم الـفِـلـم إلى أربـعـة أجـزاء، يـمـثّـل كـلّ جـزء مـنـهـا فـتـرة زمـنـيـة مـخـتـلـفـة. ويـتـكـلّـم الـجـزء الـبـابـلي مـن الـفـلـم عـن سـقـوط عـاصـمـة الإمـبـراطـوريـة الـبـابـلـيـة الـمـتـأخـرة تـحـت ضـربـات جـيـش كـورش الـكـبـيـر (أو كـيـروش) الـفـارسي الإخـمـيـني في عـام 539 قـبـل الـمـيـلاد …
رسـوم مـارتـن سـويـن لـجـنـوب الـعـراق
وصـل مـارتـن سـويـن Martin Lutrell Swayne إلى الـبـصـرة عـام 1915 لإنـشـاء مـسـتـشـفى تـابـعـة لـلـكـتـيـبـة الإيـرلـنـديـة الـعـاشـرة في العـراق. ومـارتـن سـويـن اسـم مـسـتـعـار اتّـخـذه مـوريـس نـيـكـول Maurice Nicoll . وقـد نـشـر كـتـاب “في بـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن In Mesopotamia”، يـتـكـلّـم فـيـه عـن إقـامـتـه لـمـدّة عـدّة أشـهـر في جـنـوب الـعـراق. ويـحـتـوي الـكـتـاب عـلى عـشـرة رسـوم نـفّـذهـا الـكـاتـب، كـهـاوي فـنّ، بـالألـوان الـمـائـيـة. وهي كـرسـوم تـلـقـائـيـة، بـدون ادعـاءات فـنّـيـة، سـجّـل فـيـهـا سـويـن مـا كـان يـراه، تـسـتـحـق ولا شـكّ أن نـتـأمّـلـهـا لـنـجـد فـيـهـا شـيـئـاً مـن مـاضي جـنـوب الـعـراق …
رحـلـة جـرتـرود بـيـل الأولى إلى الـعـراق عـام 1909
غـادرت الـمـس جـرتـرود بـيـل Gertrude Bell إنـكـلـتـرة في بـدايـة عـام 1909 لـلـقـيـام بـرحـلـة في بـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن. ووصـلـت إلى هـيـت في 18 آذار، ثـمّ إلى كـربـلاء فـبـغـداد. ومـن بـغـداد صـعـدت إلى الـمـوصـل عـن طـريـق سـامـراء وتـكـريـت. ومـن الـمـوصـل إلى مـنـطـقـة سـنـجـار، فـزاخـو، فـديـار بـكـر وقـونـيـا. ودامـت جـولـتـهـا في الـعـراق خـمـسـة أشـهـر.
وقـد سـردت جـرتـرود بـيـل رحـلـتـهـا في كـتـاب عـنـونـتـه : “مـن مـراد إلى مـراد Amurath to Amurath “. ونـشـرتـه في لـنـدن عـام 1911. ويـضـمّ الـكـتـاب 234 صـورة فـوتـوغـرافـيـة ورسـم تـوضـيـحي …
صـور قـديـمـة لـبـغـداد في كـتـاب حـبـيـب أفـنـدي شـيـحـة
نـشـر الـسّـوري حـبـيـب شـيـحـة، في الـقـاهـرة عـام 1908، كـتـابـاً بـالـلـغـة الـفـرنـسـيـة عـن “ولايـة بـغـداد”، خـصـص قـسـمـه الأوّل لـتـاريـخ بـغـداد، والـثّـاني لـولايـة بـغـداد “الـحـالـيـة” أي في زمـنـه. ويـحـتـوي الـكـتـاب عـلى 12 صورة فـوتـوغـرافـيـة، واحـدة مـنـهـا عـن “مـقـهى قـرب بـغـداد”. ونـلاحـظ عـلى يـمـيـن هـذه الـصّـورة جـدار الـمـقـهى الـمـغـطى بـالـرّسـوم ، ونـمـيّـز بـطـل الـمـشـهـد، وهـو رجـل مـلـتـحي يـمـسـك بـقـرن حـيـوان خـرافي (عـفـريـت) وعـلى يـمـيـنـه أسـد …
مـاسـيـنـيـون في ضـيـافـة الآلـوسـيـيـن
وصـل الـمـسـتـشـرق الـفـرنـسي لـويـس مـاسـيـنـيـون، الّـذي كـان في الـرّابـعـة والـعـشـريـن مـن عـمـره، إلى بـغـداد في 19 كـانـون الأوّل 1907، لـيـتـرأس بـعـثـة أبـحـاث أثـريـة فـرنـسـيـة كـان هـدفـهـا دراسـة مـواقـع الآثـار الإسـلامـيـة في بـغـداد ومـا حـولـهـا وتـسـجـيـل نـصـوص الـكـتـابـات الـمـنـقـوشـة عـلـيـهـا.
وقـد أقـام عـلاقـات ودّيـة مـع الآلـوسـيـيَـن : الـشّـيـخ مـحـمـود شـكـري وابـن عـمّـه الـحـاج عـلي عـلاء الـدّيـن بـن نـعـمـان. وقـد سـاعـده الآلـوسـيـان عـلى الـقـيـام بـمـهـمـاتـه، وكـان لـهـمـا الـفـضـل الأكـبـر في إكـمـالـه لـهـا …
لـوحـة « بـابـل » لـلـفـنّـان كـوبـكـا
رسـم الـفـنّـان الـتّـشـيـكي الـشّـهـيـر فـرانـتـيـشـيـك كـوبـكـا في 1906 لـوحـة زيـتـيـة أسـمـاهـا : “بـابـل”، تـصـوّر مـديـنـة بـابـل الـقـديـمـة كـمـا تـخـيّـلـهـا في الـصّـبـاح، فـقـد بـدأت أشـعـة الـشّـمـس تـنـيـر الـجـنـائـن الـمـعـلـقـة عـلى الـضّـفـة الـمـقـابـلـة لـلـفـرات. ونـرى في مـقـدمـة الـلـوحـة مـجـمـوعـة مـن الـنّـاس أمـام مـدخـل الـجـسـر: سـائـسَي خـيـل يـجـرّ كـلّ مـنـهـمـا جـواديَـن مـسـرجـيـن عـلى ظـهـورهـمـا أقـمـشـة (أو جـلـود ؟) ثـريّـة الـنّـقـوش، وخـلـفـهـمـا رجـل يـجـرّ حـمـاراً. كـمـا نـرى رجـالاً يـنـتـظـرون مـتّـكـئـيـن عـلى حـافـة الـجـسـر بـجـانـب حـارس يـرفـع رمـحـه، ورجـالاً آخـريـن قـادمـيـن نـحـوه. ونـرى عـلى الـجـسـر رجـالاً يـحـمـلـون لـوحـاً مـن الـخـشـب يـضـعـونـه كـعـارضـة عـلى ركـائـز الـجـسـر في جـانـبـيـه، وخـلـفـهـم رجـال آخـرون يـحـمـلـون ألـواحـاً أخـرى. ولـكـن مـاذا يـعـني كـلّ هـذا ؟
مـن مـسـقـط إلى بـغـداد، جـولـة ضـابـط اسـتـخـبـارات بـريـطـاني عـام 1906
قـام الـلـيـوتـنـات ــ كـولـونـيـل ولـفـريـد مـالـيـسـون ، الّـذي كـان ضـابـط اسـتـعـلامـات عـسـكـريـة في الـجـيـش الـبـريـطـاني في الـهـنـد الـبـريـطـانـيـة، في كـانـون الأوّل مـن عـام 1906 بـجـولـة جـمـع مـعـلـومـات عـن مـنـطـقـة الـخـلـيـج وجـنـوب الـعـراق. وكـتـب بـعـد انـتـهـاء جـولـتـه، ورجـوعـه إلى مـقـرّ عـمـلـه في الـهـنـد الـبـريـطـانـيـة، تـقـريـراً عـن الـمـهـمّـة الّـتي قـام بـهـا، تـحـت عـنـوان “يـومـيـات جـولـة في الـخـلـيـج الـفـارسي وبـلاد الـعـرب الـتّـركـيـة، كـانـون الأوّل 1906”. وألـحـق بـنـصّ تـقـريـره عـمـلـيـن طـبـاعـيـيـن، لـمـيـنـاء مـسـقـط ولـمـيـنـاء الـفـاو ، ثـمّ عـدّة ورقـات ألـصـق عـلـيـهـا 53 صـورة فـوتـوغـرافـيـة إلـتـقـط أغـلـبـهـا في الـبـصـرة وفي بـغـداد …
مـغـامـرات الـدّكـتـور بـانـكـس
نـقّـب الـدكـتـور إدغـار جـيـمـس بـانـكـس في 1903/ 1904 في بـسـمـايـة (مـوقـع مـديـنـة أدب الـقـديـمـة). وفي 1909 عـيّـن أسـتـاذاً لـلـغـات الـشّـرقـيـة والآثـار في جـامـعـة تـولـيـدو في الأوهـايـو. وبـدأ يـسـافـر في كـلّ أنـحـاء الـولايـات الـمـتّـحـدة الأمـريـكـيـة يـلـقي فـيـهـا مـحـاضـرات مـثـيـرة يـمـزج فـيـهـا بـيـن نـتـائـج الـتّـنـقـيـبـات الأثـريـة والأسـاطـيـر الـتّـوراتـيـة والأنـاجـيـلـيـة الّـتي تـؤمـن بـهـا كـثـيـر مـن الأوسـاط الأمـريـكـيـة. وكـان يـغـتـنـم فـرص هـذه الـمـحـاضـرات لـيـعـرض ألـواحـاً مـسـمـاريـة (قـدّرت بـأكـثـر مـن 000،11 لـوح) كـان قـد اشــتـرى بـعـضـهـا مـن مـهـربي الآثـار في الـشّـرق، وجـلـب بـعـضـهـا مـن تـنـقـيـبـاتـه، ويـبـيـعـهـا إلى الـمـتـاحـف والـمـكـتـبـات والـجـامـعـات والـمـعـاهـد الـدّيـنـيـة …
صـور الـمـوصـل في ألـبـومـات الآبـاء الـدومـنـيـكـان
يـبـدو أنّ أحـد أصـحـاب الـقـديـس دومـيـنـيـك، مـؤسـس “الـجـمـاعـة الـدّيـنـيـة الـدّومـيـنـيـكـيـة”، وكـان اسـمـه غـلـيـوم دو مـونـفـيـرا قـد وصـل إلى بـغـداد عـام 1235، وتـوصّـل إلى الـدّخـول في بـلاط الـخـلـيـفـة الـمـسـتـنـصـر بـالله. وفي عـام 1290، وصـل الـمـبـشـر الـدّومـيـنـيـكي فـرا ريـكـولـدو بـيـنـيـني دا مـونـتي كـروتـشي إلى الـمـوصـل ثـمّ إلى بـغـداد، واتّـصـل بـالـدّومـيـنـيـكـان الّـذيـن كـانـوا قـد اسـتـقـروا فـيـهـا. وقـد اسـتـطـاع الـدّخـول في الـمـدرسـتـيـن الـنّـظـامـيـة والـمـسـتـنـصـريـة والـدّراسـة فـيـهـمـا. وفي بـغـداد شـرع في تـرجـمـة الـقـرآن إلى الـلاتـيـنـيـة. وفي عـام 1535، وقّـع الـسّـلـطـان الـعـثـمـاني سـلـيـمـان الـقـانـوني مـع مـلـك فـرنـسـا فـرنـسـوا الأوّل مـعـاهـدة تـخـوّل لـفـرنـسـا، ضـمـن “الإمـتـيـازات” الّـتي مـنـحـتـهـا الـدّولـة الـعـثـمـانـيـة لـلـدّول الأوربـيـة، بـعـث إرسـالـيـات ديـنـيـة إلى أراضي الـدّولـة الـعـثـمـانـيـة لـمـمـارسـة نـشـاطـاتـهـا فـيـهـا، أي فـتـح مـراكـز تـبـشـيـريـة كـاثـولـيـكـيـة فـيـهـا. وبـدأت الإرسـالـيـة الـدّومـنـيـكـيـة في بـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن والّـتي كـان مـركـزهـا الـمـوصـل نـشـاطـاتـهـا رسـمـيـاً عـام 1750 …
الـكـاتـبـة الـفـرنـسـيـة جـان كـيـفـيـر، زوجـة سـلـيـمـان بـك غـزالـة
