مـحـلّات أوروزدي بـاك في بـغـداد

%d8%a3%d9%88%d8%b1%d8%b2%d8%af%d9%8a-%d8%a8%d8%a7%d9%83-2

الـدّكـتـور صـبـاح الـنّـاصـري

شـاركـت شـركـة أوروزدي بـاك الـتّـجـاريـة مـنـذ نـهـايـة الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر، وخـلال الـقـرن الـعـشـريـن في تـنـمـيـة الـثّـقـافـة الإسـتـهـلاكـيـة الـشّـرهـة في أوربـا الـشّـرقـيـة أوّلاً، ثـمّ في الـشّـرقـيـن الأدنى والأوسـط وفي شـمـال أفـريـقـيـا، بـفـتـحـهـا لـمـحـلات كـبـيـرة تـروّج لـلـبـضـائـع الأوربـيـة في غـالـبـيـة الـمـدن الـمـهـمّـة  في هـذه الـمـنـاطـق ومـن بـيـنـهـا بـغـداد والـبـصـرة.

فـكـيـف نـشـأت هـذه الـشّـركـة ؟ وكـيـف نـمـت وازدهـرت ؟

تـذكـر لـنـا الـمـصـادر الّـتي درسـت تـاريـخ هـذه الـشّـركـة أنّ عـائـلـة بـاخ Bach  كـانـت يـهـوديـة، إغـتـنـت مـن الـتّـجـارة في الإمـبـراطـوريـة الـنّـمـسـاويـة ـ الـمـجـريـة، ثـمّ تـشـاركـت مـع عـائـلـة يـهـوديـة أخـرى مـن أصـل نـمـسـاوي مـجـري : أوروزدي Orosdi. وهـكـذا تـزوّج  أدولـف أوروزدي Adolf Orosdi  بـأخـت مـوريـس بـاخ  Maurice Bach.

وكـان أدولـف أوروزدي ضـابـطـاً شـارك في حـركـة 1848 الـوطـنـيـة الـمـجـريـة. وبـعـد فـشـل الـحـركـة الّـتي قـمـعـهـا الـنّـمـسـاويـون، هـاجـر إلى الـقـسـطـنـطـيـنـيـة (إسـطـنـبـول)، عـاصـمـة الـدولـة الـعـثـمـانـيـة، وبـدأ يـمـارس فـيـهـا الـتّـجـارة.

وفـتـح في 1855 مـحـلّاً في مـحـلّـة غَـلَـطـة (جـالاتـا) عـلى الـبـوسـفـور لـبـيـع الـمـلابـس الـجـاهـزة الـمـسـتـوردة مـن أوربـا. وقـد نـمـت تـجـارتـه وتـوسـعـت بـعـد ذلـك، واسـتـمـرّ بـهـا ولـداه فـيـلـيـب ولـيـون مـن بـعـده.

ثـمّ تـشـارك ولـدا أوروزدي مـع هـيـرمـان  وجـوزيـف، إبـنَي مـوريـس بـاخ، واتّـفـق أربـعـتـهـم عـلى تـسـمـيـة شـركـتـهـم : أوروزدي ــ بـاخ.

وفي 1879، تـزوّج هـيـرمـان بـاخ في بـاريـس بـمـاتـيـلـد أوروزدي، أخـت فـيـلـيـب ولـيـون، وأقـامـا في هـذه الـمـديـنـة.

وقـد فـتـح الـشّـركـاء الأربـعـة في بـاريـس عـام 1888 الـمـكـتـب الـرّئـيـسي لـشـركـتـهـم الـتّـجـاريـة بـعـد أن غـيّـروا كـتـابـة اسـم Bach (الّـذي يـلـفـظ  “بـاك” بـالـفـرنـسـيـة ) إلى Back، وأصـبـح اسـم الـشّـركـة : Orosdi- Back.

وفي 1893 فـتـحـوا أوّل مـحـلاتـهـم في فـيـيـنـا، عـاصـمـة الـنّـمـسـا، وأصـبـحـت الـشّـركـة في 1895 شـركـة مـسـاهـمـة، وفـتـحـت مـحـلات كـبـرى في أوربـا الـشّـرقـيـة وفي تـركـيـا. وفي حـوالي عـام 1896 فـتـحـوا أوّل مـحـلاتـهـم في الـقـاهـرة، ثـمّ في تـونـس وفي حـلـب وبـيـروت.

%d8%a3%d9%88%d8%b1%d8%b2%d8%af%d9%8a-%d8%a8%d8%a7%d9%83-4

وكـانـت هـذه الـمـحـلّات مـن نـوع جـديـد ظهـر في الـمـدن الأوربـيـة في بـدايـة الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر،

وهي مـا تـسـمى بـالـفـرنـسـيـة : Grands magasins، وتـسـمى بـالإنـكـلـيـزيـة : Department stores.

ويـمـتـلـك كـلّ مـحـل مـن هـذه الـمـحـلّات الـكـبـرى شـخـص واحـد أو شـركـة واحـدة، وفـيـهـا أقـسـام مـتـعـددة تـبـيـع بـضـائـع مـتـنـوّعـة.

