رسـوم دونالـد مـاكـسـويـل ولـوحـاتـه عـن الـعـراق في بـدايـة الـقـرن الـعـشـريـن

Donald Maxwell Baghdad

الـدّكـتـور صـبـاح الـنّـاصـري

تـعـوّد الـكـثـيـر مـنّـا عـلى رؤيـة صـور رسـوم الـبـريـطـاني دونـالـد مـاكـسـويـل Donald  Maxwell ولـوحـاتـه الّـتي تـنـشـر هـنـا وهـنـاك مـن غـيـر ذكـر لاسـم رسّـامـهـا. وبـعـد أن قـرأت كـتـابـه عـن الـعـراق والّـذي يـحـتـوي عـلى هـذه الـرّسـوم بـحـثـت عـمّـا كـتـب عـنـه بـالـلـغـة الـعـربـيـة. ودهـشـت لأنـني لـم أجـد شـيـئـاً يـذكـر :

ولـد دونـالـد مـاكـسـويـل سـنـة 1877 في مـديـنـة صـغـيـرة في جـنـوب لـنـدن، إنـكـلـتـرة. وكـان أبـوه رجـل ديـن يـنـتـمي إلى الـكـنـيـسـة الـمـيـثـوديـسـتـيـة. وبـدأ دراسـتـه لـلـفـنّ في مـدرسـة مـديـنـتـه   The Clapham School of Art.

وسـافـر عـام 1979 إلى لـنـدن لـيـدرس في مـعـهـد سـلـيـد  Slade School of Fine Art، ثـمّ في الـمـعـهـد الـمـلـكي لـلـفـنـون The Royal College of Art.

وبـعـد زواجـه عـام 1907، أقـام مـع زوجـتـه في مـركـب ربـط عـلى شـاطئ نـهـر الـتـامـيـز، قـبـل أن يـنـتـقـلا إلى مـنـطـقـة الـكـيـنـت. وبـدأ حـيـاتـه الـمـهـنـيـة يـكـتـب ويـرسـم في مـجـلات عـديـدة، مـثـل مـجـلّـة   The Yachting Monthly الّـتي خـصـص لـهـا كـثـيـراً مـن رسـومـه.

ونـشـر عـام 1909 كـتـابـاً مـصـوّراً بـرسـوم عـن أسـطـول سـاوث إنـد الـحـربي والّـذي لاقى نـجـاحـاً كـبـيـراً. وأصـبـح بـعـد ذلـك رسـام “بـحـريـة” رسـمي a naval artist، ومـراسـلاً فـنّـيـاً “بـحـريـاً” لـصـحـيـفـة The Graphic ولـمـدّة عـشـريـن سـنـة.

وقـد شـارك دونـالـد مـاكـسـويـل في الـحـرب الـعـالـمـيـة الأولى كـضـابـط في الـبـحـريـة الـمـلـكـيـة الـبـريـطـانـيـة ، ثـمّ كـرسّـام رسـمي . ورسـم خـلال تـلـك الـفـتـرة سـفـن الـبـحـريـة الـبـريـطـانـيـة وعـمـلـيـاتـهـا الـحـربـيـة.

وقـد بـعـثـه مـتـحـف الإمـبـراطـوريـة الـحـربي، كـمـا سـبـق أن رأيـنـا، عـام 1918 إلى الـعـراق لـيـنـفـذ رسـومـاً ولـوحـات عـن الـسّـفـن الـحـربـيـة وعـن الـمـلاحـة في دجـلـة والـفـرات. وقـد وصـل إلى الـبـصـرة، في بـدايـة عـام 1919.