بـعـد أن أنـهى عـبـد الأحـد سـلـيـمـان غـزالـة دراسـة الـطّـبّ في بـاريـس، عـيّـن عـام 1887 طـبـيـب صـحّـة في ولايـة بـغـداد. وقـد غـادر بـغـداد بـعـد ذلـك إلى الاسـتـانـة، وشـرع في مـمـارسـة الـطّـب فـيـهـا، ثـمّ عـيّـن في سـيـنـاء والأنـاضـول وحـلـب. ويـبـدو أنّـه سـافـر إلى بـاريـس مـن جـديـد في تـلـك الـفـتـرة. لـيـخـتـصّ في طـبّ الـعـيـون، ونـال اخـتـصـاصـه عـام 1890. وعـيّـن عـام 1895 مـفـتـشـاً صـحـيّـاً في لـيـبـيـا. وفي عـام 1897، سـافـر عـبـد الأحـد سـلـيـمـان غـزالـة مـن جـديـد إلى بـاريـس وتـزوّج بـفـرنـسـيـة اسـمـهـا جـان كـيـفـيـر Jeanne Kieffer، وعـاد بـهـا إلى الاسـتـانـة. وكـانـت جـان كـيـفـيـر قـد بـدأت نـشـاطـاً أدبـيـاً دام طـيـلـة حـيـاتـهـا نـشـرت خـلالـه أكـثـر مـن 35 كـتـابـاً مـنـهـا قـصـص وروايـات وشـعـر، ومـنـهـا كـتـب تـاريـخ، ومـنـهـا أحـداث شـهـدتـهـا وروتـهـا. وكـلّـهـا بـالـلـغـة الـفـرنـسـيـة. نـشـرتـهـا بـاسـمـهـا، أو باسـم مـسـتـعـار : غي دافـلـيـن …
الـمـتـاجـرة بـالآثـار الـبـابـلـيـة في الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر
قـرر مـسـؤولـو الـمـتـحـف الـبـريـطـاني في لـنـدن عـام 1887 إرسـال والـيـس بـدج إلى الـعـراق لـلـتـحـقـيـق في أمـر سـرقـات الـقـطـع الأثـريـة، بـعـد أن اكـتـشـفـوا أنّ قـطـعـاً أثـريـة وألـواحـاً مـسـمـاريـة سـرقـت مـن الـمـواقـع الّـتي كـان الـمـتـحـف الـبـريـطـاني يـنـقـب فـيـهـا وخـاصـة في بـابـل، وكـان بـعـضهـا يـبـاع في لـنـدن، عـلى بـعـد خـطـوات مـن الـمـتـحـف ! ووجـد والـيـس بـدج أن سـرقـات الـقـطـع الأثـريـة والـمـتـاجـرة بـهـا بـلـغـت حـدّاً لا يـتـصـوّره الـعـقـل …
رسـوم أرثـر مـيـلـفـيـل لـبـغـداد في الـقـرن الـتّـاسـع عـشر
وصـل الـرّسّـام الاسـكـتـلـنـدي أرثـر مـيـلـفـيـل إلى بـغـداد عـام 1882 وبـقي فـيـهـا شـهـراً رسـم خـلالـه لـوحـة بـالألـوان الـمـائـيـة كـلّ يـوم تـقـريـبـاً عـن مـعـالـم الـمـديـنـة الـمـعـمـاريـة ومـشـاهـد الـحـيـاة الـيـومـيـة فـيـهـا وعـن نـاسـهـا. ومـازالـت بـعـض هـذه الـرّسـوم في الـمـتـاحـف أو في مـجـمـوعـات خـاصـة …
رحـلـة ديـولافـوا إلى الـعـراق
سـافـرت الـفـرنـسـيـة ديـولافـوا مـع زوجـهـا في الـعـراق لـمـدّة أقـلّ مـن شـهـريـن. وصـلا إلى شـطّ الـعـرب في 21 تـشـريـن الـثّـاني 1881، وبـقـيـا في الـبـصـرة حـوالي أسـبـوعـيـن، ثـمّ صـعـدا إلى بـغـداد، وذهـبـا لـزيـارة بـابـل وأكـمـلا طـريـقـهـمـا إلى كـربـلاء. ونـزلا عـن طـريـق الـعـمـارة، ومـرّا بـأطـراف الأهـوار قـبـل أن يـسـتـمـرّا عـائـديـن إلى بـلاد فـارس … ونـشـرت ديـولافـوا عـام 1887 سـرد الـرحّـلـة في كـتـاب : “بـلاد فـارس وبـلاد الـكـلـدان وبـلاد شـوش”، الّـذي يـحـتـوي عـلى 336 عـمـلاً طـبـاعـيـاً نـفّـذت عـن صـور الـتـقـطـتـهـا الـمـؤلّـفـة. وهي أعـمـال شـديـدة الـدّقـة، رائـعـة الـجـمـال …
أربـع عـشـرة طـلـقـة في مـسـدس جـان !
سـافـرت الـفـرنـسـيـة ديـولافـوا مـع زوجـهـا في الـعـراق مـن أواخـر عـام 1881 إلى بـدايـة عـام 1882. وهي تـذكـر أنّـهـمـا في إحـدى سـفـراتـهـمـا أنـزلا أمـتـعـتـهـمـا عـلى ضـفـة الـنّـهـر وبـقـيـت تـحـرسـهـا لـوحـدهـا : ”عـنـدمـا جـاء ثـمـانـيـة مـن الأعـراب الـرُّحّـل عـلى الـضّـفـة الـخـالـيـة … “.
آثـار الـعـراق الـقـديـم في « قـسـم الآثـار الـشّـرقـيـة » في مـتـحـف الـلـوفـر
إحـتـفـل “قـسـم الآثـار الـشّـرقـيـة” في مـتـحـف الـلـوفـر في بـاريـس عـام 2021 بـمـرور 140 عـامـاً عـلى إنـشـائـه. وافـتُـتِـح بـهـذه الـمـنـاسـبـة مـعـرض صـغـيـر يـمـكـن لـلـزّائـر لـه أن يـتـعـرّف فـيـه عـلى مـراحـل تـنـظـيـم مـجـمـوعـة الآثـار الـشّـرقـيـة في الـمـتـحـف مـن عـام 1881 وإلى عـام 2021. ويـقـتـرح الـمـعـرض أن يـريـنـا بـعـض مـا في خـزائـنـه مـن مـنـسـوخـات ورسـوم أصـلـيـة نـفّـذت في مـواقـع الـتّـنـقـيـبـات لـلـقـطـع الأثـريـة الّـتي تـركـت في أمـاكـنـهـا أو الّـتي أرسـلـت إلى الـمـتـحـف، ونـمـاذج لـسـجـلّات جـرد الـقـطـع الأثـريـة ولـلـدّراسـات الّـتي نـشـرهـا الـمـتـحـف و”كـاتـلـوجـات” الـمـعـرض الّـتي نـظّـمـهـا والـمـلـصـقـات الّـتي صـاحـبـتـهـا …
كـيـف خـرج الـسّـومـريـون مـن غـيـاهـب الـنّـسـيـان
بـعـد أن أزاح الـفـرنـسي بـول إمـيـل بـوتـا الـتّـراب عـن آثـار الآشـوريـيـن عـام 1843 في خـورسـبـاد، قـرب نـيـنـوى، خـرج تـاريـخ بـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن في الألـف الأوّل قـبـل الـمـيـلاد مـن غـيـاهـب ظـلام الـنّـسـيـان، واكـتـشـف الـعـالـم مـذهـولاً جـزءاً مـن تـاريـخ الـبـشـريـة غـاب عـن ذاكـرتـهـا مـدّة أكـثـر مـن 2500 سـنـة. ثـمّ اكـتـشـف الـعـالـم تـاريـخ بـلاد مـا بـيـن دجـلـة والـفـرات في الألـف الـثّـاني قـبـل الـمـيـلاد بـتـنـقـيـبـات بـابـل. وقـد وسّـعـت تـنـقـيـبـات الـفـرنـسي إرنـسـت دو سَـرزيـك في بـلاد سـومـر (بـدأت عـام 1877) مـعـارفـنـا عـن تـاريـخ بـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن عـنـدمـا أوصـلـنـا إلى الألـف الـثّـالـث قـبـل الـمـيـلاد الّـذي كـان الـعـالـم يـجـهـلـه جـهـلاً تـامّـاً قـبـلـهـا. وبـهـذا اكـتـشـف حـضـارة لـم يـكـن أحـد يـتـذكّـرهـا مـنـذ آلاف الـسّـنـيـن : الـحـضـارة الـسّـومـريـة. وقـد تـوصـل الـعـلـمـاء بـعـد ذلـك إلى مـعـرفـة الـلـغـة الـسّـومـريـة، وصـدرت لـهـا كـتـب قـواعـد قـبـل أن تـصـبـح دراسـتـهـا ودراسـة الـحـضـارة الـسّـومـريـة فـرعـاً مـن “عـلـم الآشـوريـات” يـسـمى بـ”عـلـم الـسّـومـريـات”. واغـتـنـت الـبـشـريـة بـاسـتـرجـاع أولى فـتـراتـهـا الـتّـاريـخـيـة الّـتي شـهـدت اخـتـراع الـكـتـابـة، والّـتي أدخـلـتـهـا في الـحـضـارة …
رسـوم وأعـمـال طـبـاعـيـة عـن الـعـراق في سـرد رحـلـة ولـيـام بـيـري فـوغ
وصـل الأمـريـكي ولـيـام بـيـري فـوغ عـلى مـتـن سـفـيـنـة بـخـاريـة إلى الـبـصـرة عـن طـريـق الـمـحـمـرة عـام 1874. ثـمّ صـعـد إلى بـغـداد وإلى الـمـوصـل لـيـزور نـيـنـوى ويـتـأمّـل آثـارهـا. وقـام بـرحـلـة إلى مـوقـع مـديـنـة بـابـل الـقـديـمـة، ومـرّ بـكـربـلاء ووصـف مـعـالـمـهـا. ونـشر سرد رحـلـتـه إلى الـشـرق عـام 1875 في لـنـدن تـحـت عـنـوان : ”عـربـسـتـان أو “بـلاد ألـف لـيـلـة ولـيـلـة” وهي رحـلات عـبـر مـصـر وجـزيـرة الـعـرب وبـلاد الـفـرس نـحـو بـغـداد”. ويـحـتـوي الـكـتـاب عـلى مـجـمـوعـة رائـعـة مـن الأعـمـال الـطّـبـاعـيـة عـن الـعـراق …
عـنـدمـا تـلـقّى الـسّـيـر أوسـتـن هـنـري لَـيـارد عـام 1873 دعـوة لـحـضـور حـفـلـة عـشـاء، تـرأسـتـهـا الـمـلـكـة فـيـكـتـوريـا بـنـفـسـهـا، ذهـب إلـيـهـا مـع زوجـتـه الـشّـابـة إنـيـد، الّـتي كـانـت قـد أصـبـحـت مـنـذ أربـع سـنـوات : لـيـدي لَـيـارد. ووضـعـت الـلـيـدي إنـيـد أجـمـل حـلـيّـهـا : قـلادة حـول عـنـقـهـا وسـواراً حـول مـعـصـمـهـا الأيـمـن وقـرطـيـن تـدلـيـا مـن أذنـيـهـا.
وبـعـد أن دخـلـت الـلـيـدي الـشّـابـة في الـقـاعـة الـواسـعـة الـمـكـتـظـة بـنـبـلاء الإمـبـراطـوريـة الـبـريـطـانـيـة بـصـحـبـة زوجـهـا الـمـهـيـب، تـحـلّـق حـولـهـا الـكـثـيـرون، وخـاصّـة مـن الـنّـسـاء، يـتـأمّـلـون حـلـيّـهـا الّـتي لـم يـكـونـوا قـد رأوا مـثـلـهـا مـن قـبـل.
ويـمـكـنـنـا أن نـفـهـم عـجـبـهـم وإعـجـابـهـم، فـقـد كـانـت الـحـلي مـجـمـوعـة أخـتـام اسـطـوانـيـة مـن الأحـجـار الـكـريـمـة ركّـبـت عـلى ذهـب. وكـان زوجـهـا الـسّـيـر لَـيـارد قـد وجـدهـا في تـنـقـيـبـاتـه في بـلاد آشـور وبـابـل في زمـن شـبـابـه !