فـبـيـنـمـا كـان هـنـاك في الـمـاضي مـحـلّات مـخـتـصّـة في كـلّ نـوع مـن الـبـضـائـع والـسّـلـع : مـحـلّات لـلـمـلابـس وأخـرى لـلأحـذيـة والـمـصـنـوعـات الـجـلـديـة أو لـلـمـواد الـمـنـزلـيـة أو لـلـمـواد الـغـذائـيـة، جـمـعـت الـمـحـلّات الـكـبـرى كـلّ هـذه الـمـنـتـجـات في مـكـان واحـد. ولـم يـعـد الـزّبـائـن يـحـتـاجـون لـلـتّـنـقـل مـن مـحـلّ إلى آخـر وإنّـمـا يـجـدون كـلّ مـا يـحـتـاجـونـه في أقـسـام مـخـتـلـفـة في داخـل نـفـس الـمـحـلّ الـكـبـيـر. (1)

وفي بـدايـة عـشـريـنـيـات الـقـرن الـمـاضي، إشـتـرى عـمـر أفـنـدي الّـذي كـان مـن عـائـلـة الـسّـلـطـان الـعـثـمـاني مـحـلات أوروزدي بـاك في مـصـر (في الـقـاهـرة والإسـكـنـدريـة وطـنـطـا …)، وتـحـوّل اسـمـهـا بـعـد ذلـك إلي مـحـلات عـمـر أفـنـدي.

مـحـلّات أوروزدي بـاك في بـغـداد :

%d8%a3%d9%88%d8%b1%d8%b2%d8%af%d9%8a-%d8%a8%d8%a7%d9%83-6

كـمـا افـتـتـح مـحـل كـبـيـر لأوروزدي بـاك في بـغـداد في تـلـك الـفـتـرة تـقـريـبـاً، أي في بـدايـة الـعـشـريـنـيـات، ثـمّ آخـر في الـبـصـرة. (2)

وقـد أجّـر مـؤسـسـوه في بـغـداد في الـبـدايـة مـحـلّاً في الـمـنـطـقـة الّـتي كـانـت تـدعى بـوقـف حـيـدر جـلـبي عـنـد بـدايـة شـارع الـمـسـتـنـصّـر، عـلى مـقـربـة مـن حـمـام حـيـدر الـشّـهـيـر. وكـان الـمـبـنى بـطـابـقـيـن ولـكـنّـه لـم يـكـن شـديـد الـسّـعـة. (3)

ونـجـد في خـارطـة مـديـنـة بـغـداد الـتّي نـشـرتـهـا بـالـلـغـة الإنـكـلـيـزيـة مـديـريـة الأشـغـال الـعـمـومـيـة في أمـانـة عـاصـمـة بـغـداد Public Works Departement عـام 1929 إسـم الـمـحـل مـكـتـوبـاً : Orosdiback ،مـن غـيـر خُـطـيـط فـاصـل بـيـن جـزئـيـه.(4)

%d8%a3%d9%88%d8%b1%d9%88%d8%b2%d8%af%d9%8a-2

وفي 1950، إنـتـقـلـت مـحـلاّت أوروزدي بـاك، الّـتي يـسـمـيـهـا الـبـغـداديـون : أورزدي، إلى مـبـنـاهـا الـجـديـد الـواسـع في شـارع الـرّشـيـد، مـحـلّـة سـيّـد سـلـطـان عـلي. (3)

%d8%a3%d9%88%d8%b1%d8%b2%d8%af%d9%8a-%d8%a8%d8%a7%d9%83-7

وقـد دهـش الـبـغـداديـون بـتـنـظـيـمـهـا وتـنّـوع أقـسـامـهـا .وكـانـت تـبـاع فـيـهـا، كـمـا في كـلّ الـمـحـلّات الـكـبـرى، أنـواع مـخـتـلـفـة مـن الـبـضـائـع والـسّـلـع الـمـحـلـيـة الـصّـنـع أو الـمـسـتـوردة : مـلابـس فـاخـرة لـلـنّـسـاء والـرّجـال والأطـفـال فـرنـسـيـة وإنـكـلـيـزيـة، وأجـهـزة مـنـزلـيـة واكـسـسـوارات مـن أشـهـر الـمـاركـات.

وكـانـت أطـقـم الـطّـعـام مـن الـبـورسـلـيـن : روزنـتـال  Rosenthal أو  Wedge Wood الإنـكـلـيـزيـة الـعـريـقـة، وأطـقـم الـفـضّـة : كـريـسـتـوفـل  Christofle، إلى جـانـب الـكـريـسـتـال الـبـوهـيـمي.

وكـان فـيـهـا قـسـم كـبـيـر لـلـقـرطـاسـيـة بـأنـواعـهـا بـمـا في ذلـك الـمـواد الـفـنّـيـة، وآخـر لـلـخـيـاطـة والـتّـطـريـز والـحـيـاكـة، وقـسـم لـمـعـدّات الـمـطـبـخ وأدوات الـطّـبـخ. (3)

وكـانـت مـحـلّات أوروزدي بـاك تـخـتـلـف عـن مـخـازن حـسـو إخـوان الّـتي كـانـت أكـثـر اهـتـمـامـاً بـاسـتـيـراد الـمـسـتـلـزمـات الـمـنـزلـيـة الـضّـخـمـة مـن أثـاث وأدوات وكـهـربـائـيـات مـن الـولايـات الـمـتّـحـدة الأمـريـكـيـة. (3)

وكـانـت هـذه الـمـحـلّات تـتـوجـه لأفـراد الـطّـبـقـة الـمـتـوسّـطـة والـطّـبـقـة الـغـنّـيـة. ولـهـذا بـنـت سـمـعـتـهـا عـلى بـيـع مـنـتـجـات جـيّـدة الـنّـوعـيـة وعـلى أسـعـار ثـابـتـة تـكـتـب بـجـانـبـهـا، لا يـمـكـن لـلـزّبـائـن أن يـسـاومـوا عـلـيـهـا.