وبـعـد أن عـاد إلى إنـكـلـتـرة، تـركـهـا مـن جـديـد لـيـصـاحـب ولي عـهـد بـريـطـانـيـا   the Prince of Wales في جـولـتـه في أرجـاء الـهـنـد الّـتي كـانـت تـحـت سـلـطـة بـريـطـانـيـا، والّـتي كـانـت تـدعى بـالـهـنـد الـبـريـطـانـيـة. ونـفّـذ دونـالـد مـاكـسـويـل خـلال هـذه الـجـولـة أعـداداً كـبـيـرة مـن رسـومـه عـن الـهـنـد نـشـر بـعـضـهـا في كـتـاب  The Prince of Wales’ Eastern Book

وقـد نـفّـذ دونـالـد مـاكـسـويـل رسـومـاً وأعـمـالاً طـبـاعـيـة (غـرافـيـك) لـحـوالي ثـلاثـيـن كـتـابـاً  ألّـفـهـا أو شـارك فـيـهـا عـن سـفـراتـه أو عـن مـنـاطـق في بـريـطـانـيـا، مـثـل كـتـابـه عـن الـعـراق الّـذي سـبـق أن تـكـلّـمـنـا عـنـه أو كـتـابـه عـن فـلـسـطـيـن :   “A Painter in Palestine”الّـذي يـتـكـلّـم فـيـه عـن زيـارتـه لـلأمـاكـن الـدّيـنـيـة كـمـتـديّـن تـلـقى تـربـيـة ديـنـيـة مـتـزمـتـة مـن أبـيـه رجـل الـدّيـن. ونـشـر كـتـابـاً آخـر بـرسـوم مـلـوّنـة عـن فـلـسـطـيـن عـنـونـه : آخـر الـحـروب الـصّـلـيـبـيـة   The Last Crusade، ويـتـكـلّـم فـيـه عـن احـتـلال الأوربـيـيـن لـشـرق الـبـحـر الأبـيـض الـمـتـوسّـط خـلال الـحـرب الـعـالـمـيـة الأولى.

كـمـا اشـتـهـر بـرسـوم لـوحـات دعـايـة وإعـلان وتـرويـج لـعـدد مـن شـركـات الـخـطـوط الـحـديـديـة في بـريـطـانـيـا.

وقـد اسـتـمـرّ دونـالـد مـاكـسـويـل في نـشـاطـاتـه الـفـنّـيـة حـتّى وافـاه الأجـل سـنـة 1936..

(c) IWM (Imperial War Museums); Supplied by The Public Catalogue Foundation

ونـبـدأ مـقـالـنـا بـلـوحـة زيـتـيـة يـحـتـفـظ بـهـا الـمـتـحف الـحـربي في لـنـدن. ونـرى فـيـهـا سـفـيـنـتـيـن بـخـاريـتـيـن مـن سـفـن الـبـحـريـة الـبـريـطـانـيـة تـخـتـرقـان نـهـر دجـلـة في بـغـداد. ونـلاحـظ أنّ جـسـر الـقـوارب قـد فُـتـح لـتـمـرّ الـسّـفـيـنـتـان في وسـطـه. ولا بـد أنّـه كـان مـشـهـداً مـألـوفـاً لأنـنـا نـرى بـحـارة الـسّـفـن الـشّـراعـيـة وأصـحـاب الـقـفـف مـنـشـغـلـيـن بـأمـورهـم ، لا يـعـيـرونـهـمـا اهـتـمـامـاً.

وقـد نـشـر دونـالـد مـاكـسـويـل في لـنـدن (دار نـشـر John Lane ) عـام 1921 كـتـابـاً يـسـرد فـيـه رحـلـتـه هـذه إلى الـعـراق كـمـغـامـرات رسّـام (رسـمي) في جـنّـة عـدن، وانـطـبـاعـاتـه الـشّـخـصـيـة عـن الـبـلـد وسـاكـنـيـه :

«  A Dweller in Mesopotamia, being the Adventures of an official Artist in the Garden of Eden. With sketches in colour, monochrome, and line ».

D. Maxwell 18

وصـاحـب نـصّـه بـعـدد مـن الإسـكـتـشـات بـعـدّة ألـوان أو بـلـون واحـد، وبـعـدد مـن الـتـخـطـيـطـات.

ومـاعـدا كـتـابـه هـذا عـن الـعـراق، فـقـد نـشـر دونـالـد مـاكـسـويـل أكـثّـر مـن ثـلاثـيـن كـتـابـاً تـصـاحـبـهـا رسـومـه عـن رحـلاتـه في أوربـا والـهـنـد وفـلـسـطـيـن.