وعـليّ أن أحـكي لـكـم الآن كـيـف وصـلـت أخـتـامـنـا الأسـطـوانـيـة هـذه إلى قـلـب الإمـبـراطـوريـة الـبـريـطـانـيـة ذلـك الـمـسـاء، ولـمـاذا أثـارت كـلّ هـذا الإعـجـاب …
كـيـف اكـتـشـف جـورج سـمـيـث بـعـض ألـواح مـلـحـمـة جـلـجـامـش
وجـد الإنـكـلـيـزي جـورج سـمـيـث عـام 1872، في لـوح مـسـمـاري انـكـسـر بـعـضـه، (كـان قـد عـثـر عـلـيـه في بـقـايـا مـكـتـبـة آشـوربـانـيـبـال في نـيـنـوى) مـقـطـعـاً مـهـمـاً يـحـكي قـصّـة طـوفـان. وقـد ذكـر بـعـد ذلـك أنّـه حـالـمـا فـهـم مـحـتـوى الـلـوح الـفـخـاري الّـذي كـان يـقـرأه نـهـض مـن كـرسـيـه في مـكـتـبـه مـنـتـفـضـاً وانـطـلـق نـحـو الـقـاعـة في حـالـة انـفـعـال شـديـد وبـدأ يـخـلـع مـلابـسـه أمـام نـظـرات الـحـاضـريـن الـمـذهـولـة. وكـان الـمـقـطـع يـحـكي جـزءاً مـن الـقّـصـة الّـتي رواهـا أوتـا نـفـسـتـيـم لـجـلـجـامـش عـن الـطّـوفـان الّـذي أرسـلـتـه الآلـهـة لـعـقـاب الـبـشـر، وكـيـف اسـتـثـنـوه هـو، أوتـا نـفـسـتـيـم مـن بـيـن كـلّ الـبـشـر، وطـلـبـوا مـنـه أن يـصـنـع سـفـيـنـة أركـب عـلـيـهـا أهـلـه وأخـذ مـعـه مـن كـلّ حـيـوان اثـنـيـن. ثـمّ كـيـف أطـلـق، بـعـد أن انـتـهى الـطّـوفـان، حـمـامـة لـتـجـد الـيـابـسـة وتـحـطّ عـلـيـهـا. وأدرك سـمـيـث مـن قـراءة الـلـوح الـمـكـسـور أنّـه وجـد أصـل حـكـايـة الـطّـوفـان الّـتي نـقـلـهـا كُـتّـاب الـتّـوراة بـعـد ذلـك. وأنّ أوتـا نـفـسـتـيـم هـو الّـذي غـيّـروا اسـمـه إلى نـوح …
لـوحـة «سـوق الـزّواج الـبـابـلي» لإدويـن لـونـغ
رسـم الـفـنّـان الإنـكـلـيـزي إدويـن لـونـغ عـام 1872 لـوحـة أسـمـاهـا : سـوق الـزّواج الـبـابـلي. وقـد وجـد إدويـن لـونـغ مـوضـوع لـوحـتـه في كـتـاب الـمـؤرّخ الـيـونـاني هـيـرودوت الّـذي زار بـابـل في الـقـرن الـخـامـس قـبـل الـمـيـلاد، أي بـعـد أن سـقـطـت الـدّولـة الـبـابـلـيـة الـمـتـأخّـرة وعـاصـمـتـهـا بـأيـدي الـفـرس الإخـمـيـنـيـيـن …
دفـاتـر عـائـلـة زفـوبـودا الـبـغـداديـة
بـدأت عـائـلـة زفـوبـودا الـبـغـداديـة بـوصـول الـتّـاجـر الـمـجـري أنـطـون زفـوبـودا إلى بـغـداد في بـدايـة الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر واسـتـقـراره فـيـهـا. وقـد تـزوّج أنـطـون عـام 1825 بـبـغـداديـة مـسـيـحـيـة مـن عـائـلـة أرمـنـيـة، أنـجـبـت لـه أحـد عـشـر ولـداً وبـنـتـاً. وقـد بـدأ ابـنـه جـوزيـف مـاتـيـا في1861ـ 1862 بـكـتـابـة دفـاتـر يـومـيـات، واسـتـمـر في كـتـابـتـهـا إلى 1908. وقـد سـجّـل فـيـهـا حـيـاتـه الـيّـومـيـة وحـيـاة أقـربـائـه، وكـلّ سـفـراتـه عـلى سـفـن بـيـت لـنـج الـبـخـاريـة الّـتي كـان يـعـمـل عـلـيـهـا كـمـا سـجّـل الأحـداث الّـتي جـرت في تـلـك الـفـتـرة. وقـد كـتـبـهـا كـلّـهـا بـالـلـغـة الإنـكـلـيـزيـة … كـمـا كـتـب إسـكـنـدر ريـشـارد، إبـن جـوزيـف مـاتـيـا، دفـاتـر يـومـيـات مـدّة سـنـوات طـويـلـة …
لـوحـة « سـمـيـرامـيـس تـشـيّـد مـديـنـة بـابـل » لإدغـار دُغـا
بـدأ الـفـنـان الـفـرنـسي الـشّـهـيـر إدغـار دُغـا عـام 1860 بـرسـم لـوحـة أسـمـاهـا “سـمـيـرامـيـس تـشـيّـد مـديـنـة بـابـل”، ولـكـنّـه تـركـهـا عـام 1862 مـن غـيـر أن تـكـتـمـل. ونـرى فـيـهـا الـمـلـكـة الأسـطـوريـة سـمـيـرامـيـس عـلى شـرفـة تـتـأمّـل مـديـنـة بـابـل الّـتي شُـرع في تـشـيـيـدهـا في الـجـانـب الـمـقـابـل مـن الـفـرات، تـصـاحـبـهـا نـسـاء بـلاطـهـا وخـلـفـهـنّ جـواد يـجـرّ عـربـة الـمـلـكـة الّـتي لا نـرى مـنـهـا إلّا مـقـدمـتـهـا. وقـد رسـم الـحـصـان والـعـربـة الـمـلـكـيـة الّـتي يـجـرّهـا تـمـامـاً مـثـلـمـا رآهـا في مـنـحـوتـات قـصـر سـرجـون الـثّـاني الّـتي كـان بـول إمـيـل بـوتـا، قـنـصـل فـرنـسـا في الـمـوصـل، قـد عـثـر عـلـيـهـا في تـنـقـيـبـاتـه وبـعـثـهـا إلى مـتـحـف الـلـوفـر.
رسـوم فـلـيـكـس تـومـا ولـوحـاتـه لآثـار بـابـل ونـيـنـوى
شـارك فـلـيـكـس تـومـا كـمـعـمـاري ورسّـام في حـمـلـة الـتّـنـقـيـبـات في بـابـل الّـتي قـامـت بـهـا “الـبـعـثـة الـفـرنـسـيـة الـعـلـمـيـة إلى بـلاد مـا بـيـن الـنـهـريـن” عـام 1852. كـمـا شـارك أيـضـاً كـمـعـمـاري ورسّـام عـام 1853 في الـتّـنـقـيـبـات الّـتي كـان يـقـوم بـهـا قـنـصـل فـرنـسـا في الـمـوصـل، فـكـتـور بـلاس، في دور شَـروكـيـن، عـاصـمـة الـمـلـك الآشـوري سـرجـون الـثّـاني.
ولا شـكّ في أنّ أشـهـر لـوحـاتـه هي : “بـاشـا الـمـوصـل يـزور تـنـقـيـبـات خـورسـبـاد، نـيـنـوى الـقــديـمـة” الّـتي عـرضهـا في بـاريـس في صـالـون 1863، ودخـلـت في مـجـمـوعـات مـتـحـف الـلـوفـر في بـاريـس …
بـدايـة اسـتـعـمـال الـتّـصـويـر الـفـوتـوغـرافي في الـتّـنـقـيـبـات الأثـريـة
وصل الـفـرنـسي فـكـتـور بـلاس إلى الـمـوصـل عـام 1852 لـيـقـوم بـحـمـلـة تـنـقـيـبـات ثـانـيـة في قـصـر الـمـلـك الآشـوري سـرجـون الـثّـاني (دور شَـروكـيـن) في خـورسـبـاد، قـرب الـمـوصـل. (وكـان بـول إمـيـل بـوتـا قـد قـام بـالـحـمـلـة الأولى في عـامَي 1843ــ 1844). وصـاحـبـه الـمـهـنـدس الـفـرنـسي جـبـرائـيـل تـرانـشـان الّـذي الـتـقـط مـجـمـوعـات مـن الـصّـور يـظـهـر فـيـهـا الـعـمـال والـمـشـرفـون عـلى الـتّـنـقـيـبـات في كـلّ مـرحـلـة مـن مـراحـل عـمـلـهـم الـمـتـتـابـعـة. وتـحـتـفـظ الأرشـيـفـات الـوطـنـيـة الـفـرنـسـيـة بـ 51 صـورة فـوتـوغـرافـيـة بـالأبـيـض والأسـود الـتـقـطـهـا تـرانـشـان …
مـرور الـنّـمـسـاويـة إيـدا فـايـفِـر بـالـعـراق عـام 1848
قـامـت الـنّـمـسـاويـة إيـدا لـورا فـايـفـر بـخـمـس رحـلات بـدأتـهـا في سـنّ الـخـامـسـة والأربـعـيـن، واسـتـغـرقـت سـتّـة عـشـر عـامـاً. وأكـمـلـت خـلالـهـا دورتـيـن حـول الـعـالـم. وكـانـت تـسـافـر وحـدهـا وبـإمـكـانـيـات مـالـيـة مـحـدودة. وتـعـود مـن كـلّ رحـلـة بـنـبـاتـات وحـشـرات وفـراشـات تـهـديـهـا لـمـتـحـف الـتّـاريـخ الـطّـبـيـعي في فـيـيـنـا، ومـازالـت في مـجـمـوعـاتـه. كـمـا نـشـرت سـرد رحـلاتـهـا في كـتـب مـنـذ الـرّحـلـة الأولى عـام 1842 إلى الـرّحـلـة الـخـامـسـة عـام 1858. وقـد وصـلـت إلى الـبـصـرة عـام 1848 قـادمـة مـن الـهـنـد، وزارت الـمـدائـن وبـغـداد وبـابـل، وصـعـدت مـع قـافـلـة إلى الـمـوصـل عـن طـريـق دلّي عـبّـاس وكـفـري وكـركـوك وألـتـون كـوبـري وأربـيـل. ثـمّ أكـمـلـت طـريـقـهـا إلى راونـدوز وإلى بـلاد فـارس، وصـعـدت نـحـو تـركـيـا …
لـوحـات أوجـيـن فـلانـدان ورسـومـه في رحـلـتـه الأولى إلى الـعـراق
شـارك الـرّسّـام الـفـرنـسي أوجـيـن فـلانـدان في سـفـارة بـعـثـهـا مـلـك فـرنـسـا إلى بـلاد الـفـرس لـتـوثـيـق عـلاقـات سـيـاسـيـة واقـتـصـاديـة مـع مـحـمّـد شـاه قـجـر، ولـلـتـعـرف عـلى الـبـلـد ومـا يـجـاوره، ودراسـة الـمـواقـع الأثـريـة والـمـعـالـم الـحـديـثـة في الـمـنـطـقـة. وبـعـد انـتـهـاء الـمـهـمـة أكـمـل فـلانـدان بـصـحـبـة الـمـعـمـاري وعـالـم الآثـار بـاسـكـال كـوسـت دراسـتـهـمـا لـلـمـعـالـم الأثـريـة في رحـلـة دامـت عـامـيـن مـرّا بـهـا بـيـن مـا مـرّا بـأصـفـهـان و شـيـراز وتـبـريـز وبـغـداد الّـتي وصـلاهـا في تـمّـوز عـام 1841، وزارا الـمـدائـن وبـابـل، ثـمّ الـمـوصـل وحـلـب وإسـطـنـبـول، ثـمّ عـادا إلى بـاريـس. ونـجـد في الـكـتـاب الّـذي نـشـراه عـن الـرّحـلـة عـدداً مـن الـرّسـوم الـرّائـعـة الـجـمـال عـن الـعـراق …