وكـانـت الـمـحـلّات تـشـغـل طـابـقـيـن (الـطّـابـق الأرضي والـطّـابـق الأوّل) نـصـب بـيـنـهـمـا مـصـعـد كـهـربـائي لـم يـر كـثـيـر مـن سـكّـان بـغـداد مـصـعـداً قـبـلـه. وكـان فـيـه مـصـطـبـة خـشـبـيـة يـسـتـريـح عـلـيـهـا الـمـسـنّـون.

وكـان مـدخـلـهـا عـلى شـارع الـرّشـيـد : بـابـهـا زجـاجي دوّار، يـقـف أمـامـه بـوّاب بـزيّ رسـمي نـظـيـف.

%d8%a3%d9%88%d8%b1%d8%b2%d8%af%d9%8a-%d8%a8%d8%a7%d9%83-8

وتـحـيـط بـالـبـاب مـن جـانـبـيـه واجـهـات زجـاجـيـة كـانـت تـعـرض فـيـهـا بـضـائـع حـديـثـة لـجـذب أنـظـار الـمـارّة، ولـدفـعـهـم لـدخـول الـمـحـلّات لـلـتّـفـرج، ثـم لإغـرائـهـم بـعـد ذلـك بـالـشّـراء. وهـو أمـر سـائـد في كـلّ الـمـجـتـمـعـات الإسـتـهـلاكـيـة.

%d8%a3%d9%88%d8%b1%d8%b2%d8%af%d9%8a-%d8%a8%d8%a7%d9%83-5

وكـان الـجـديـد عـلى كـثـيـر مـن الـبـغـداديـيـن أيـضـاً أنّ الـمـحـلّات وظّـفـت بـائـعـات يـرتـديـن زيّـاً مـوحّـداً. وكـانـت سـيـاسـة هـذه الـمـحـلّات أن يـبـتـسـم كـلّ الـعـامـلـيـن فـيـهـا ومـن ضـمـنـهـم الـبـائـعـات، وأنّ يـظـهـروا لـلـزّبـائـن الـلـطـف والإحـتـرام. وهـذا مـن مـمـيـزات كـلّ الـمـحـلّات “الـرّاقـيـة”.

وفي مـطـلـع سـتـيـنـيـات الـقـرن الـعـشـريـن، عـرضـت مـحـلّات أوروزدي بـاك لـلـبـيـع. وتـشـارك في شـرائـهـا رجـلا أعـمـال وصـنـاعـة في بـغـداد : مـنـذر فـتّـاح، مـن أصـحـاب مـعـامـل فـتّـاح بـاشـا، والـمـصـرفي الـسّـيّـد مـهـدي الـرّحـيـم. وحـوّلا اسـمـهـا إلى : شـركـة الـمـخـازن الـعـراقـيـة. وتـشـكّـل مـجـلـس لإدارتـهـا يـضـمّ رجـال أعـمـال ومـثـقـفـيـن تـرأسـهـم عـلي حـيـدر الـرّكـابي (الّـذي كـان مـديـراً لـنـادي الـمـنـصـور مـنـذ تـأسـيـسـه في 1951).

وكـان في مـحـلّات أوروزدي بـاك، إلى جـانـب الأقـسـام الّـتي تـحـتـوي عـلى كـثـيـر مـن الـمـنـتـوجـات الـمـتـنـوّعـة، مـقـهى في الـطّـابـق الأول، وتـطـلّ نـوافـذه عـلى نـهـر دجـلـة، ولـكـنّـه كـان مـخـصـصـاً لـلـنّـسـاء.

وأنـشـأت مـكـتـبـة تـبـيـع كـتـبـاً عـربـيـة وأجـنـبـيـة وتـعـاقـدت الـشّـركة مـع كـبـريـات دور الـنّـشـر مـثـل بـيـنـجـويـن   Penguin وفـابـيـر أند فـابـيـر    Faber & Faber  لـتـزويـدهـا بـمـنـشـوراتـهـا، وعـرضـت لـلـبـيـع الـكـتـب الـفـنّـيـة الـصّـادرة عـن Thames & Hudson والـمـوسـوعـة الـبـريـطـانـية   Encyclopedia Britannica الـتّي كـانـت تـبـاع بـالأقـسـاط. (3)

ولـديـنـا صـورة لـهـا :

%d8%a3%d9%88%d8%b1%d8%b2%d8%af%d9%8a-%d8%a8%d8%a7%d9%83-3

وكـان  فـيـهـا مـكـتـبـة لـبـيـع أسـطـوانـات الـمـوسـيـقى الـكـلاسـيـكـيـة والـمـعـاصـرة لأحـدث مـا كـان يـصـدر في الـعـالـم. (3)

ويـبـدو أنّـه كـان فـيـهـا، في فـتـرة مـن الـفـتـرات، صـالـون نـسـائي فـيـه “كـوافـيـره” (وهي كـلـمـة أرقى مـن كـلـمـة “حـلّاقـة” !)، وأنّـهـا جـلـبـت لـهـذا الـصّـالـون خـبـيـرة أجـنـبـيـة مـخـتـصّـة بـالـتّـجـمـيـل الـنّـسـائي.