الـرّحـلـة إلى الـعـراق :

يـبـدأ كـتـاب دونـالـد مـاكـسـويـل عـن الـعـراق بـوصـولـه مـن عَـبـدان (أو عـبـادان) إلى الـبـصـرة الّـتي يـصـفـهـا في فـصـل عـنـوانـه : ” بـنـدقـيـة الـشّـرق The Venice of the East”. ويـعـني بـذلـك أنّ الـبـصـرة تـشـبـه مـديـنـة الـبـنـدقـيـة Venezia في شـمـال شـرق إيـطـالـيـا الـمـعـروفـة بـكـثـرة قـنـوات الـمـاء الّـتي تـخـتـرقـهـا.

D. Maxwell 2

D. Maxwell 3

ثـمّ يـتـكـلّـم في فـصـل ” سـنـدبـاد الـجـنـدي Sinbad the soldier ” عـن أنـواع الـقـوارب والـمـراكـب الّـتي رآهـا فـيـهـا والّـتي تـنـتـمي إلى كـلّ الأمـم وكـلّ الـعـصـور مـن ” قـفّـة زمـن سـنـحـاريـب ” إلى أحـدث الـسّـفـن الـبـخـاريـة. ورسـم سـفـيـنـة شـراعـيـة مـن الّـتي تـدعى بـ ” الـمـهـيـلـة “.

D. Maxwell 6

وفي طـريـقـه صـاعـداً إلى بـغـداد عـن طـريـق الـنّـهـرعـلى مـتـن سـفـيـنـة بـخـاريـة اسـمـهـا شـوشـان ShusHan

D. Maxwell 5

تـوقّـف لـيـرسـم مـشـاهـد مـن الأهـوار : “رسـمـت تـخـطـيـطـاً لـقـريـة يـسـكـنـهـا عـرب الأهـوار في الـمـسـاء. وعـنـدمـا عـدت إلـيـهـا في صـبـاح الـيـوم الـتّـالي لأتـأكّـد مـن بـعـض الـتّـفـاصـيـل … لـم أجـدهـا ! وتـابـعـت تـيّـارات الـمـيـاه حـتّى وجـدتـهـا في الـظّـهـر عـلى بـعـد حـوالي عـشـرة أمـيـال مـن مـكـانـهـا الـسّـابـق”.

D. Maxwell 4

ثـمّ تـكـلّـم عـن قـبـر الـعـزيـر

D. Maxwell 7

والـفـجـر في الـعـمـارة

D. Maxwell 14

ووضـع رسـمـاً لـسـفـيـنـة يـخـاريـة لـنـقـل الـمـسـافـريـن عـلى دجـلـة

D. Maxwell 15

و رسـمـيـن لآثـار بـابـل.

D. Maxwell 10

D. Maxwell 9

وقـد أقـام دونـالـد مـاكـسـويـل في بـغـداد فـتـرة طـويـلـة ووصـفـهـا وصـفـاً مـفـصّـلاً. ووضـع رسـمـاً لـمـآذن الـكـاظـمـيـن الـمـذهّـبـة

D. Maxwell

ولـجـامـع في بـغـداد

D. Maxwell 13

ولـبـغـداد في الـلـيـل

D. Maxwell 12

D. Maxwell 11

كـمـا زار دونـالـد مـاكـسـويـل عـدداً مـن الـمـنـاطـق الـعـراقـيـة ومـدنـهـا وصـعـد نـهـر الـفـرات ورسـم هـيـت

D. Maxwell 16

و”فـوهـات جـهـنـم ” الّـتي تـنـفـث قـاراً ودخـانـاً مـلـتـهـبـاً قـرب الـمـديـنـة.

©حـقـوق الـنّـشـر مـحـفـوظـة لـلـدّكـتـور صـبـاح كـامـل الـنّـاصـري

يـرجى طـلـب الإذن مـن الـكـاتـب قـبـل إعـادة نـشـر هـذا الـمـقـال.

نُشرت بواسطة

alnasserys

صـبـاح الـنّـاصـري، دكـتـور في الآداب، مـقـيـم في مـنـطـقـة الـنّـورمـانـدي في فـرنـسـا

3 رأي حول “رسـوم دونالـد مـاكـسـويـل ولـوحـاتـه عـن الـعـراق في بـدايـة الـقـرن الـعـشـريـن”

أضف تعليق