رسـوم الـفـنّـان أوجـيـن فـلانـدان لـلآثـار الآشـوريـة
أزاح الـفـرنـسي بـول إمـيـل بـوتـا عـام 1843، الـتّـراب عـن جـزء كـبـيـر مـن قـصـر الـمـلـك الآشـوري سـرجـون الـثّـاني (الّـذي حـكـم مـن 722 إلى 705 قـبـل الـمـيـلاد)، والـمـسـمى بـ “دور شَـروكـيـن” أي حـصـن سـرجـون، في خـورسـبـاد، قـرب الـمـوصـل، بـعـد أن غـابـت نـيـنـوى والـدّولـة الآشـوريـة في غـيـاهـب الـنّـسـيـان مـنـذ سـقـوطـهـا عـام 612 قـبـل الـمـيـلاد … ووجـد بـوتـا آثـارهـا بـعـد أكـثـر مـن 2500 سـنـة ! ووصـل الـرّسّـام أوجـيـن فـلانـدان مـن بـاريـس إلى الـمـوصـل في 1844 لـيـرسـم الـقـطـع الأثـريـة والـمـنـحـوتـات الـجـداريـة الّـتي عـثـر عـلـيـهـا بـوتـا …
رسـوم فـردريـك تـشـارلـز كـوبـر عـن الـعـراق
قـام الـبـريـطـاني أوسـتـن هـنـري لَـيـارد بـحـفـريـات في عـاصـمـتـيـن مـن عـواصـم الـدّولـة الآشـوريـة : نـمـرود (مـوقـع مـديـنـة كـلـح الـقـديـمـة)، وتـلّ قـويـنـجـق (في مـوقـع مـديـنـة نـيـنـوي الـقـديـمـة) بـيـن 1845 و 1851. وقـد أرسـلـت لـه مـجـمـوعـة أمـنـاء الـمـتـحـف الـبـريـطـاني إبـتـداءً مـن عـام 1849 عـدداً مـن الـرّسّـامـيـن لـيـسـاعـدوه في مـهـمـتـه. وكـان مـن بـيـنـهـم فـردريـك تـشـارلـز كـوبـر الّـذي سـاعـد لَـيـارد في حـمـلـة تـنـقـيـبـاتـه الأثـريـة الـثّـانـيـة في 1849ــ1850 في نـمـرود ونـيـنـوى وفي مـواقـع أخـرى . ولـم يـكـتـفِ كـوبـر بـرسـم الـمـنـحـوتـات الـقـلـيـلـة الـبـروز والـقـطـع الأخـرى الّـتي أزيـح عـنـهـا الـتّـراب بـل رسـم تـخـطـيـطـات بـأقـلام مـتـنـوّعـة ورسـوم بـالألـوان الـمـائـيـة لـمـشـاهـد مـن مـواقـع الـتّـنـقـيـبـات، ولـلـنّـاس في الـمـنـاطـق الـتّي زارهـا …
هـرمـز رسّـام والـتّـنـقـيـبـات الأثـريـة
بـدأ الـبـريـطـاني أوسـتـن هـنـري لَـيـارد عـام 1845 حـفـريـات في نـمـرود (مـوقـع مـديـنـة كـلـح الـقـديـمـة)، جـنـوب الـمـوصـل. وبـعـد أن اتـسـعـت تـنـقـيـبـاتـه احـتـاج لـمـن يـسـاعـده في الإشـراف عـلـيـهـا فـاخـتـار لـذلـك هـرمـز رسّـام، شـقـيـق كـرسـتـيـان رسّـام نـائـب قـنـصـل بـريـطـانـيـا في الـمـوصـل. واسـتـمـرّ هـرمـز رسّـام في مـعـاونـة لَـيـارد في حـفـريـاتـه في قـلـعـة الـشّـرقـاط عـام 1847، ثـمّ في حـمـلـتـه الـثّـانـيـة عـام 1849. ثـمّ عـهـد الـمـتـحـف الـبـريـطـاني إلى هـرمـز رسّـام بـالإشـراف عـلى حـفـريـات أخـرى …
رحـلـة هـنـري سـتـيـرن إلى الـعـراق
إنـضـمّ الألـمـاني هـنـري سـتـيـرن إلى الـجـمـعـيـة الـلـنـدنـيـة لـنـشـر الـدّيـن الـمـسـيـحي بـيـن الـيـهـود. وهـكـذا أصـبـح : الـمـوقّـر هـنـري سـتـيـرن. وقـد أرسـلـتـه الـجـمـعـيـة إلى الـقـدس عـام 1844، ومـنـهـا سـافـر إلى الـعـراق عـام 1846، ثـمّ في عـام 1848. وفي أواخـر عـام 1849 عـاد إلى لـنـدن الّـتي بـقي فـيـهـا فـتـرة قـصـيـرة، ثـمّ غـادرهـا مـن جـديـد إلى بـغـداد في حـزيـران 1850. وبـقي في بـغـداد ثـلاث سـنـوات، مـن 1850 إلى 1853. وهـو مـا يـتـكـلّـم عـنـه في كـتـاب نـشـره في لـنـدن عـام 1854 …
تـشـارك ثـلاثـة مـن الإخـوة لِـنـتـش (لـنـج) : سـتـيـفـن وهـنـري بـلـوس وتـومـاس كـيـر في لـنـدن عـام 1841 في إنـشـاء شـركـة “لِـنـتـش إخـوان الـمـحـدودة Lynch Brothers’ Limited” الّـتي سـجّـلـت في هـذه الـمـديـنـة. وقـد أنـشئ لـهـا فـرع في الـبـصـرة أسـمـوه Lynch Brothers & Co.، وفـرع في بـغـداد أسـمـوه Stephen Lynch Company Ltd. وكـانـت الـشّـركـة تـسـتـورد الـبـضائـع مـن إنـكـلـتـرة إلى الـبـصـرة عـن طـريـق الـبـحـر، ثـمّ تـنـقـلـهـا إلى بـغـداد عـبـر دجـلـة. ثـمّ أنـشـأ سـتـيـفـن لِـنـتـش عـام 1858، مـؤسـسـة مـصـرفـيـة في لـنـدن وبـغـداد. وفي عـام 1860 سـمـح الـبـاب الـعـالي لـشّـركـة Lynch Brothers بـنـقـل الـمـسـافـريـن والـبـضـائـع عـلى الـنّـهـريـن : دجـلـة والـفـرات. وسـجّـلـت الـشّـركـة في سـجـلّ الـتّـجـارة في إنـكـلـتـرة في 1861، وأصـبـح اسـمـهـا The Euphrates and Tigris Steam Navigation Company …
الـفـنّـان الـبـريـطـاني الـشّـهـيـر ولـيـام تـرنـر يـرسـم بـابـل والمـوصـل
طـلـبـت دار نـشـر لـنـدنـيـة مـن الـفـنّـان الإنـكـلـيـزي الـشّـهـيـر ولـيـام تـرنـر J. M. William Turner عـام 1832 أن يـرسـم سـتّـة وعـشـريـن مـشـهـداً تـصـور أحـداث أسـفـار (جـمـع سِـفـر، أي كـتـاب) مـن الـتّـوراة والإنـجـيـل، والأمـاكـن الّـتي دارت فـيـهـا، ومـن بـيـنـهـا بـابـل ونـيـنـوى، لـتـسـتـعـمـل في حـفـر ألـواح مـعـدنـيـة تـطـبـع بـالـحـبـر عـلى الـورق في الـكـتـاب. ولأنّـه لـم يـكـن قـد سـافـر إلى الـشّـرق أبـداً، ولـم يـرَ الأمـاكـن الّـتي طـلـبـوا مـنـه أن يـرسـمـهـا، فـقـد بـحـث عـن تـخـطـيـطـات لـهـا وعـن أعـمـال طـبـاعـيـة في الـكـتـب الـمـطـبـوعـة الّـتي نـشـرهـا قـبـل ذلـك أوربـيـون عـن رحـلاتـهـم إلى الـشّـرق، ونـفّـذ رسـومـه اعـتـمـاداً عـلـيـهـا …
وصـل الـمـبـشـر الإنـكـلـيـزي أنـطـوني نـوريـس غـروفـس إلى بـغـداد عـام 1829. وكـان في بـغـداد طـيـلـة سـنـة 1831 الـرّهـيـبـة بـالـمـصـائـب الّـتي حـلّـت بـأهـلـهـا (وبـاء الـطّـاعـون وفـيـضـان دجـلـة والإضـطـرابـات الـسّـيـاسـيـة) والّـتي مـحـقـت أغـلـبـهـم. وقـد كـتـب الـمـبـشّـر غـروفـس يـومـيـات مـفـصّـلـة يـمـكـنـنـا أن نـتـابـع مـن قـراءتـهـا مـا حـدث في تـلـك الـسّـنـة يـومـاً بـعـد يـوم تـقـريـبـاً. وتـأتي أهـمـيـة هـذه الـيـومـيـات مـن أنّـهـا نـصّ تـاريـخي بـالـمـعـنى الـدّقـيـق لـلـكـلـمـة، أي أنّـهـا شـهـادة شـاهـد عـيـان سـجّـل مـا عـاشـه ومـا رآه ومـا سـمـعـه بـنـفـسـه …
نـزول تـشـسـني مـن عـانـة إلى الـقـرنـة عـبـر نـهـر الـفـرات عـام 1831
فـكّـر الـكـابـتـن الـبـريـطـاني فـرنـسـيـس راودن تـشـسـني بـفـتـح طـريـق مـن بـريـطـانـيـا إلى الـهـنـد مـروراً بـنـهـر الـفـرات. وكـانـت الـحـكـومـة الـبـريـطـانـيـة وشـركـة الـهـنـد الـشّـرقـيـة تـحـاولان إيـجـاد طـريـق لـنـقـل الـمـسـافـريـن والـبـضـائـع مـبـاشـرة نـحـو الـهـنـد الـبـريـطـانـيـة، وتـحـاشي الـدّوران حـول أفـريـقـيـا والـمـرور بـرأس الـرّجـاء الـصّـالـح.
وقـرر تـشـسـني أن يـتـأكّـد مـن صـلاحـيـة مـشـروعـه بـامـتـحـان إمـكـانـيـات الـمـلاحـة في نـهـر الـفـرات بـنـفـسـه. وغـادر دمـشـق مـع قـافـلـة عـبـر الـبـاديـة إلى عـانـة. وانـطـلـق مـن عـانـة مـع مـصـاحـبـيـه في 2 كـانـون الـثّـاني 1831 نـازلـيـن نـهـر الـفـرات عـلى كـلـك ثـمّ عـلى مـركـب مـحـلّي ثـمّ عـلى سـفـيـنـة انـكـلـيـزيـة صـغـيـرة، إلى أن وصـلـوا إلى الـقـرنـة …
كـان كـلـوديـوس جـيـمـس ريـتـش، الّـذي يـكـتـب الـبـغـداديـون اسـمـه : ريـج، مـنـدوبـاً لـشـركـة الـهـنـد الـبـريـطـانـيـة مـقـيـمـاً في بـغـداد في بـدايـة الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر. وقـد اقـتـنى مـجـمـوعـات مـن الـمـخـطـوطـات والـمـسـكـوكـات والـقـطـع الأثـريـة، كـمـا اهـتـمّ بـآثـار بـابـل ونـيـنـوى الّـتي نـشـر عـنـهـا عـدّة دراسـات … وكـان يـمـتـلـك أيـضـاً خـيـولاً عـربـيـة أصـيـلـة وضـعـهـا في اصـطـبـلات الـمـقـيـمـيـة في بـغـداد.