وفي فـتـرات الـتّـنـزيـلات، كـانـت الـمـحـلّات تـأتي بـفـرقـة مـوسـيـقـيـة تـعـزف في داخـلـهـا لـجـذب الـزّبـائـن.

مـن مـحـلّات أوروزدي بـاك إلى “الأسـواق الـمـركـزيـة” :

orosdi

وقـد أمـمـت الـحـكـومـة الـعـراقـيـة مـحـلّات أوروزدي بـاك في سـبـعـيـنـيـات الـقـرن الـعـشـريـن، وأصـبـحـت مـلـكـاً لـلـدّولـة تـحـت اسـم : “الأسـواق الـمـركـزيـة”. وأنـشـئـت شـركـة حـكـومـيـة لإدارتـهـا بـاسـم “الـشّـركـة الـعـامـة لـلأسـواق الـمـركـزيـة”، كـانـت تـابـعـة لـوزارة الـتّـجـارة.

وفـتـحـت لـهـا فـروعـاً في عـدد مـن أحـيـاء بـغـداد مـثـل الـكـرادة والـمـنـصـور والـعـدل والـشّـعـب والـبـلـديـات، ثـمّ فـتـحـت لـهـا فـروعـاً في الـمـحـافـظـات.

ولا يـمـكـن لأحـد أن يـقـلـل مـن أهـمـيـة مـحـلّات أوروزدي بـاك الّـتي واكـبـت ولا شـكّ دخـول الـمـجـتـمـع الـعـراقي (أو عـلى الأقـلّ الـمـجـتـمـع الـبـغـدادي) في الـثّـقـافـة الإسـتـهـلاكـيـة، والّـتي تـحـتـل مـكـانـتـهـا في ذاكـرتـنـا الـجـمـاعـيـة.  فـمـن مـن أبـنـاء جـيـلي ومـن أبـنـاء الـجـيـل الّـذي سـبـقـنـا مـن لـم يـمـرّ أمـام واجـهـاتـهـا ولـم يـتـوقـف لـلـتـفـرج عـلـيـهـا، أو لـم يـدخـل فـيـهـا؟

ومـع ذلـك فـقـد قـرأت عـدداً كـبـيـراً مـن “مـقـالات” نـشـرت عـلى الـشّـبـكـة الـعـنـكـبـوتـيـة كـتـب مـؤلـفـوهـا ما لا يـكـاد أن يـتـصـوره الـعـقـل مـن الإخـتـلاقـات والـتّـلـفـيـقـات، وخـاصـة فـيـمـا يـتـعـلـق بـإنـشـاء هـذه الـمـحـلّات.

وقـد عـجـبـت مـن قـدرات الـبـعـض عـلى الإخـتـراع، فـقـد جـعـل كـاتـب مـقـال واسـع الـنّـشـر مـن أوروزدي بـاك تـاجـراً عـراقـيـاً أرمـنـيـاً ! وجـعـلـه آخـر فـرنـسـيـاً فـتـح أوّل مـحـلاّتـه في بـغـداد !

أمّـا فـيـمـا يـتـعـلـق بـاسـم هـذه الـمـحـلّات : أوروزدي بـاك Orosdi- Back، وهـو كـمـا رأيـنـا اسـم مـركّـب مـن اسـمَي عـائـلـتـيـن مـجـريـتـيـن تـشـاركـتـا في الـتّـجـارة. فـقـد ادّعى الـبـعـض أنّـه جـاء مـن الإنـكـلـيـزيـة  Ours Day Bag [هـكـذا !] وتـرجـمـوهـا : حـقـيـبـة تـسـوقـنـا الـيـومي ! أو أنّـهـا اسـم شـركـة أجـنـبـيـة افـتـتـحـت لـهـا أوّل سـوق في بـغـداد بـهـذا الإسـم، أو أنّـهـا كـلـمـة فـرنـسـيـة تـعـني سـوق أو مـول … وهي كـلّـهـا، كـمـا يـرى الـقـارئ الـعـزيـز بـنـفـسـه تـنـمّ عـن جـهـل مـخـتـرعـيـهـا بـالـتّـاريـخ وبـالـلـغـات الأجـنـبـيـة !

 وبـيـن كـلّ هـذه الـمُـضـحـكـات الـمُـبـكـيـات، قـرأت في كـتـاب صـدر قـبـل سـنـوات لـكـاتـب مـشـهـور (5) تـفـسـيـراً أكـثـر غـرابـة لـهـذا الإسـم. فـبـعـد أن تـكـلّـم الـمـؤلـف عـن : “أجـمـل وأرقى مـخـزن في بـغـداد الـخـمـسـيـنـيـة والـسـتـيـنـيـة، وهـو مـا يـسـمـيـه الـبـغـداديـون أورزدي”، ذكـر :

“لـم أكـن أعـرف وأنـا أردد مـع الـبـغـداديـيـن بـالـدارجـة الـعـراقـيـة اسـم “أورزدي” مـا مـعـنى هـذه الـكـلـمـة ومـن أيـن جـاءت. وكـنـت أظـنـهـا اسـم صـاحـب الـمـكـان ولـكـنـني في فـرنـسـا قـرأت ريـبـورتـاجـاً صـحـفـيـاً وجـدت فـيـه اسـم “أورزدي بـاك” مـكـتـوبـاً بـالـلـغـة الـفـرنـسـيـة لأنـه مـن أصـل فـرنـسي. وقـد وضـعـه كـاتـب الـمـقـال بـشـكـل تـلـقـائي بـاعـتـبـاره نـوعـاً مـن الـتـوثـيـق في نـقـل الأسـمـاء … وإذا بي أقـرأ :Aux roses du bac   أي إلى أزهـار الـمـزهـريـة “.

ولا يـحـقّ لـنـا أن نـنـتـقـد هـذا الـمـؤلـف لـجـهـلـه بـالـتّـاريـخ، فـهـو قـد نـقـل هـذا الـتّـأويـل الـغـريـب لـقـرائـه كـمـا قـرأه، مـن غـيـر تـدقـيـق ولا تـمـحـيـص. ومـع ذلـك فـقـد كـان عـلـيـه أن يـتـحـاشى الـسّـقـوط في إغـراء الـكـتـابـة الـمـتـعـجّـلـة والـنّـشـر الـسّـريـع، فـتـسـجـيـل تـاريـخـنـا الـحـديـث يـتـطـلّـب مـنّـا جـمـيـعـاً جـهـوداً مـسـتـمـرة في لـمّ شـتـاتـه وتـأنـيـاً في جـمـع أجـزائـه لـكي لا يـضـيـع مـنّـا ويـتـلاشى ذكـره.

مـلـحـق :

إسـتـلـمـت رسـالـة مـن الـكـاتـبـة والـشّـاعـرة ونـاقـدة الـفـنّ الـكـبـيـرة مي مـظـفّـر تـحـتـوي عـلى مـعـلـومـات قـيّـمـة وشـديـدة الأهـمـيـة عـن مـحـلّات أوروزدي بـاك في بـغـداد يـسـعـدني أن أنـشـرهـا كـتـكـمـلـة لـمـقـالي (الّـذي اسـتـعـمـلـت فـيـه مـقـاطـع مـنـهـا) :

“لقد عايشنا هذا المخزن وكان حلم طفولتنا أن نقتني منه لعبة، حين كانت اللعب في الأربعينيات والخمسينيات لا تقدم إلا في المناسبات الخاصة: العيد أو عيد الميلاد أو التفوق في الدراسة.

اسمح لي أن أنقل لك ما أعرفه عن هذا المكان :

حين تأسس أوروزدي باك في العشرينيات كما ذكرت، اتخذ موقعه في ركن المنطقة التي كانت تدعى بوقف حيدر جلبي عند بداية شارع المستنصر، على مقربة من حمام حيدر الشهير. (بالمناسبة حيدر جلبي جدي الأكبر وفي تلك المرحلة من الأربعينيات وحتى وفاته في 1949 كان والدي المتولي عن الوقف وبعد وفاته انتقلت إلى ابن خالته المحامي فاضل بابان).، وكان مؤجرا من الوقفية.

كان المبنى كما أتذكر بطابقين ولم يكن واسعا جدا وكانت بضاعته فرنسية على الأغلب ولم يكن يحتوي على مكتبة لبيع الكتب. هذا ما أستطيع قوله عن المكان لصغر سني آنذاك، وكل ما لصق بذاكرتي أن الألعاب الجميلة كانت توضع في مقدمة المخزن. (راجع قصتي عن هذا المكان في مجموعة ألم يبق منهم أحد).

في 1950 انتقل المخزن إلى مبناه الجديد الواسع في شارع الرشيد، محلة سيد سلطان علي، وقد حضرت مع أهلي الافتتاح الكبير ورأيت دهشة الناس بالمصعد الذي يذهب إلى الطابق الثاني وكان يحتوي على مصطبة خشبية لراحة المسنين. كان مدهشا بتنظيمه وتنوع أقسامه التي بين الملابس الفاخرة الفرنسية والإنجليزية للرجال والنساء والأطفال والأجهزة المنزلية والإكسسوارات من أشهر   الماركات، كانت أطقم الطعام البورسلين من نوع روزنتال  Rosenthal وWedge Wood   الإنجليزية العريقة، وأطقم الفضة كريستوفل Christofle، والكريستال البوهيمي كمثال. وكان فيها قسم كبير  للقرطاسية بأنواعها بما في ذلك المواد الفنية، وآخر لعدد الخياطة والتطريز والحياكة، وقسم لأغراض المطبخ.

وكان اختلافه عن مخازن حسو اخوان أن الأخير كان أكثر اهتماما باستيراد المستلزمات المنزلية الضخمة من أثاث وأدوات وكهربائيات، والتي كان يستوردها من أمريكا.

في مطلع الستينيات، بيعت مخازن أوروزدي باك، واشتراها شراكة اثنان من رجال الأعمال والصناعة في بغداد هما منذر فتاح من أصحاب معامل فتاح باشا، والمصرفي السيد مهدي الرحيم. وبدأت محلات أورزدي باك التي أصبح اسمها شركة المخازن العراقية، تستعيد نشاطها. فتشكلت هيئة إدارتها من مجلس يمثل نخبة من رجال الأعمال والمثقفين برئاسة الأستاذ علي حيدر الركابي، الذي كان مديرا لنادي المنصور منذ تأسيسه في 1951.