وكـان ريـج رسـامـاً مـاهـراً، فـهـو الّـذي خـطـط مـثـلاً مـا وضـعـه في دراسـاتـه مـن رسـوم تـوضـيـحـيـة. وقـد نـفـذّ لـخـيـولـه رسـومـاً بـالألـوان، حـفـرهـا حـفّـار نـمـسـاوي وحـولّـهـا إلى أعـمـال طـبـاعـيـة لـوّنـهـا بـالـيـد، ونـشـرهـا في مـحـفـظـة (بـورتـفـولـيـو) مـن الـورق الـمـقـوّى، في فـيـيـنـا، الـنّـمـسـا عـام 1815 …
نـجـد أوّل ذكـر لأسـد ضـخـم الـحـجـم نـحـت في صـخـر الـغـرانـيـت وعـثـر عـلـيـه في مـوقـع مـديـنـة بـابـل الـقـديـمـة في مـقـال نـشـره الـفـرنـسي جـوزيـف دو بـوشـام عـام 1790 في جـريـدة الـعـلـمـاء في بـاريـس. وكـان بـعـض أهـل الـحـلّـة قـد ذكـروا لـه أنـهـم كـانـوا قـد وجـدوا صـنـمـاً مـدفـونـاً في بـاطـن الأرض. وبـعـد أن أخـذوه إلى الـمـكـان وحـفـروه لـه مـيّـز في أعـمـاق الـحـفـرة تـمـثـال أسـد … وسـجّـل الـبـريـطـاني كـلـوديـوس جـيـمـس ريـتـش عـام 1817 في سـرد رحـلـتـه الـثّـانـيـة أنّـه اكـتـرى عـدداً مـن الـرّجـال حـفـروا يـومـاً كـامـلاً وأزاحـوا الـتّـراب عـن : “أسـد هـائـل الـحـجـم عـلى قـاعـدة، مـنـحـوت في نـوع سئ مـن الـغـرانـيـت الـرّمـادي بـصـنـعـة رديـئـة. وكـانـت في فـمـه فـتـحـة دائـريـة يـمـكـن لـلـمـرء أن يـدخـل فـيـهـا قـبـضـتـه” …
رحـلـة عـالـم طـبـيـعـيـات مـن زمـن الـثّـورة الـفـرنـسـيـة إلى الـعـراق
بـعـد انـدلاع الـثّـورة الـفـرنـسـيـة في 1789، اخـتـارت حـكـومـة الـجـمـهـوريـة الـجـديـدة في 1792، عـالـم الـطّـبـيـعـيـات غـلـيـوم أنـطـوان أولـيـفـيـيـه، مـبـعـوثـاً إلى الـدّولـة الـعـثـمانـيـة بـصـحـبـة عـالـم طـبـيـعـيـات آخـر : جـان غـلـيـوم بـروغـيـيـر. وقـد وصـلا إلى بـغـداد في 26 نـيـسـان 1796، وأقـامـا فـيـهـا إلى 18 أيّـار. وزارا مـنـاطـق أخـرى مـن الـعـراق. ونـجـد في الـكـتـاب الّـذي نـشـره أولـيـفـيـه عـام 1802 عـن رحـلـتـه مـعـلـومـات لا تـعـدّ ولا تـحـصى عـن الـعـراق في ذلـك الـزّمـن …
رسـوم فـرنـسـوا روسـيـه لـبـغـداد والـمـوصـل
مـن أقـدم رسـوم الأوربـيـيـن الّـتي وصـلـتـنـا عـن بـغـداد والـمـوصـل رسـوم الـفـرنـسي فـرنـسـوا ــ مـاري روسـيـه الّـذي وصـل إلى بـغـداد عـام 1782 مـع جـوزيـف دو بـوشـام. ورغـم أن مـرور الـزّمـن لـم يـبـقِ لـنـا مـن رسـومـه إلّا أربـع لـوحـات بـالألـوان الـمـائـيـة (1) والـحـبـر عـن بـغـداد والـمـوصـل، فـهي مـع ذلـك تـسـتـحـق أن نـتـأمّـلـهـا وأن نـتـفـحّـص تـفـاصـيـلـهـا …
الـبـغـداديـون في الـقـرن الـثّـامـن عـشـر كـمـا رآهـم الـفـرنـسي بـوشـام
يـعـرف أغـلـبـنـا أهـمّـيـة الـفـرنـسي جـوزيـف دو بـوشـام في إحـيـاء تـاريـخـنـا الـقـديـم، فـقـد تـوصّـل إلى تـحـديـد الـمـوقـع الـصّـحـيـح لـمـديـنـة بـابـل الـعـريـقـة في الـقـدم. وقـد وصـل إلى بـغـداد عـام 1782 وأقـام فـيـهـا إلى عـام 1789.
وقـد وجـدت في مـلاحـظـاتـه عـن بـغـداد والـبـغـداديـيـن خـلال إقـامـتـه الـطّـويـلـة في الـعـراق مـا يـسـتـحـق أن أتـقـاسـمـه مـعـكـم …
نـبـاتـات عـراقـيـة في حـدائـق مـاري أنـطـوانـيـت
أُرسـل عـالـم الـنّـبـاتـات الـفـرنـسي أنـدريـه مـيـشـو عـام 1782، إلى الـشّـرق لـلـحـصـول عـلى أنـواع نـادرة مـن الـنّـبـاتـات، وجـلـبـهـا إلى فـرنـسـا لـتـزرع في الـحـدائـق الـمـلـكـيـة، وخـاصّـة في حـدائـق مـاري أنـطـوانـيـت، زوجـة الـمـلـك لـويـس الـسّـادس عـشـر. وكـانـت الـحـدائـق الـخـاصّـة بـمـاري أنـطـوانـيـت في جـانـب مـن حـدائـق قـصـر فـرسـاي الـشّـاسـعـة.
ومـرّ عـالـم الـنّـبـاتـات أنـدريـه مـيـشـو بـبـغـداد، وأقـام فـيـهـا أكـثـر مـن ثـلاثـة أشـهـر، ثـمّ نـزل نـحـو الـبـصـرة فـبـلاد فـارس (كـمـا كـان الأوربـيـون يـسـمـون إيـران في ذلـك الـحـيـن). ووصـل إلى بـحـر قـزويـن. ثـمّ مـرّ بـبـغـداد مـن جـديـد عـام 1784، في طـريـق عـودتـه مـن بـحـر قـزويـن إلى أوربـا، وأقـام فـيـهـا حـوالي ثـلاثـة أشـهـر ونـصـف. وزرعـت الـنّـبـاتـات الّـتي جـمـعـهـا في الـشّـرق، وخـاصّـة في الـعـراق في حـدائـق الـمـلـكـة …
« حـصـاة مـيـشـو » الـمـسـمـاريـة
أُرسـل عـالـم الـنّـبـاتـات الـفـرنـسي أنـديـه مـيـشـو إلى الـشّـرق عـام 1782، لـلـحـصـول عـلى أنـواع نـادرة مـن الـنّـبـاتـات وجـلـبـهـا إلى فـرنـسـا لـتـزرع في الـحـدائـق الـمـلـكـيـة. ومـرّ بـبـغـداد في طـريـقـه نـحـو بـحـر قـزويـن، وأقـام فـيـهـا ثـلاثـة أشـهـر. ثـمّ مـرّ بـهـا مـن جـديـد عـام 1784، في طـريـق عـودتـه إلى أوربـا، وأقـام فـيـهـا حـوالي ثـلاثـة أشـهـر ونـصـف.
وخـلال تـفـحّـصـه لـقـنـوات الـرّي الّـتي أثـارت اهـتـمـامـه والّـتي تـتـبّـعـهـا حـول بـغـداد، وجـد قـطـعـة مـن صـخـر الـدّيـوريـت الأسـود، بـيـضـويـة الـشّـكـل، مـسـتـديـرة الأطـراف، عـلـيـهـا نـصّ كـامـل بـالـكـتـابـة الـمـسـمـاريـة، عـاد بـهـا مـيـشـو إلى فـرنـسـا، وأسـمـيـت بـ “حـصـاة مـيـشـو” …
رحـلـة عـبـد الـكـريـم خـوجـة الـكـشـمـيـري إلى الـعـراق
دخـل عـبـد الـكـريـم بـن أكـيـبـات بـن مـحـمـد بـلاكي الـكـشـمـيـري في خـدمـة طـهـمـاسـب قـولي خـان الّـذي اسـتـولى عـلى الـحـكـم في بـلاد فـارس تـحـت اسـم نـادر شـاه، خـلال حـمـلـة حـربـيـة قـام بـهـا نـادر شـاه في الـهـنـد. وصـاحـبـه عـبـد الـكـريـم في طـريـق عـودتـه إلى بـلاد فـارس في 1739 م. وحـصـل مـن الـشّـاه عـلى إذن بـمـصـاحـبـة رئـيـس أطـبـائـه إلى مـكّـة. وقـد مـرّ عـبـد الـكـريـم خـوجـة وأصـحـابـه في طـريـقـهـم إلى مـكّـة بـقـزويـن ثـمّ بـبـغـداد. وزاروا كـربـلاء والـنّـجـف والـكـوفـة قـبـل أن يـعـودوا إلى بـغـداد لـيـكـمـلـوا مـسـيـرهـم إلى مـكّـة والـمـديـنـة عـن طـريـق حـلـب ودمـشـق …
وصـل الـسّـويـدي جـان أوتّـيـر، “مـبـعـوث” مـلـك فـرنـسـا، لـويـس الـرّابـع عـشـر إلى الـشّـرق، إلى الـبـصـرة في 19 حـزيـران 1739. وبـقي فـيـهـا حـوالي أربـع سـنـوات، أولاً بـدون لـقـب رسـمي ثـمّ كـقـنـصـل لـفـرنـسـا ووكـيـل لـشـركـة بـلاد الـهـنـد. وقـد غـادرهـا في أيّـار 1743 …
رحـلات الـفـرنـسي تـافـرنـيـيـه الـسّـتّ إلى الـشّـرق في الـقـرن الـسّابـع عـشـر
قـام الـتّـاجـر الـفـرنـسي جـان بـاتـسـت تـافـرنـيـيـه بـسـتّ رحـلات إلى الـشّـرق مـن عـام 1631 إلى عـام 1668. وقـد مـرّ بـالـعـراق في ثـلاث مـن هـذه الـرّحـلات. مـرّ بـبـغـداد مـروراً سـريـعـاً في رحـلـتـه الأولى. ومـرّ بـالـمـوصـل في رحـلـتـه الـثّـالـثـة. ونـزل دجـلـة عـلى كـلـك مـن الـمـوصـل إلى بـغـداد، ثـمّ أكـمـل طـريـقـه إلى الـبـصـرة في رحـلـتـه الـرّابـعـة. وهـو يـسـرد مـا حـدث لـه في رحـلاتـه الـسّـتّ في كـتـاب صـدر في بـاريـس عـام 1676 …
كـتـاب تـأبـيـن الـبـغـداديـة سـتّ مـعـاني زوجـة ديـلّا فـالـيـه
وصـل شـاب إيـطـالي في الـثّـلاثـيـن مـن عـمـره، اسـمـه بـيـيـتـرو ديـلّا فـالـيـه إلى بـغـداد في شـهـر تـشـريـن الأوّل مـن عـام 1616. وفي كـانـون الأوّل، تـزوّج بـبـغـداديـة اسـمـهـا مـعـاني الـجـويـري. وبـعـد أن زار بــيـيـتـرو بـابـل، سـافـر إلى بـلاد الـفـرس والـهـنـد مـصـطـحـبـاً مـعـه زوجـتـه الّـتي تـوفـيـت خـلال الـسّـفـرة. وعـاد بـيـيـتـرو بـجـثـمـان زوجـتـه الـمـحـنّـط الّـذي وضـع في صـنـدوق مـصـفّـح بـالـرّصـاص إلى إيـطـالـيـا، لـيـدفـنـهـا في رومـا عـام 1626. وأقـيـم لـهـا حـفـل تـأبـيـن في بـدايـة عـام 1627. وقـد نُـشـر بـهـذه الـمـنـاسـبـة كـتـاب بـالـلـغـة الإيـطـالـيـة، بـمـائـة وخـمـسـيـن صـفـحـة، عـنـوانـه : “حـفـل تـأبـيـن الـسّـيّـدة سـتّي مـعـاني الـجـويـري ديـلّا فـالـيـه الّـذي أقـيـم في رومـا عـام 1627″ …
مـن أكـثـر الأمـور غـرابـة أنّ نـجـد أوّل إشـارة إلى قـصـر الأخـيـضـر، بـاسـمـه الّـذي نـعـرفـه لـه في أيّـامـنـا هـذه، في سـرد الإيـطـالي بـيـيـتـرو ديـلّا فـالـيـه لـرحـلـتـه إلى الـعـراق عـنـدمـا مـرّ بـه في 29 حـزيـران 1625. ولا نـدري بـأيّ اسـم ذكـر الـمـؤرخـون الـعـرب هـذا الـبـنـاء الـضـخـم الّـذي بـهـر كـلّ مـن رآه، ولا كـيـف أشـيـر إلـيـه في “مـعـاجـم الـبـلـدان” أو في كـتـب “الـمـسـالـك” الّـتي تـتـبـعـت كـلّ طـرق الـدّولـة الـعـبـاسـيـة وفـصّـلـت في وصـف حـتّى أصـغـر الـقـرى الّـتي لـم تـكـن لـهـا أدنى أهـمـيـة … ومـاذا نـعـرف حـقّـاً عـن هـذا الـحـصـن أو الـقـصـر ؟
وصـول أوائـل الـتّـجّـار الإنـكـلـيـز إلى الـعـراق في الـقـرن الـسّـادس عـشـر
تـرك سـتّـة مـن الـتّـجّـار الإنـكـلـيـز لـنـدن في شـبـاط 1583 مـتّـجـهـيـن نـحـو الـشّـرق. وصـاحـبـهـم رسّـام. ويـبـدو أنّ الـتّـاجـر الأكـثـر أهـمـيـة بـيـنـهـم كـان جـون نـيـوبـري فـقـد عـهـدت إلـيـه الـمـلـكـة إلـيـزابـيـث الأولى بـرئـاسـتـهـم وبـمـهـمـة حـمـل رسـالـتـهـا إلى الإمـبـراطـور الـمـغـولي جـلال الـدّيـن مـحـمّـد أكـبـر شـاه، ورسـالـتـهـا إلى مـلـك الـصّـيـن. ووصـلـت سـفـيـنـتـهـم إلى طـرابـلـس الـشّـرق. ومـنـهـا ذهـبـوا إلى حـلـب ثـمّ الـبـيـرا عـلى الـفـرات. وهـناك وجـدوا مـركـبـاً أنـزلـهـم إلى الـفـلـوجـة بـأسـبـوع واحـد. واكـتـروا في الـفـلّـوجـة مـا يـقـارب الـمـائـة حـمـار لـيـحـمـلـوا عـلـيـهـا مـا جـلـبـوه مـن سـلـع، وتـوجـهـوا نـحـو بـغـداد الّـتي كـانـوا يـسـمـونـهـا مـثـل كـلّ مـعـاصـريـهـم : “بـابـل الـجـديـدة”. وقـد زاروا في طـريـقـهـم عـقـرقـوف (الّـتي ظـنّـوهـا بـابـل) وزقـورتـهـا الّـتي اعـتـبـروهـا “بـرج بـابـل” … ثـمّ نـزلـوا إلى الـبـصـرة وأكـمـل بـعـضـهـم طـريـقـهـم عـبـر الـخـلـيـج …
كـيـف حـوّلـنـا الألـمـاني راوفـولـف إلى هـولـنـدي
كـان الـطّـبـيـب الألـمـاني وعـالـم الـنّـبـاتـات لـيـونـهـارت راوفـولـف واحـداً مـن قـلائـل الـمـسـافـريـن الأوربـيـيـن الّـذيـن مـرّوا بـالـعـراق في الـقـرن الـسّـادس عـشـر. وقـد كـتـب سـرداً لـرحـلـتـه بـالـلـغـة الألـمـانـيـة نـشـره عـام 1582.
ومـع أنّـه كـان ألـمـانـيـاً ولـد في مـديـنـة أوغـسـبـورغ في مـنـطـقـة الـسّـواب في غـرب ألـمـانـيـا، وإلـيـهـا عـاد بـعـد رحـلـتـه، إلّا أنّ أغـلـب الـمـنـشـورات الـعـربـيـة الّـتي وجـدتـهـا عـنـه (والّـتي تـجـهـل لـفـظ اسـمـه الألـمـاني الـصّـحـيـح : راوفـولـف، وتـكـتـبـه حـسـب الـلـفـظ الإنـكـلـيـزي : راوولـف) ذكـرت ومـا زالـت تـذكـر أنّـه هـولـنـدي. فـمـن أيـن جـاء هـذا الـخـلـط ؟
رحـلـة يـوهـانـس شِــلـتـبـيـرجـر إلى الـعـراق في بـدايـة الـقـرن الـخـامـس عـشـر
قـصّـة الألـمـاني يـوهـانـس شِــلـتـبـيـرجـر واحـدة مـن أعـجـب الـقـصـص، فـقـد ألـقـت بـه الأقـدار، مـن نـهـايـة الـقـرن الـرّابـع عـشـر إلى بـدايـة الـقـرن الـخـامـس عـشـر، مـن أسـر إلى أسـر ومـن بـلـد إلى بـلـد حـتّى وصـل إلى بـغـداد، الّـتي يـسـمـيـهـا “بـابـل الـجـديـدة “ بـيـن 1402 و 1405. ورغـم أنّـه لـم يـتـرك لـنـا عـنّـهـا إلّا نـصّـاً قـصـيـراً فـهـو مـع ذلـك شـديـد الأهـمـيـة …
الـعـراق في رحـلـة ابـن بـطـوطـة
تـرك ابـن بـطّـوطـة مـديـنـتـه طـنـجـة، في الـمـغـرب، مـتـوجّـهـاً إلى مـكّـة لـلـحـج، ثـمّ زار الـعـراق في 1326. وبـعـد أن وصـل مـع الـركـب إلى الـنّـجـف سـافـر إلى الـبـصـرة، ثـمّ مـرّ بـالأهـوار قـبـل أن يـصـل إلى واسـط. ومـنـهـا ذهـب إلى الـكـوفـة فـالـحـلّـة فـبـغـداد. وصـعـد إلى الـمـوصـل وديـار بـكـر. ولا يـجـد قـارئ رحـلـة ابـن بـطّـوطـة في مـا دونـه عـن هـذه الـسّـفـرة مـا يـسـتـحـق الـذّكـر، فـهـو قـد نـقـل خـاصـة مـا كـتـبـه ابـن جُـبـيـر قـبـلـه بـعـد أن غـيّـر بـعـض جـمـلـه، ولـم يـضـف عـلـيـه إلّا الـقـلـيـل …
الـعـراقـيـون كـمـا رآهـم الأنـدلـسي ابـن جُـبـيـر
تـرك ابـن جُـبـيـر مـديـنـة قـرطـبـة في الأنـدلـس عـام 1183 لـيـحـج إلى مـكّـة. ووصـل في عـام 1184، في خـلافـة الـمـسـتـضئ بـأمـر الله، مـن الـمـديـنـة إلى الـكـوفـة، ثـمّ مـرّ بـالـحـلّـة في طـريـقـه إلى بـغـداد. ومـع أنّ مـدّة إقـامـتـه في بـغـداد لـم تـتـجـاوز ثـلاثـة عـشـر يـومـاً فـقـد خـصـص مـقـطـعـاً طـويـلاً مـن كـتـابـه في وصـف الـبـغـداديـيـن، وأطـلـق عـلـيـهـم أحـكـامـاً قـاطـعـة رغـم قـلّـة مـعـرفـتـه لـهـم واخـتـلاطـه بـهـم …
مـقـتـل آخـر خـلـفـاء بـغـداد كـمـا رواه أوربـيـان
ذكـر الـتّـاجـر الـبـنـدقي مـاركـو بـولـو في سـرده لـرحـلـتـه إلى الـصّـيـن والـمـعـروف بـ “كـتـاب الـعـجـائـب” قـصـة إجـاعـة هـولاكـو لـلـخـلـيـفـة الـمـسـتـعـصـم بـالله بـعـد أن طـلـب مـنـه أن يـأكـل ذهـبـه، وجـعـل الـخـلـيـفـة يـمـوت جـوعـاً. ونـجـد نـفـس هـذه الـحـكـايـة عـن مـوت آخـر خـلـفـاء الـعـبـاسـيـيـن في نـصّ كـتـبـه الـمـبـشـر الـدّومـنـيـكي فـرا ريـكـولـدو الّـذي زار الـمـوصـل وبـغـداد وأقـام فـيـهـمـا في أواخـر الـقـرن الـثّـالـث عـشـر الـمـيـلادي… ولـكـن مـن أيـن جـاءت هـذه الـحـكـايـة ؟ …
«هـرون الـرّشـيـد يـسـتـقـبـل مـبـعـوثي شـارلـمـان» لـوحـة لـيـولـيـوس كـوكـيـرت
رسـم الألـمـاني يـولـيـوس كـوكـيـرت في 1864 لـوحـة أسـمـاهـا : “هـرون الـرشّـيـد يـسـتـقـبـل مـبـعـوثي شـارل الأكـبـر في بـغـداد عـام 786 م.” لـيـصـوّر الـسّـفـارة الّـتي أرسـلـهـا الإمـبـراطـور شـارلـمـان إلى بـلاط الـخـلـيـفـة في بـغـداد، والّـتي قـرأ وصـفـهـا في “سـيـرة شـارل الأكـبـر” الّـتي كـتـبـهـا إجـيـنـهـار، مـؤرّخ شـارلـمـان. ولـكـنّ الـرّسّـام أخـطـأ في تـأريـخ الـحـدث فـقـد وضـع في عـنـوان الـلـوحـة سـنـة 786، مـع أنـنـا نـفـهـم مـن نـصّ إجـيـنـهـار أنّ الـسّـفـيـريـن بـعـثـا إلى بـغـداد في 797 …
«مـبـعـوثـو الـخـلـيـفـة هـرون الـرّشـيـد»، لـوحـة لـلـفـنّـان يـوردايـنـس
رسـم الـفـنّـان الـفـلامـنـكي يـعـقـوب يـوردايـنـس عـام 1663 لـوحـة عـنـوانـهـا : “مـبـعـوثـو الـخـلـيـفـة هـرون الـرّشـيـد يـجـلـبـون هـدايـا لـشـارلـمـان”. ونـرى فـيـهـا الإمـبـراطـور شـارلـمـان واقـفـاً مـرتـديـاً الـفـراء الـمـرقّـط، ويـظـلـلـه عـبـد بـمـظـلـة واسـعـة وحـولـه نـسـاء بـلاطـه ورجـالـه، وفي يـده صـولـجـان يـشـيـر بـه إلى ثـلاثـة مـن مـبـعـوثي الـخـلـيـفـة الّـذيـن يـقـدّمـون لـه الـهـدايـا الّـتي بـعـثـهـا لـه هـرون الـرّشـيـد، ويـحـمـلـهـا خـدمـهـم الـعـراة الـصّـدور : آنـيـة وسـاعـة وبـيـضـة نـعـامـة ! كـمـا نـرى الـفـيـل الّـذي أتـوا بـه لـشـارلـمـان. ويـحـتـلّ الـطّـرف الأيـسـر مـن الـلـوحـة الـرّاهـبـان الـلـذان صـاحـبـا مـبـعـوثي الـخـلـيـفـة …
تـبـادل الـسّـفـراء بـيـن هـرون الـرّشـيـد وشـارلـمـان
نـصـب شـارلـمـان، مـلـك دولـة الإفـرنـج، نـفـسـه في 800 م. إمـبـراطـوراً عـلى مـا أسـمـاه بـالإمـبـراطـوريـة الـرّومـانـيـة الـمـقـدّسـة. وتـروي الـحـولـيـات الـمـلـكـيـة الإفـرنـجـيـة أنّ شـارلـمـان كـان قـد بـعـث عـام 797 م. بـسـفـارة إلى بـلاط الـخـلـيـفـة هـرون الـرّشـيـد في بـغـداد. وبـعـث لـه الـخـلـيـفـة بـسـفـارة حـمـلـت لـه هـدايـا مـن ضـمـنـهـا سـاعـة مـائـيـة وفـيـل …
عـنـدمـا وصـل جـيـش سـعـد بـن الـوقّـاص عـام 637 م. إلى ضـفـاف دجـلـة، قـرب مـديـنـة سـلـمـان بـاك الـحـالـيـة، وجـد في هـذا الـمـوضـع عـدّة مـدن كـان بـعـضـهـا مـا زال قـائـمـاً وأكـثـرهـا حـلّ بـهـا الـخـراب. وقـد أسـمـاهـا الـعـرب بـعـد فـتـحـهـا بـ “الـمـدائـن”. ويـذكـر الـمـؤرخـون أنّـهـا كـانـت خـمـس (أو سـبـع) مـدن مـلـكـيـة، شـيّـدت في فـتـرات تـاريـخـيـة مـخـتـلـفـة ولـكـن الـواحـدة قـرب الأخـرى. وكـانـت أقـدم هـذه الـمـدن “سـلـوقـيـة دجـلـة” الّـتي شـيّـدهـا سـلـوقـوس عـام 311 قـبـل الـمـيـلاد، و”طـيـسـفـون” الّـتي أسـسـهـا مـلـوك الـفـارثـيـيـن الأشـكـانـيـيـن عـلى ضـفـة نـهـر دجـلـة الـشّـرقـيـة، أي مـقـابـل مـديـنـة سـلـوقـيـة دجـلـة، لـيـسـكـنـهـا مـلـوكـهـم في فـصـل الـشّـتـاء. والّـتي نـجـد أوّل ذكـر لـهـا في عـام 221 قـبـل الـمـيـلاد …
عـنـدمـا كـانـت حـدود الإمـبـراطـوريـة الـرّومـانـيـة تـصـل إلى دجـلـة
قـام الـرّومـان عـام 92 قـبـل الـمـيـلاد، أي تـحـت حـكـم الإمـبـراطـور أوغـسـطـس، بـأوّل مـحـاولـة لـعـبـور الـفـرات، ولـكـنّـهـا فـشـلـت. وفي بـدايـة عـام 116 بـعـد الـمـيـلاد، دخـل الإمـبـراطـور الـرّومـاني تـريـانـوس في “سـلـوقـيـة دجـلـة” واحـتـلّ “طـيـسـفـون”. ثـمّ اسـتـمـرّ في مـسـيـرتـه نـحـو الـجـنـوب، وتـوقّـف في بـابـل لـيـزور الـقـصـر الّـذي مـات فـيـه الإسـكـنـدر الـمـقـدوني. وفي عـام 198 وصـل الإمـبـراطـور الـرّومـاني سـبـتـمـيـوس سـيـفـروس أمـام طـيـسـفـون وفـتـحـهـا. وأنـشـا ”ولايـة مـا بـيـن الـنّـهـريـن” الـرّومـانـيـة …