كان من أولويات مهام الإدارة أن ترقى بالذوق العام بعد أن بدأ يتدنى نتيجة للقيود الاقتصادية، سواء أكان في الملبس أو الأدوات المنزلية أو الأثاث. وتولت الإشراف على ذلك السيدة سعاد العمري المعروفة بذوقها الراقي وحسن اطلاعها وثقافتها.

%d8%b3%d8%b9%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1%d9%8a

(السيدة سعاد العمري رئيسة جمعية الهلال الأحمر في لقاء مع الملك فيصل الثاني والسيد محمد الصدر رئيس مجلس الأعيان في منتصف الخمسينيات).

وبدأت المؤسسة تعتمد على الإنتاج المحلي إلى جانب الاستيراد الذي اعتمد أكثر على الملابس الإنجليزية، والأثاث حديث التصميم من الدنمارك، مع استحداث قسم خاص للخياطة والاعتماد على تصنيع الأثاث محليا بمواصفات حديثة خاصة.

وكانت البرامج الثقافية من صلب مشاريعها، فتتوج افتتاح المؤسسة بمعرض شخصي للفنان فائق حسن. كما أنشأت، ولأول مرة، مكتبة لبيع الكتب العربية والأجنبية معظمها بالإنجليزية والفرنسية بشكل محدود، وبأسعار ميسرة، إذ تعاقدت الشركة مع كبريات دور النشر مثل بينجوين   Penguinوفايبر أند فيبر    Faber & Faber،والكتب الفنية الصادرة عن Thames & Hudson والموسوعة البريطانية   Encyclopedia Britannicaالتي كانت تباع بالأقساط.

كما خصصت مكتبة ضخمة لبيع الاسطوانات الكلاسيكية والمعاصرة لأحدث الإصدارات في العالم. هكذا كنا نجد المثقف العراقي، النهم بطبيعته للمعرفة، يواكب مستجدات الأحداث والأفكار وأساليب التعبير على امتداد العصور.

وكان من ضمن مشاريع السيدة العمري استحداث مقهى مطل على دجلة أسوة بما تتبعه المخازن الكبيرة مثل هارودز وسلفرجز ولافاييت. لكن المقهى كان مخصصا للنساء فقط .

وحين شملت أحكام التأميم هذه المحلات تولت وزارة التجارة إدارة المخازن، ومن بعد أطلق على هذ المؤسسة الأسواق المركزية وانتشرت في كل أنحاء العراق”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  وجـدت عـدّة مـقـالات تـعـتـبـر مـحلات أوروزدي باك في بـغـداد “أول مـول في الـشـرق الأوسط !”. ومـن الـواضـح أنّ كـاتـبـيـهـا يـجـهـلـون الـفـرق بـيـن الـ Department stores و بين الـ  Mall.    فـالـمـول Mall مـركـز تـجـاري شـديد الـضّـخـامـة يـضـمّ مـحـلات مـخـتـلـفـة تـنـتـمي لـشـركـات مـخـتـلـفـة. وقـد  ظـهـر هـذا الـنّـوع مـن الـمـراكـز الـتّـجـاريـة في الـقـرن الـعـشـريـن، بـعـد فـتـرة طـويـلـة مـن ظـهـور الـمـخـازن الـكـبـرى مـثـل أوروزدي بـاك.

(2) Uri M. Kupferschmit, European Department Stores and Middle Eastern Consumers : The Orosdi-Back Saga, Istanbul, Osmanli Bankasi Arsiv ve Arastirma Merkezi , 2007

(3)  أرسـلـت لي الأديـبـة الـكـبـيـرة مي مـظـفّـر بـكـلّ هـذه الـمـعـلـومـات الـقـيّـمـة.

(4) أنـظـر مـقـالي : خـارطـتـان لـمـديـنـة بـغـداد 1929 و1933

(5)   ” يـوم في بـغـداد” الّـذي نُـشـر في سـلـسـلـة “كـتـاب في جـريـدة” عـدد 128 ، ص. 12.

©حـقـوق الـنّـشـر مـحـفـوظـة لـلـدّكـتـور صـبـاح كـامـل الـنّـاصـري

يـرجى طـلـب الإذن مـن الـكـاتـب قـبـل إعـادة نـشـر هـذا الـمـقـال.