الإسـكـنـدر الـمـقـدوني يـمـوت في بـابـل
تـرك الإسـكـنـدر مـقـدونـيـا، في شـمـال الـيـونـان، عـام 334 قـبـل الـمـيـلاد مـتـوجّـهـاً نـحـو آسـيـا. وبـعـد أن فـتـح مـدن الـفـنـيـقـيـيـن ثـمّ مـصـر، أكـمـل طـريـقـه نـحـو الـشّـرق وعـبـر الـفـرات، ثـمّ دجـلـة، وهـزم داريـا الـثّـالـث، آخـر الـمـلـوك الـفـرس الأخـمـيـنـيـيـن، قـرب أربـيـل. ونـزل بـعـد ذلـك إلى بـابـل، الّـتي أقـام فـيـهـا شـهـراً قـبـل أن يـكـمـل مـسـيـره نـحـو أقـصى الـشّـرق. وبـعـد عـودتـه مـن الـشّـرق تـوقّـف مـن جـديـد في بـابـل عـام 323 ق. م.. وفـيـهـا أصـابـتـه حـمى لـم تـفـارقـه إلى أن مـات … ولـم يـكـن قـد بـلـغ الـثّـالـثـة والـثّـلاثـيـن مـن عـمـره …
عـنـدمـا كـانـت سـلـوقـيـة دجـلـة إحـدى عـواصـم الـثّـقـافـة الـهـلـنـسـتـيـة
بـعـد مـوت الإسـكـنـدر الـمـقـدوني في بـابـل سـنـة 324 قـبـل الـمـيـلاد، إشـتـدّت الـصّـراعـات بـيـن قـوّاده. وتـقـاسـم الـمـنـتـصـرون مـنـهـم الأراضي الّـتي كـان قـد اسـتـولى عـلـيـهـا الإسـكـنـدر … واسـتـقـلّ سـلـوقـوس بـالـجـزء الـشّـرقي مـن الإمـبـراطـوريـة، والّـذي كـان يـمـتـدّ مـن سـوريـا وبـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن وبـلاد فـارس إلى الـهـنـد. وفي عـام 311 قـبـل الـمـيـلاد، بـدأ سـلـوقـوس بـتـأسـيـس مـديـنـة جـديـدة لـه عـلى نـهـر دجـلـة، مـقـابـل مـديـنـة طـيـسـفـون. وأصـبـحـت سـلـوقـيـة دجـلـة واحـدة مـن أهـمّ عـواصـم الـثّـقـافـة الـهـلـنـسـتـيـة …
بـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن في تـاريـخ هـيـرودوت
يـعـتـبـر الـيـونـاني هـيـرودوت الّـذي عـاش في الـقـرن الـخـامـس قـبـل الـمـيـلاد “أبـا الـتّـاريـخ”، ويـعـتـبـر كـتـابـه أقـدم كـتـاب في الـتّـاريـخ، ألّـفـه بـعـد أن سـافـر في أنـحـاء واسـعـة مـن الـعـالـم الـمـعـروف في زمـانـه لـيـعـرّف مـعـاصـريـه مـن الإغـريـق عـلى مـا يـجـرى حـولـهـم. وهـو يـذكـر أنّـه زار بـابـل ومـنـاطـق أخـرى مـن بـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن بـيـن مـا زار مـن بـلاد، أي بـعـد أقـلّ مـن قـرن عـلى سـقـوط بـابـل تـحـت ضـربـات جـيـش الـمـلـك الـفـارسي الإخـمـيـني كـورش (الأكـبـر) في 539 قـبـل الـمـيـلاد. وهـو يـخـصـص مـقـاطـع طـويـلـة مـن الـكـتـاب الأوّل لـلـكـلام عـن بـلاد بـابـل وعـادات أهـلـهـا وتـقـالـيـدهـم، وعـن ثـورة الـبـابـلـيـيـن عـلى الإحـتـلال الـفـارسي …
نـظّـمـت مـديـريـة الآثـار الـعـامـة عـام 1964 مـعـرضـاً ضـمّ أعـدداً كـبـيـرة مـن الـقـطـع الأثـريـة الـمـحـفـوظـة في الـمـتـحـف الـعـراقي في بـغـداد لـيـقـام في عـدد مـن الـمـدن الأوربـيـة. وقـد أقـيـم الـمـعـرض في مـديـنـة كـولـونـيـا Köln، ألـمـانـيـا، وفي مـديـنـة تـوريـنـو Torino، إيـطـالـيـا، وفي لـشـبـونـة، الـبـرتـغـال، وبـقي شـهـريـن في مـتـحـف الـلـوفـر في بـاريـس. ونـشـر دلـيـل لـلـمـعـرض الـلـوفـري بـ 130 صـفـحـة احـتـوى عـلى عـدد كـبـيـر مـن الـصّـور الـفـوتـوغـرافـيـة بـالأبـيـض والأسـود …
قـطـع أثـريـة مـن الـعـراق الـقـديـم في جـنـوب فـرنـسـا
كـان الـلـبـنـاني كـمـيـل أبـو صـوّان يـمـتـلـك مـجـمـوعـة كـبـيـرة مـن الـمـقـتـنـيـات تـحـتـوي عـلى قـطـع أثـريـة مـن الـشّـرق الأدنى (وخـاصـة مـن سـوريـا ولـبـنـان والـعـراق) تـعـود إلى فـتـرات تـتـراوح تـاريـخـيـاً بـيـن الألـف الـرّابـع قـبـل الـمـيـلاد وزمـن الـحـروب الـصّـلـيـبـيـة (الـقـرنـيـن الـثّـاني عـشـر والـثّـالـث عـشـر بـعـد الـمـيـلاد). وقـد قـرر كـمـيـل أبـو صـوّان في أواخـر سـنـوات حـيـاتـه، أن يـهـدي مـجـمـوعـة مـقـتـنـيـاتـه الأثـريـة هـذه إلى مـتـحـف أجـن في جـنـوب فـرنـسـا …
عُـثـر عـلى مـنـحـوتـة جـداريـة في قـصـر الـمـلـك الآشـوري سـنـحـاريـب (حـكـم مـن 705 إلى 681 قـبـل الـمـيـلاد) تـمـثّـل قـفّـة واسـعـة الإسـتـدارة عـالـيـة الـحـواف يـسـيّـرهـا رجـلان جـلـسـا في طـرفـيـن مـنـهـا بـمـجـذافـيـن في نـهـر (فـقـد أظـهـر الـنّـحـات ضـفـتـيـه). وفي جـانـبي الـقـفّـة رجـلان يـصـيـدان الـسّـمـك إمـتـطى كـلّ واحـد مـنـهـمـا قـربـة مـنـفـوخـة. ونـجـد أقـدم وصـف لـلـقـفّـة في كـتـاب الـمـؤرخ الـيـونـاني هـيـرودوت الّـذي زار بـابـل في الـقـرن الـخـامـس قـبـل الـمـيـلاد، بـعـد حـوالي خـمـسـيـن سـنـة مـن سـقـوطـهـا …
نـقـيّـة، الـمـتـحـكّـمـة بـالـمـلـوك
نـجـد في تـاريـخ بـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن الـقـديـم ذكـراً لـعـدّة نـسـاء شـاركـن في تـسـيـيـر أمـور الـدّولـة أو تـسـلـطـن عـلـيـهـا، فـقـد ذكـرت “الـقـائـمـة الـمـلـكـيـة” الـسّـومـريـة أنّ الـمـلـكـة كـو بـابـا ارتـقـت عـرش دويـلـة مـديـنـة كـيـش في فـتـرة حـكـم سـلالـة كـيـش الـثّـالـثـة (مـن 2500 إلى 2330 قـبـل الـمـيـلاد).
وفي الـقـرن الـتّـاسـع قـبـل الـمـيـلاد نـصـبـت مـسـلّـة لـتـكـريـم الـمـلـكـة سـمـورَمـات، زوجـة شـمـشي أداد الـخـامـس، الّـتي حـوّر الـكـتّـاب الإغـريـق اسـمـهـا إلى سـمـيـرامـيـس وحـاكـوا حـولـهـا كـثـيـراً مـن الأسـاطـيـر. وقـد سـانـدت ابـنـهـا أداد نـيـنـاري الـثّـالـث عـنـدمـا ارتـقى الـعـرش سـنـة 810 قـبـل الـمـيـلاد بـعـد وفـاة أبـيـه، وأدارت لـه أمـور الـدّولـة مـدّة أربـع سـنـوات إلى أن أدرك سـنّ الـبـلـوغ واسـتـقـلّ بـالـحـكـم بـنـفـسـه.
وبـعـد قـرن مـن ذلـك تـزوّج سـنـحـاريـب عـنـدمـا كـان ولي الـعـهـد، في زمـن حـكـم أبـيـه، بـنـقـيـة / زكـوة، الّـتي أصـبـحـت، بـعـد أن ارتقى سـنـحـاريـت عـرش مـمـلـكـة آشـور، “مـلـكـة” و”سـيّـدة الـقـصـر”. واسـتـطـاعـت نـقـيّـة / زكـوةُ أن تـفـرض إرادتـهـا عـلى زوجـهـا الـمـلـك، فـعـيّـن الإبـن الّـذي أنـجـبـتـه لـه : “عـسـر حـدّون” ولي عـهـد لـه رغـم صـغـر سـنّـه، وقـدّمـه عـلى أخـوتـه الآخـريـن الأحـقّ مـنـه بـولايـة الـعـهـد. وبـعـد أن أصـبـح ابـنـهـا عـسـر حـدون مـلـكـاً، اسـتـمـرّ يـسـتـشـيـرهـا في تـسـيـيـر أمـور الـدّولـة. وقـد صـوّرهـا مـعـه عـلى مـنـحـوتـة بـرونـزيـة، وهـو مـا لـم يـفـعـلـه مـلـك قـبـلـه.