 

 

 

نُشرت بواسطة

alnasserys

صـبـاح الـنّـاصـري، دكـتـور في الآداب، مـقـيـم في مـنـطـقـة الـنّـورمـانـدي في فـرنـسـا

10 رأي حول “مـحـلّات أوروزدي بـاك في بـغـداد”

  1. ذكرتني بالماضي الجميل …سبحان الله كل شئ جميل في هذا البلد اندثر بل تدمر وأحترق على يد الأشاوس. كانت مكتبة مكنزي قريبة من أوروزدي. كذلك ذهبت طي التأريخ وغيرها وغيرها الكثير….المهم بل والأهم أن الأنسان قد ضاع ومعه ضاع كل شئ.
    قال المرحوم محمد فاضل الجمالي ” لماذا ثرتم علينا العام 1958؟ ألم تكونوا تعيشون بطمأنينة؟ ماذا فعلنا كي تثوروا علينا؟ إنكم تنالون جزاءكم الآن. هل فعلنا ما فعله غيرنا بكم؟ لقد عملنا بكل إخلاص وتفان من أجل شعبنا ووطننا وأعددنا الخطط ووضعنا برامج الإصلاح وأنشأنا مجلس الإعمار لبناء العراق وشرعنا في البناء، واتبعنا سياسة خارجية متوازنة مع جميع الدول، وكسبنا ود الشعوب والحكومات. ولم تدعونا نكمل الطريق فانقلبتم علينا.”
    للأسف …على أية حال شكرا لك أخي العزيز ولجهدك الرائع
    كل عام وأنتم بخير 2017

    Liked by 1 person

    1. ،الدكتور صباح الناصري ،صباحك وصباح القراء الكرام بألف خير، موضوعكم عن اوروزدي پاك حمل الي عبق الماضي الجميل الذي ولى من غير، لكن مأسوف عليه؛حيث لم يطلع الجيل الحالي على فخامة العراق وخاصةً بغداد الحبيبة التي طالتها أيادي الشر بالتخريب، والحرق.
      وأود أن أشير هنا الى موضوع في منتهى الطرافة حيث لم يكن الدخول مسموحاً لمن لا يرتدي البنطال والقميص بالنسبة للذكور. ذات يوم من العام ١٩٦٧ذهبت للاوروزدي پاك لاشتري لأخي الأكبر مني (تي سكوير) وكان آنذاك طالباًفي كليةالهندسة،فدخلت كالعادة وأنا ابن الثامنة عشرة متوجهاًالى قسم القرطاسية؛ ووجدت ما أبحث عنه، فسحبته، ولم أدري بأن المعروض للعرض فقط، ولم يقف الأمر عند ذاك بل حدث أن سحب التي سكوير معه أغراضاً معروضة بجانبه مما جعلني اسحب وبقوة له مما جعل بقية الأغراض تتساقط على الأرض محدثةًجلبة كبيرة؛ فلقد كانت من البورسلان والفرفوري. مما استرعى انتباه الجميع، فجاء المكلف بالجناح المخصص وطلب مني أن أتوجه للإدارة، وبدون تردد اتجهت معه للإدارة في الطابق الأول، وهنا كنت ارتجف مما يمكن أن يحدث، فسأل المدير عن الأمر، فقال الرجل، الأخ تسبب بكسر الكثير من المواد المعروضة، فأجاب المدير (اطلع ابني مع السلامة، ودير بالك مرة ثانية، وأنت ايها العامل عليك دفع الخسائر لأنك لم تنتبه لعملك، فخرجت غير مصدق، وفرح في نفس الوقت.
      وهناك أمرٌ أحزنني عندما حدث حريق في السبعينات من القرن العشرين التهم المحل بأكمله، وأحزنني أكثر عندما رأيت في عام ألفين وسبعة عشر البناية مظلمةً ويحاولون تقسيمها إلى (دكاكين)…..
      بوركتم لهذا المقال الجميل عن الزمن الجميل
      فاروق عبدالجبار

      إعجاب

      1. أسعدني أنّ الموضوع أعجبك يا أستاذ فاروق، وأشكرك على كلماتك الطيبة وعلى سرد الحادثة الممتعة بأسلوب مشوق. ودمت.

        إعجاب

  2. عزيزي الدكتور الناصري ، شكرا على هذا المقال الجميل الذي يوثق تأريخ هذه الشركة العريقة. لقد عملت في هذه الشركة منذ 1971 وحتى 1981 ، لذلك وددت إضافة بعض الآراء التي قد تضيف شيئاً لما تفضلتم به:

    قدر تعليق الأمر باسم الشركة : (تعقيب: لم يتم تغيير اسم الشركة من أوروزدي باك إلى شركة المخازن العراقية عند بيعها في مطلع الستينات بل تم ذلك بعد تأميمها في منتصف الستينات حيث أصبح اسمها لاحقاً (شركة المخازن العراقية – أوروزدي باك) وبقي كذلك لمدة بعدها تم رفع اسم اوروزدي باك في بداية السبعينات من الإسم وبقى اسمها الرسمي هو شركة المخازن العراقية فقط لكن البغداديون والعراقيون ظلوا يسمونها: أوروزدي).

    بالنسبة للأقسام والبضائع التي كانت الشركة تسوقها ، كان هنالك أقسام لمواد التجميل والعطور وكذلك قسم للمشروبات الروحية.