كـمـا أجـبـرت ابـنـهـا الـمـلـك عـسـر حـدون عـلى تـعـيـيـن حـفـيـدهـا الـمـحـبـوب آشـور بـانـيـبـال ولـيـاً لـعـهـده رغـم صـغـر سـنـه، فـنـحّى ابـنـه الـكـبـيـر شـمـش شـوم أوكـيـن لـيـعـيّـن ابـنـه الـصّـغـيـر آشـوربـانـيـبـال بـدلاً عـنـه …
سـردنـبـال، أو كـيـف شُـوّهـت صـورة آشـوربـانـيـبـال لـمـدة قـرون طـويـلـة
روى الـكـتّـاب الـيـونـانـيـون حـكـايـات مـشـوهـة عـن الـمـلـك الآشـوري آشـوربـانـيـبـال نـقـلـوهـا، كـمـا يـبـدو، عـن الـفـرس، بـعـد أن حـوّروا اسـمـه إلى سـردنـبـال Sardanapalus. وقـد أخـذهـا عـنـهـم الـكـتّـاب الـرّومـان. واسـتـمـرت هـذه الـحـكـايـات تـنـشـر في أوربـا في الـقـرون الـوسـطى وعـصـر الـنّـهـضـة وحـتّى الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر عـنـدمـا رسـم الـفـنّـان الـفـرنـسي أوجـيـن دولاكـروا عـام 1827 لـوحـتـه الـشّـهـيـرة : “مـوت ســردنـبـال” …
ولـيـمـة تـدشـيـن قـصـر الـمـلـك آشـور نـاصـربـال
بـعـد أن اكـتـمـل تـشـيـيـد قـصـر الـمـلـك الآشـوري آشـور نـاصـربـال الـثّـاني (حـكـم مـن 883 إلى 859 قـبـل الـمـيـلاد) الـشّـديـد الـفـخـامـة والـضّـخـامـة في عـاصـمـتـه الـجـديـدة كـلـحُ (مـوقـع نـمـرود الـحـالـيـة، جـنـوب الـمـوصـل) أقـام ولـيـمـة تـدشـيـن لـم يـكـن مـثـلـهـا ولـيـمـة. ودعـا إلـيـهـا أوّلاً كـلّ الآلـهـة وعـلى رأسـهـم آشـور، وأعـداداً كـبـيـرة مـن الـمـدعـوّيـن فـصّـل الـكـلام عـنـهـم في “حـولـيـاتـه” :
“عـنـدمـا دشّـنـت قـصـري في مـديـنـة كـلـحُ، دعـوت 574 69 رجـلاً وامـرأة مـن كـلّ الـبـلـدان : مـنـهـم 5000 مـن الـوجـهـاء الـمـبـعـوثـيـن مـن الـبـلـدان الـمـجـاورة”. ويـذكـر أسـمـاء الـبـلـدان الاثـنَي عـشـر الـمـحـيـطـة بـبـلاد آشـور والّـتي أرسـلـت هـؤلاء الـمـنـدوبـيـن عـنـهـا، “و 16000 مـن سـكـان كـلـحُ، و 1500 مـن مـوظـفي قـصـري. ومـجـمـوعـهـم : 574 69، دعـوتـهـم مـن كـلّ أرجـاء الـدّنـيـا، ومـن عـاصـمـتي كـلـحُ”. “ولـمـدّة عـشـرة أيّـام كـامـلـة، أطـعـمـتـهـم وسـقـيـتـهـم وأمـرت أن يـسـتـحـمّـوا وأن يُـمـسـح عـلـيـهـم بـالـزّيـوت الـمـعـطّـرة، وأكـرمـتـهـم قـبـل أن أرجـعـهـم إلى دورهـم وبـلادهـم سـالـمـيـن” …
نـجـد أوّل ذكـر لأسـد ضـخـم الـحـجـم نـحـت في صـخـر الـغـرانـيـت وعـثـر عـلـيـه في مـوقـع مـديـنـة بـابـل الـقـديـمـة في مـقـال نـشـره الـفـرنـسي جـوزيـف دو بـوشـام عـام 1790 في جـريـدة الـعـلـمـاء في بـاريـس. وكـان بـعـض أهـل الـحـلّـة قـد ذكـروا لـه أنـهـم كـانـوا قـد وجـدوا صـنـمـاً مـدفـونـاً في بـاطـن الأرض. وبـعـد أن أخـذوه إلى الـمـكـان وحـفـروه لـه مـيّـز في أعـمـاق الـحـفـرة تـمـثـال أسـد … وسـجّـل الـبـريـطـاني كـلـوديـوس جـيـمـس ريـتـش عـام 1817 في سـرد رحـلـتـه الـثّـانـيـة أنّـه اكـتـرى عـدداً مـن الـرّجـال حـفـروا نـهـاراً كـامـلاً لـيـزيـحـوا الـتّـراب عـن : “أسـد هـائـل الـحـجـم عـلى قـاعـدة، مـنـحـوت في نـوع سئ مـن صـخـر الـغـرانـيـت الـرّمـادي بـصـنـعـة رديـئـة. وكـانـت في فـمـه فـتـحـة دائـريـة يـمـكـن لـلـمـرء أن يـدخـل فـيـهـا قـبـضـتـه” …
قـلـعـة تـكـريـت في نـصّ بـابـلي
نـجـد ذكـراً لـمـديـنـة تـكـريـت وقـلـعـتـهـا في “حـولـيـات” الـمـلـك الـبـابـلي نـبـوبـولـصـر، الّـتي تـروي أحـداث الـسّـنـة الـحـاديـة عـشـرة مـن حـكـمـه (سـنـة 615 قـبـل الـمـيـلاد)، أي قـبـل عـدّة قـرون مـن ولادة سـابـور بـن أردشـيـر بـن بـابـك.(و هـو شـابـور الأوّل الّـذي كـان ثـاني مـلـوك الـفـرس الـسّـاسـانـيـيـن الّـذي ارتـقى الـعـرش عـام 240 بـعـد الـمـيـلاد)، والّـذي كـان الـمـؤرخـون الـعـرب الـقـدمـاء يـعـتـقـدون أنّـه شـيّـد قـلـعـة تـكـريـت …
الـعـرب وبـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن في الألـف الأوّل قـبـل الـمـيـلاد
تـأتي مـعـرفـتـنـا بـتـاريـخ الـعـرب في الألـف الأوّل قـبـل الـمـيـلاد خـاصـة مـن الـنّـصـوص الآشـوريـة والـبـابـلـيـة الـحـديـثـة الّـتي كـانـت تـسـتـعـمـل الـلـغـة الأكّـديـة (بـالـلـهـجـتـيـن الـبـابـلـيـة والآشـوريـة) والـمـسـجـلـة بـالـكـتـابـة الـمـسـمـاريـة، مـنـذ أوّل ذكـر لـهـم سـنـة 853 قـبـل الـمـيـلاد، وحـتّى سـقـوط مـديـنـة بـابـل عـام 539 قـبـل الـمـيـلاد تـحـت ضـربـات الـفـرس الأخِـمـيـنـيـيـن …
لـم تـذكّـر الـنّـصـوص الـبـابـلـيـة الّـتي سُـجّـلـت بـالـكـتـابـة الـمـسـمـاريـة جـنـائـن مـعـلـقـة في بـابـل، ولـم يـجـد الـمـنـقـبـون خـلال حـمـلات الـتّـنـقـيـبـات الـمـتـتـالـيـة في مـوقـع بـابـل الـقـديـمـة (مـنـذ نـهـايـة الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر وطـيـلـة الـقـرن الـعـشـريـن) أثـراً لـهـذه الـجـنـائـن الـمـعـلّـقـة. فـكـيـف تـكـوّنـت هـذه الأسـطـورة عـنـد الإغـريـق (أي الـيـونـانـيـيـن الـقـدمـاء) ومـقـلـديـهـم الـرّومـان ؟ وكـيـف دخـلـت ضـمـن “عـجـائـب الـدّنـيـا الـسّـبـع” الّـتي صـنّـفـوهـا ؟
تـنـقـيـبـات الـمـلـك نـبـونـيـد الأثـريـة
قـام الـمـلـك الـبـابـلي نـبـونـيـد بـتـنـقـيـبـات أثـريـة في الـقـرن الـسّـادس قـبـل الـمـيـلاد، أي قـبـل حـوالي 2500 سـنـة مـن زمـنـنـا هـذا. وقـد حـاول، أكـثـر مـمـا فـعـلـه سـابـقـوه، أن يـجـد مـعـابـد خـربـت مـنـذ أزمـان طـويـلـة لـيـزيـح عـنـهـا الـتّـراب ويـجـد أسـسـهـا ويـبـحـث عـن الـنّـصـوص الّـتي سـجّـلـهـا مـلـوك الـمـاضي عـنـدمـا شـيّـدوهـا أو جـددوهـا، والّـتي دفـنـوهـا في الأسـس. وذلـك لـمـعـرفـة تـاريـخـهـا ولإحـيـاء تـقـالـيـد قـديـمـة كـانـت قـد أهـمـلـت وانـدثـرت مـدّة قـرون طـويـلـة .
وكـان قـد كـرّس كـثـيـراً مـن وقـتـه لـقـراءة مـا وصـلـه مـن الـنّـصـوص الـقـديـمـة وتـمـعّـن في قـراءة “الـقـوائـم الـمـلـكـيـة” الّـتي بـوّبـت الـسّـلالات الـمـلـكـيـة في كـلّ دول جـنـوب مـا بـيـن الـنّـهـريـن، وذكـرت أسـمـاء مـلـوكـهـا حـسـب تـسـلـسـلـهـم الـزّمـني. وقـد طـبّـق هـذه الـمـعـلـومـات في حـفـريـاتـه لـيـصـل إلى اكـتـشـاف أقـدم مـا يـمـكـنـه مـن فـتـرات الـزّمـن الـمـاضي. وتـعـمّـق بـحـفـريـاتـه في بـاطـن الأرض طـبـقـة بـعـد طـبـقـة …
هـل شـرّع حـمـورابي أقـدم قـانـون في تـاريـخ الـعـالـم ؟
يـعـتـقـد الـكـثـيـرون أنّ الـمـلـك الـبـابـلي حـمـورابي شـرّع أوّل قـانـون في تـاريـخ الـبـشـريـة، ولـكـنّ الـمـلـك الـسّـومـري أور نـامـو كـان قـد شـرّع قـبـلـه بـعـدّة قـرون قـانـونـاً وصـلـتـنـا مـنـه سـبـعـة وثـلاثـون بـنـداً ، كـتـبـت بـالـمـسـمـاريـة وبـالـلـغـة الـسّـومـريـة. كـمـا وصـلتـنـا بـنـود مـن قـانـون الـمـلـك لـيـبِـت عـشـتـار الّـذي كـان خـامـس مـلـوك سـلالـة إيـسِـن الـسّـومـريـة الأول، الـمـكـتـوب بـالـلـغـة الـسّـومـريـة، والّـذي سـبـق قـانـون حـمـورابي بـحـوالي قـرن ونـصـف. كـمـا وصـلـتـنـا قـوانـيـن إشـنـونـة الّـتي كـتـبـت عـدّة عـشـرات مـن الـسّـنـيـن قـبـل قـانـون حـمـورابي، والّـتي لـديـنـا مـنـهـا ثـلاثـة ألـواح عـلـيـهـا حـوالي سـتـيـن بـنـداً …
إنـهـيـدوانـة ونـسـاء الـعـراق الـقـديـم
جـمـع مـنـظـمـو مـعـرض “إنـهـيـدوانـة ونـسـاء مـا بـيـن الـنّـهـريـن بـيـن حـوالي 3400 و 2000 قـبـل الـمـيـلاد “، الـمـقـام في مـكـتـبـة ومـتـحـف مـورغـان The Morgan Library & Museum في نـيـويـورك، ولأوّل مـرّة في مـكـان واحـد، أعـمـالاً فـنّـيـة مـن حـضـارات الـسّـومـريـيـن والأكّـديـيـن مـن مـنـتـصـف الألـف الـرّابـع وإلى نـهـايـة الألـف الـثّـالـث قـبـل الـمـيـلاد، تـظـهـر حـيـاة نـسـاء بـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن في تـلـك الـفـتـرة، ومـن بـيـنـهـا مـجـمـوعـة أخـتـام أسـطـوانـيـة اسـتـثـنـائـيـة تـحـتـفـظ بـهـا مـتـاحـف لا تـعـرضـهـا عـادةً لـلـجـمـهـور الـواسـع …
تـمـاثـيـل غـوديـا، الأمـيـر الـسّـومـري
كـان غـوديـا (ويـكـتـب كـوديـا أو جـوديـا) أهـمّ حـكّـام مـا يـسـمى بـسـلالـة لـغـش الـثّـانـيـة. وكـانـت مـديـنـة لـغـش (أو لـكـش) هـذه مـركـز دويـلـة صـغـيـرة في جـنـوب بـلاد سـومـر في نـهـايـة الألـف الـثّـالـث قـبـل الـمـيـلاد. ويـمـكـن تـقـديـر فـتـرة حـكـمـه تـقـريـبـيـاً بـيـن 2150 إلى 2125 قـبـل الـمـيـلاد.
وقـد وصـلـتـنـا مـن فـتـرة حـكـم غـوديـا في لـغـش أعـداد مـن الـتّـمـاثـيـل الـصّـغـيـرة والـمـسـلّات ومـسـامـيـر الأسـس وألـواح الأسـس ونـصـوص ديـنـيـة وأدعـيـة مـن بـيـنـهـا تـمـاثـيـلـه الّـتي تـتـجـاوز الـعـشـريـن تـمـثـالاً، والّـتي نـحـتـت في صـخـر الـدّيـوريـت الـبـركـاني الأسـود. ويـحـتـفـظ مـتـحـف الـلـوفـر في بـاريـس بـالـجـزء الأكـبـر مـنـهـا.
أسـطـورة إيـتـانـا الـسّـومـريـة في الأخـتـام الأسـطـوانـيـة
يـعـود أصـل أسـطـورة إيـتـانـا إلى بـلاد سـومـر في الألـف الـثّـالـث قـبـل الـمـيـلاد. وتـروي الأسـطـورة قـصّـة الـمـلـك إيـتـانـا Etana، الّـذي صـعـد إلى الـسّـمـاء مـحـلّـقـاً عـلى جـنـاحَي نـسـر لـيـطـلـب مـن الإلـهـة عـشـتـار أن تـهـبـه الـ “شـمـو شـا ألادي”، أي “الـنّـبـتـة الـمـشـمـومـة الّـتي لـلـولادة” أي “الـنّـبـتـة الّـتي تـسـاعـد الـمـرأة الّـتي تـشـمّـهـا عـلى الإنـجـاب”.
وقـد عـثـر الـمـنـقّـبـون عـلى أكـثـر مـن عـشـريـن خـتـمـاً اسـطـوانـيـاً عـلـيـهـا مـشـاهـد تـصـوّر أسـطـورة إيـتـانـا الـسّـومـريـة. وتـحـتـفـظ بـهـا الـمـتـاحـف الـعـالـمـيـة والـمـكـتـبـات …
© حـقـوق الـنّـشـر مـحـفـوظـة لـلـدّكـتـور صـبـاح كـامـل الـنّـاصـري
يـرجى طـلـب الإذن مـن الـكـاتـب قـبـل إعـادة نـشـر هـذا الـمـقـال.