    تعقيب آخر: تم تأميم اوروزدي باك ضمن قرارات التأميم التي صدرت في 1964 وليس في بداية السبعينيات كما تم ذكره. وبدأت الشركة الجديدة التي أصبح اسمها الرسمي شركة المخازن العراقية بالتوسع في فتح فروع لها ليس في كل محافظات العراق والأقضية فقط بل في مناطق نائية وسياحية مثل مندلي ومصيف سرسنك وشقلاوة. كما فتحت فروعاً لها في بعض المجاميع السكنية ، مجمع الأقسام الداخلية للطالبات في الوزيرية مثالاً. وأزدادت وتنوعت شعب البيع في بعض تلك الفروع لتلبية حاجات معينة تقع ضمن أختصاصات شركات حكومية أخرى مثل بيع الصحف والمجلات ، الخضروات والفواكه واللحوم. كما أفتتحت الشركة معرضاً متخصصاً بالأثاث في منطقة المنصور وآخر للسجاد في شارع الرشيد. بعدها أفتتحت الشركة أول سوق مركزية لها في منطقة المنصور بعد تحويل منطقة أسطبلات سباق الخيل في حي دراغ إلى مجمع تسويقي كبير وهو الاسواق المركزية في المنصور. وبالنظر لكثرة عدد الفروع فقد تم تأسيس مديرية خاصة لإدارة الفروع الداخلية وأخرى لإدارة الفروع الخارجية ، وكلاهما يتبعان لمعاون مدير عام لشؤون الفروع.
    لابد من الإشارة إلى أن عدد من الشركات التجارية الجديدة قد تم أنشاؤها من شركة المخازن العراقية منها ، الشركة العامة للاقمشة والمنسوجات والسجاد ، الشركة العامة لتجارة الأجهزة الدقيقة. كل هذه الشركات مع شركة المخازن العراقية ، والشركة الأفريقية العراقية ، ومصلحة المبايعات الحكومية كانوا يتبعون المؤسسة العامة لتجارة السلع الإستهلاكية التي تتبع بدورها وزارة التجارة.

    وأخيرا ، حول تأسيس الأسواق المركزية: بعد أن تم تأسيس المجمع التسويقي في المنصور والذي سمي بالأسواق المركزية في المنصور ، باشرت الشركة بتأسيس مراكز جديدة منها واحداً في بغداد الجديدة بأسم مجمع أو أسواق الثلاثاء وآخر في البصرة وفي الموصل وكركوك وهكذا. من هنا نشأت فكرة تأسيس “الشركة العامة للأسواق المركزية والأسواق الحرة التي أرتبطت بالمؤسسة العامة لتجارة السلع الإستهلاكية وذلك في بداية الثمانينيات وكانت المرحومة سعاد العمري أول مدير عام لها بالوكالة وكنت مديراً لحساباتها المالية لفترة قصيرة قبل مغادرتي العراق.

    مع تقديري

    علاء مهدي – سيدني – أستراليا

    إعجاب

  3. شكرا لهذه المعلومات الثرية والمتميزة…..عن جانب من اسواق بغداد في الزمن الجميل….وناسف لمايحصل اليوم من تدهور في كل مجالات حياتنا…..ومن ضمنها اسواقنا….وكما ازيلت الاوزدي باك….. ايضا اهملت الاسواق المركزية بعد عام 2003 ..التي يمكن الاستفادة منها بدلا من بناء الموالات السيئة البناء وتؤجر محلاتها باسعار خيالية….الان يبنى مول الشعب في منطقة الشعب مقابل بناية الاسواق المركزية المهجورة…وعندما تراهم يتبادر الى ذهنك ….لماذا هذا المول الجديد….مع وجود هذه البناية المتميزة الاسواق المركزية التي يمكن للدولة ان تعيد نشاطها وتوفر فرص عمل للشباب ……هذه حالة من الحالات التي تعكس لنا واقع الفساد الاداري في حكومتنا

    إعجاب

    1. سبق لي العمل في أوروزدي باك (مدير حسابات ثم مدير فروع) ، بعدها مدير تسويق ثم مدير تأمين وتعويضات في الشركة العامة للأجهزة الدقيقة وأخيراً مدير حسابات في الشركة العامة للأسواق التجارية والأسواق الحرة ، هكذا كانت التسميات في حينها. أذكر ان الأسواق التجارية كانت فكرة رائدة في نهاية الثمانينيات حيث لم يكن العراقيون قد أعتادوا مثل ذلك النظام التسويقي المتطور حتى أنني اتذكر أن بعض شعب البيع في مركز المنصور وفر عربات للتسوق وكانت حديث المواطنين في حينها. كانت الشركة تسوق لكل طبقات الشعب وبأسعار رخيصة ومناسبة ومعتدلة فيها توازن من أجل المحافظة على منافسة شريفة مع المنتوج الوطني. لكن كما يبدو كل هذا التطور لم يكن يتناسب ونية الفاسدين لذلك تم أهمال هذه الأسواق وتأسيس مولات وشركات تجارية تستنزف قوت المواطنين وتثقل عليهم لتزداد أرصدة السراق والفاسدين على حساب المواطنين. مودتي

      إعجاب

  4. الأرض التي تم إنشاء مبنى الاورزدي باك الجديد في الخمسينات كانت وقف عائد لعائلة قرة علي (المالكة للمنطقة المجاورة على نهر دجلة) وتشمل مدرسة قرةعلي الدينية وجامع سيد سلطان علي و تمتد بيوت العائلة حتى المقهى البرازيلية.. و أخذها اورزدي باك مساحة لمدة ٢٥ سنة تعود بعدها ملكية البنية إلى الوقف و بعد تاميمه تحايلت الدولة وقبل انتهاء مدة المساحة على إجبار الورثة على بيع المبنى وارضة (وهو مخالف لتعليمات الوقف) بمبلغ زهيد بقوة السلطة.. لغرض التوضيح أحببت إضافة المعلومة التي لم يطرق لها الموضوع

    إعجاب

أضف تعليق